“خاص – وطن ” – بيروت
على وقع فشل بورصة الأسماء المرشّحة، والتوريث الإقطاعي السياسي، وتوافق الفرقاء السياسيين اللبنانيين ترشح الرجل الأقرب لنظام عائلة الأسد “وأبرز حلفاء حزب الله واحد أذرع الجنرال “ميشال عون” ، وبرزت تسمية السياسي البرلماني سليمان فرنجية رئيساً جديداً للجمهورية خلفاً للرئيس السابق “ميشال سليمان” لإنهاء أزمة رئاسة لبنان، بعد أن فشل مجلس النواب للمرة الثانية والثلاثين في انتخاب رئيس جديد للبلاد نتيجة الانقسام الحاد بين الكتل السياسية.
17 شهراً غيبّت معها النزاعاتُ السياسية البرلمانية اللبنانية ملء الفراغ الرئاسي ، جرّاء تعمق انقسام النواب إلى مجموعتين أساسيتين: قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله ودمشق والمدعومة من الغرب والسعودية، وأبرز أركانها الزعيم السني “سعد الحريري”، وسمير جعجع المسيحي الماروني الذي سطع نجمه مؤخراً بتسميته المرشح لرئاسة الجمهورية، وقوى 8 آذار المدعومة من دمشق وطهران وأبرز أركانها “ميشال عون” الذي يُطلق عليه زعيم حزب الله المسيحي الماروني والذي أدى الخلاف السياسي إلى رفضه المنصب الرئاسي.
وبوجود كتلة ثالثة صغيرة في البرلمان مؤلفة من وسطيين ومستقلين، أبرز أركانها الدرزي “وليد جنبلاط” الذي رشّح النائب “هنري حلو” للرئاسة، مقدماً إياه باعتباره الخيار المعتدل ، غيبت معها عدم تملك أي من الكتلتين النيابيتين الأغلبية المطلقة.
ولعل تسميه “سليمان فرنجية” بصفته شخصية توافقية بين فرقاء الداخل والخارج اللبناني، أثار جدل مطلعين في الشأن اللبناني خاصة وأنه مرشح رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري لرئاسة لبنان، لقرب الأول من نظام دمشق، خاصة وان الأخير عُرف بالخصم السياسي لعائلة الأسد في أعقاب حادثة مقتل والده رفيق الحريري 2005 بحادثة توجهت فيها أصابع الاتهام للرئيس السوري بشار الاسد وحزب الله.
وأدرجت هذه الخطوة غير المتوقعة من الحريري الابن أبرز زعماء قوى 14 آذار والمعادي بشدة للنظام السوري، تجاه الفريق الخصم على هامش الجلسة تمحورت حول ترشيح فرنجية المفاجئ الذي برز إلى الضوء قبل أسبوعين بعد لقاء بينه ورئيس الحكومة السابق “سعد الحريري” في العاصمة الفرنسية باريس، وُصفت ضمن إطار محاولة للتوصل إلى تسوية للازمة الرئاسية عن طريق اختيار فرنجية.
وجاءت تسمية رجل دمشق سليمان “الابن” رئيساً توافقياً لرئاسة لبنان من صلب عائلة الرئيس سليمان الجد المسئول الأول عن استدعاء القوات السورية الدخول إلى لبنان، بعد أن رجّحت كفة الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في الحرب الأهلية الدائرة هناك عام 1970، ما فتح الأبواب على مصراعيها لنفوذ النظام السوري في البلاد بحكم العلاقة الوثيقة التي كانت تربط بين الرئيس سليمان بحافظ الأسد، الذي وجد في هذا التدخل فرصته للانقضاض على لبنان، بوصفه الخاصرة الرخوة للنظام من جهة، ومن جهة أخرى لتعزيز نفوذه ودوره كلاعب إقليمي في معادلات المنطقة.
ولعب عُرف المحاصصة السياسية في لبنان في انحصار رئاسة الجمهورية بالطائفة المارونية التي ينتمي لها سليمان الرئيس المنتظر، هو السياسي اللبناني المنتمي إلى عائلة الرئيس الجد سليمان فرنجية المؤسس الأول لتيار المردة في أعقاب اغتيال والده النائب والوزير طوني فرنجية.
في منتصف ثمانينات القرن الماضي سطع نجم فرنجية سليمان بالساحة السياسية وبالتزامن مع اشتداد الحرب الأهلية اللبنانية، عمل ظهوره الأول على تدعيم علاقاته مع نظام دمشق، وكان من أبرز المشاركين في مؤتمر الطائف السعودي الذي انتهى بخارطة طريق، عرفت باتفاق الطائف لإنهاء الحرب الأهلية الطويلة.
وفرض اتفاق الطائف تكليفه كـ أصغر برلماني لبناني لأول مرة مطلع التسعينيات ، ثم انتخب نائباً لأول مرة عام 1992، لتعاود عضويته البرلمانية 1996 قبل أن يخسر معركته النيابية 2005 ، وقبل ان تتكفل انتخابات 2009 بعودته مجدداً للساحة البرلمانية.
ويعد سليمان السياسي والصديق المقرب للرئيس السوري بشار الأسد، إذ ارتبط بصلة وثيقة مع العائلة الحاكمة في سوريا نظراً للعلاقة التاريخية بين عائلتى الأسد وفرنجية منذ تولي حافظ الأسد الرئاسة في سوريا، ورُصد مساهمته في إنجاح ترشيح وتسمية مرشح نظام دمشق للرئاسة اللبنانية “رينيه معوض” الذي اتهمت المخابرات السورية في لبنان باغتياله لخروجه عن بيت الطاعة “الأسدية”.
وشغل سليمان فرنجية مناصب حكومية سياسية متعددة حرص خلالها على عدم مغادرة دائرة تحالفاته مع قوى 8 آذار لكنه بدا في مواقفه أقل تطرفاً من مواقف الماروني الحليف العماد “ميشيل عون”، ما فرض ترقبه بمثابة رئيس توافقي، في أعقاب دوره المتوازن سياسياً بين قوي “14 آذار”، و ” 8 آذار” ، بعقلية استطاع معها أن يوفّق بين موقعه الثابت مع الاخيرة واستعادة علاقته بالآخر بصورة بات يطلق عليها إعادة التموضع بين أبرز الخصوم السياسيين على الساحة اللبنانية.
ويقر العارفون بالتركيبة اللبنانية أن فرنجية على عكس حليفيه حزب الله والجنرال ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر، ينتمي إلى فصيلة قوى النظام في حين يقع حلفاؤه خارجها تماماً، بصورة أقرب إلى الرئيس “نبيه بري” والدرزي “وليد جنبلاط”، منه إلى هوية حلفائه.
واستنادا إلى العُرف السياسي في لبنان، فإن رئاسة الجمهورية هي من حصة الطائفة المارونية، ومنذ انتهاء ولاية سليمان، تتولى حكومة مؤلفة من ممثلين من أغلبية القوى السياسية، صلاحيات الرئيس.
وتعرّض لبنان لهزات أمنية متتالية ناتجة عن تداعيات النزاع في سورية الذي ينقسم اللبنانيون حوله بين داعم لحكومة بشار الأسد، وهم إجمالاً من مؤيدي حزب الله وحلفائه، ومتحمس للمعارضة وهم من مؤيدي قوى 14 آذار.