“وكالات- وطن”- قال محمد منتصر، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن الجماعة تمر بمرحلة تاريخية فارقة على المستويين التنظيمي والسياسي، وإن هذه المرحلة دفعت بها لتغييرات “داخلية وحركية” لكي تستطيع مواجهة التحديات التي تقابلها منذ “الانقلاب العسكري” 3 يوليو/تموز 2013.
وفي حوار مع “الأناضول”، أوضح منتصر الموجود في القاهرة، أنه يوجد بالفعل خلاف في وجهات النظر داخل الجماعة حول بعض القضايا، ولكنه وصف هذا الخلاف بـأنه “خلاف تنوّع”، وأن إدارة الجماعة الحالية “تسعى بالفعل لاستيعاب كل الأفكار التي يطرحها الشباب والشيوخ داخل التنظيم، ومن كل وطني مخلص”.
وكانت جماعة الإخوان قد عيّنت في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، محمد منتصر، وهو اسم مستعار لأحد الكوادر الشابة بالجماعة المحظورة من قبل السلطات الحالية، ليكون متحدثاً إعلامياً باسمها، ومعبراً عن مواقفها السياسية.
الانشقاق غير وارد
وقلّل منتصر، من احتمال وقوع انشقاق داخل “الإخوان”، وقال: “مادامت المبادئ واضحة، والأشخاص تلتقي على المبادئ، فلا خوف على وحدة الجماعة، وإن الهياكل التنظيمية وأساليب التحرك هي أمور تخدم الأهداف، وهي تُختار وتتغير وتتطور بحسب الأوضاع والظروف المحيطة”.
وعدّد المتحدث باسم “الإخوان” بعض الأسباب التي من الممكن أن تولّد الخلاف، ومنها “اختلاف الرؤى بين القيادات الموجودة حول قراءة المشهد، وكيفية الخروج منه. واختلاف الأجيال والبيئات والثقافات، بالإضافة للاحتياطات الأمنية التي اتخذتها الجماعة لكي تحمي أفرادها وقياداتها، وهذه الاحتياطات تسببت في فقدان التواصل المتكرر بين الكتل التنظيمية، فضلاً عن عمليات الاعتقال المتكررة بين صفوف القيادة”.
خلاف حول منهج العنف
وحول ما أشيع عن تشكيل الجماعة مكتباً مؤقتاً لإدارتها لحين انتخاب مجلس شورى ومكتب إرشاد جديدين، قال منتصر: “هذا أمر صحيح تنظّمه لوائح الجماعة، والإدارة الحالية لها صلاحيات كاملة في إدارة الجماعة، واستكمال هيئات الجماعة (مجلس شورى ومكتب إرشاد) أمر واجب إذا ما أمكن تنفيذه، فلابد للجماعة بعد تغيير قيادتها باستمرار كي تكون قادرة على إفراز قيادات جديدة بشكل صحيح ومناسب، وهو أمر يجري ويتم باستمرار”.
وكانت جماعة الإخوان قد شهدت خلافاً بين قيادتها، ظهرت بوادره في منتصف مايو/أيار الماضي، وتمحور الخلاف حول موقف الجماعة من السلمية والعنف تجاه السلطة الحاكمة.
مصر تقترب من الثورة
وعن رؤية الجماعة للمشهد على الساحة المصرية، أوضح المتحدث أن مصر “تعيش حالة تقترب ربما من أجواء ما قبل ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011″، ولكن المتغير – بحسب وصفه – أن مصر باتت تعيش “حالة ثورية حقيقية”، وأن ما وصفها بـ”منظومة القمع والقتل والفساد والإفقار” المستمرة تعجّل بـ”انتفاضة شعبية” على جميع الأصعدة.
ورأى منتصر أن جماعته التي وصفها بـ”الـثورية الشعبية المدنية” جزء من أي حراك حقيقي ضد سلطة ما سمّاه “الحكم العسكري”، وأن الجماعة ستتعاون مع كل “المخلصين” لتوسيع نطاق الثورة بين قطاعات أكبر من الشعب المصري والعمل على تحرير إرادة المجتمع.
انتقاد الداعمين للسيسي
وهاجم المتحدث باسم الجماعة دولاً وأنظمة – لم يسمّها – لدعمها السلطة الحالية في مصر، وبحسب كلامه، قال إن قطاعاً من النظام الدولي لا يزال متمسكاً بعبدالفتاح السيسي (الرئيس المصري)، أو على الأقل ليست لديهم رغبة ملحة حالياً في تغييره، في ظل ما يقدمه لهم من تنازلات اقتصادية وأمنية نظير بقائه في الحكم.
وكانت السلطة في مصر تحت قيادة السيسي، خلال عام ونصف العام الماضية، عقب توليها السلطة يونيو/حزيران 2014، قد تعرضت لهزات متكررة، على الصعيدين الأمني والاقتصادي، ودفعت بعدد من مؤيدي السلطة لانتقادها بشكل لاذع وعلني.
ووصف منتصر “الحكم العسكري” في مصر بأنه “عصابة”، وأن المسؤولين العسكريين يتعاملون مع المواطنين على هذا الأساس، فيبتزّونهم مقابل وعود الأمن والرخاء الاقتصادي التي لا تحقق، ومن خلال هذه الادعاءات يقومون بإعادة إنتاج أنفسهم حكاماً للبلاد، مستفيدين من المتغيرات المحلية والإقليمية، كما يفعل بشار الأسد في سوريا، “ولكن هذا لن يستمر بأي حال من الأحوال، والشعوب الحرة قادرة على إنجاح ثوراتها وإزاحة الطغاة”، حسب تعبيره.
الحراك الثوري بدأ يعود
وأكد المتحدث باسم الإخوان أن الضربات الأمنية الكثيفة، منذ وقوع “الانقلاب” قبل عامين، بالإضافة لعمليات القتل والمطاردة، أثّر سلباً على الحراك الثوري الرافض لـ”الانقلاب”، ولكنه لم يوقفه، وأنه تمت إعادة تقييم الفترة الماضية، لتلافي السلبيات، وأن الملاحظ منذ شهر تقريباً ارتفاع جديد للحراك الثوري، وانضمام شرائح جديدة له، فضلاً عن إقرار الجماعة سلسلة من الإجراءات الثورية، التظاهرات جزء منها وليست كلها.
دعوات المعارضة
وحول ما أطلق عليه مؤخراً تسمية دعوات “اصطفاف” القوى السياسية المعارضة قبل ذكرى ثورة يناير المقبلة، أوضح منتصر أن الجماعة “مع أي دعوة صادقة لإعادة مكتسبات الثورة (يناير 2011) من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، بما يضمن إنهاء الانقلاب، وعودة محمد مرسي رئيساً ممثلاً لإرادة منتخبة يمكن الارتكاز عليها في أي تحوّل حر يقره المصريون لاحقاً عبر الطرق الديمقراطية المعتبرة، تحوّل تُجدّد عبره شرعية مرسي أو يتم اختيار بديل عنه رئيساً جديداً للبلاد، بشكل حر دون تغوّل العسكريين ووصاية أصحاب المصالح”.
ملف المصالحة
وعن إمكانية حدوث مصالحة بين الجماعة والسلطة الحالية، قال المتحدث إن هذا “لن يحدث، فنحن لا نضع أيدينا في يد عصابة”، وإننا – الكلام لمنتصر- “لن نساوم على الثورة والشهداء والمعتقلين، وإن الجماعة وغيرها من الوطنيين لن يعطوا شرعية لهذا النظام، حتى وإن كلفنا ذلك حياتنا”.
واعتبر منتصر أن قرارات الإعدام والأحكام المغلّظة بالسجن بحق الرئيس مرسي والمرشد العام للجماعة وكوادر التنظيم وأفراده، “محاولة للضغط على الجماعة للقبول بالأمر الواقع، والرسائل التي تصل من السلطة العسكرية بهذا الشأن واضحة، وتتعامل الجماعة معها بجدية”.
وحذّر المتحدث باسم الإخوان من خطورة تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، مشيراً إلى أن “تغيير هذه السلطة الحاكمة أمر بات حتمياً، وتغييرها يخصّ كل الشعب المصري وليس الإخوان فقط”، على حد قوله.
صناعة الخوف
واتهم منتصر النظام الحالي في مصر بصناعة العنف، إما بـ”إرهاب المواطنين”، أو بقمع المعارضين الذين بدأوا “يكفرون بالحلول الديمقراطية”، أو بدفع البعض لاستخدام العنف للدفاع عن أنفسهم من بطش السلطة.
وحول اتهام السلطة للإخوان باستخدام العنف، قال منتصر إن جماعته ليست حركة مسلحة أو جيشاً نظامياً، وإنها باتت تعرّف نفسها حالياً بأنها “حركة إسلامية شعبية تدير منظومة كفاح ثوري لرفض الانقلاب والحكم العسكري، وتعمل على تقوية المجتمع وإخضاع مؤسسات الدولة بالكامل لإرادة المواطنين وحكم الدستور والقانون”.
تدمير مصر
وبحسب ما قال منتصر، فإن الجماعة ترى أن السيسي ونظامه يقومان بـ”تنفيذ خطة لتدمير مصر، والإضرار بأمنها القومي، بعزل سيناء وتهجير أهلها، والإمعان في إفقار الصعيد، وتمكين رجال الأعمال والجيش من رقاب الفقراء، بالإضافة لافتعاله أزمات مع دول الجوار العربية الشقيقة في فلسطين المحتلة وليبيا والسودان، فضلاً عن فشله الواضح في أزمة سد النهضة، وترسيم الحدود البحرية بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني، ومعاونة نظام الأسد وروسيا في قتل الشعب السوري، وبيع مقدرات الوطن لدولة الإمارات والدول الغربية”.
علاقة الجماعة بأميركا والسعودية
وحول علاقة “الإخوان” بالولايات المتحدة الأميركية والسعودية في الوقت الحالي، أشار المتحدث إلى أن الجماعة ترصد تطور أداء السياسية الأميركية، وتوجهها الاستراتيجي لتقليل تواجدها المباشر في المنطقة مع السماح لقوى إقليمية أخرى بمدّ نفوذها فيها.
أما عن السعودية فقال منتصر: “نحن لا نعادي أحداً، ونريد من الجميع أن يكونوا على قدر اللحظة التاريخية التي تمر بها الأمة، وإن قوة مصر واستقرارها بحكم رشيد ديمقراطي هو ضمانة للأمة العربية وسلامتها”.