حذرت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية من الدعوات المتصاعدة في الدول الغربية حول شن حرب واسعة النطاق ضد تنظيم الدولة الاسلامية داعش في سوريا, مشيرة إلى أن تلك الدول لا تكترث بالمدنيين السوريين الذين تم تعذيبهم وقتلهم على مدى خمس سنوات على يد نظام الرئيس بشار الأسد وحلفائه.
وأوضحت الاندبندنت أن أي عمل عسكري جديد بالشرق الأوسط سيزيد الأمور سوءا للغرب والشرق معا، وسيعطي الفرصة للمتطرفين لتجنيد المزيد من الشباب الناقم على سياسات الغرب في العالم الإسلامي، حيث إن التنظيم يعتمد على فكرة الحرب الصليبية والحكومات الغربية تساعده في هذا الصدد لأنها ابتعدت عن المنطق تماما وركزت فقط على الثأر بعد هجمات باريس الإرهابية.
وانتقدت الصحيفة بشدة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والمقربين منه الداعين إلى الحرب، واتهمتهم بأنهم لا يكترثون للمدنيين السوريين، وكل ما يسعون إليه هو استعراض العضلات والرد على عنف لا يستطيعون السيطرة عليه بالمزيد من العنف.
ونقل مقال للمفكر الفرنسي جان دانيال، نشرته صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية في 29 نوفمبر، أن التدخلات العسكرية الغربية في العالم العربي المسؤولة عن انتشار الإرهاب والتطرف، منتقدا الأصوات المتصاعدة في الغرب التي تربط أفعال تنظيم الدولة “داعش” بالدين الإسلامي، وهو أمر غير صحيح.
وأضاف المقال أن ما يحدث بتنظيم داعش يختلف عن منفذي هجمات سبتمبر، حيث إنه لم تتوفر فيهم هذه الدوافع الاجتماعية، بل كانوا فقط يبحثون عن الآخرة، ويؤمنون بأن ما يفعلونه سيوصلهم إلى الجنة”، مشيرا إلى أن هناك أيضا الماضي الاستعماري الفرنسي، حيث شن نابليون حملة عسكرية على مصر، كما فرضت أيضا تقسيم سوريا والعراق خلال اتفاقات سايكس بيكو التي وقعت في 1916، وهو تقسيم قسري لا تزال المنطقة تدفع ثمنه حتى الآن، الأمر الذي خلف شعورا بالمرارة، لا يزال قائما إلى حد الآن، كما أن حالة الانهزام والأزمة التي تعيشها بعض الدول المسلمة، تسببت في نشأة تيار جديد انحرف نحو العنف والتطرف، مطالبا الغرب بالتوقف عن التدخلات العسكرية في العالم الإسلامي.
واستطرد ” تنظيم الدولة ليس جيشا نظاميا بل يتكون من محاربين كالعصابات تقسم إلى مجموعات، فلا يمكن مواجهته بالقصف الجوي”، راويا قصة له عندما تواجد بمناطق سيطرة تنظيم الدولة، تمت مهاجمة التنظيم بطائرة من دون طيار أمريكية، وأنه في ثوان ابتعدت سيارات عناصر التنظيم في اتجاهات مختلفة واختفى جميع المقاتلين.
وقام تودنهوفر في 2014 بجولة في أراضي تنظيم الدولة من الرقة السورية حتى الموصل العراقية بترخيص من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، حيث قام بعد ذلك بتأليف كتاب “عشرة أيام داخل الدولة الإسلامية”، وقد اشتغل قاضيا ونائبا برلمانيا واشتهر بلقاءاته مع رئيس تشيلي الأسبق أوجستو بينوشيه والمقاتلين الأفغان والرئيس السوري بشار الأسد.
وفي 16 نوفمبر وجه تودنهوفر رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للشعب الألماني قال فيها إن الحروب التي يخوضها الغرب ضد المسلمين هي سبب انتشار الإرهاب المتمثل بـ”داعش” في أوروبا وإن لا علاقة للإسلام بهذا الأمر.
واعتبر تودينهوفر أن ألمانيا لا يجب أن تقلق من انتقال الأعمال الإرهابية لديها، فألمانيا ليست فرنسا، قائلا: “فرنسا لها تحركات عسكرية في إفريقيا والشرق الأوسط، كما أن ماضيها الاستعماري معروف، إلا أن ألمانيا سلكت طريقا مختلفا ولا مبرر للقلق، كما أن الغالبية المطلقة من المسلمين في ألمانيا ينبذون الإرهاب والحركات الإرهابية مثل داعش”. ومعروف أن تودنهوفر سبق أن هاجم حركة “بغيدا” العنصرية، والتي ظهرت في ألمانيا مؤخرا، وتنادي بطرد المهاجرين الأجانب، خاصة المسلمين، واتهمها بأنها تلعب اللعبة نفسها التي يقوم بها “تنظيم الدولة”.