تحت عنوان “الإخوانفوبيا” كتب الكاتب السعودي حمد الماجد مقالة صحفية تطرق فيها إلى جماعة الإخوان المسلمين وكيف جعلها الإعلام المصري العدو الأوحد والخطر الأعظم لمصر والعرب والمسلمين جميعًا، وغيّب خطر إيران على المنطقة العربية.
الماجد استعرض في مقالته التي نشرت في صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أراء بعض الفنانين عن ما يحدث بالمنطقة :”قول للرئيس بشار: الله يقوّيك، ربنا معاك، بشار بيحارب مرتزقة ولا يحارب شعبه مطلقًا».. هذه ليست دعوات عطرات انطلقت من حنجرة سيدة سورية مقربة من الديكتاتور الدموي بشار الأسد، كما أنها أيضًا ليست صادرة من إعلامية سورية رهنت مصيرها مع مصير الأسد حياة وهلاكًا، هذا ما أدلت به الممثلة المصرية إلهام شاهين لقناة «الحياة» الفضائية مؤخرًا،
كما خطت حنان شوقي الممثلة المصرية الأخرى خطوة عملية في دعم المخطط الإيراني تمثل هذه الأيام في فيلم دعائي من إنتاج «الحشد الشعبي» العراقي، وهو ميليشيا شيعية إرهابية دموية متطرفة مرجعيتها العليا من النظام الإيراني. وحين سألتها الزميلة داليا عاصم في مقابلة نشرتها مجلة «المجلة» قالت الممثلة حنان شوقي، إن مشاركتها في الفيلم تأتي «كيدًا في جماعة الإخوان المسلمين، و(الحشد الشعبي) ليس شيعيًا، بل يمثل الشعب العراقي، وإن ما يقال عنهم من سوء ما هو إلا دعايات تبثها جماعة (الإخوان)”.
وتابع “هذه عيّنة عشوائية لما حلّ بشريحة كبيرة من المجتمع المصري بسبب الجرعة الإعلامية الكبيرة التي تلقّوها خلال السنتين الماضيتين، والتي جعلت من «الإخوان» العدو الأوحد والخطر الأعظم لمصر والعرب والمسلمين جميعًا، فأصبح الإعلام المصري يوالي من يعادي «الإخوان»، ويعادي من يواليهم أو يسكت عنهم، أو حتى يقابل أحدًا منهم.
قد يعترض بعض القرّاء على التعويل على ممثلتين من الوسط الفني، ولكنهما في الحقيقة «ممثلتان» لشريحة كبيرة في المجتمع المصري تأثرت من الجرعة الإعلامية التي أعطت «الإخوان» وخطرهم حجمًا بلغ حد اللامعقول، وصرف البلاد وعلماءها ومفكريها وكتّابها عن إدراك المهددات الحقيقية لمصر والمنطقة عسكريًا وفكريًا وعقائديًا”.
وأردف “يقود هذه الحملة الإعلامية عدد كبير من الإعلاميين المصريين من كتّاب ومذيعين في برامج الحوار ذات الجماهيرية العالية يتبنّون خطًا متسقًا في الطرح لا يرى إلا «الإخوان» خطرًا داهمًا على مصر والكون كله. وكان من الطبيعي أن يكون من مخرجات هذه الحملة الضخمة ممثلة من الوسط الفني تجعل من «الحشد الشيعي» الإرهابي الذي أثبتت الوقائع المصورة دمويته وعنفه وطائفيته وتشدده، عبارة عن مجموعة مسلحة محترمة، وجعلت من بشار الذي دمر مدنًا بأكملها وسوّاها بالأرض ببراميله المتفجرة وقتل من شعبه أربعمائة ألف، وهجّر الملايين يهيمون في البحار والصحارى يلتحفون السماء ويفترشون الثلج أو الرمضاء، جعلته زعيمًا وديعًا مسالمًا لا يقاتل إلا الإرهابيين، ولا يقاوم إلا المتشددين، لترفع الممثلة «المغيّبة» أكفّ الضراعة إلى الله أن «يقوّيه، والله معه».
وواصل “غاب عن هذه الشريحة «المغيّبة» أخطبوط النظام الإيراني الآيديولوجي الذي هزّ استقرار المنطقة بأسرها، فلم ينتبهوا لاحتلاله العراق، ولا لاحظوا سيطرته على سوريا، ولا انتبهوا لهيمنته على لبنان، ولا لفت نظرهم تمدده العسكري والآيديولوجي في اليمن، ولا حرّكهم شواغلة الحوثيين مخالب إيران الحادة للسعودية وتهديدهم لحدودها. أربع عواصم عربية سقطت في الحضن الإيراني، بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، سقوط واحدة منها كفيل بأن يحدث دويًا هائلاً،
ومع ذلك ما لاحظوا غير خطر «الإخوان»، ولا انتبهوا إلا لتهديد «الإخوان». تشيّع آلاف المصريين، وربما عشرات الآلاف بفعل عمل آيديولوجي إيراني منظم ومدعوم بخزانة إيرانية بلا أقفال ولا حتى باب، مما يهدد الوحدة المذهبية التي اشتهر بها مسلمو مصر 100 في المائة سُنة. أقول «اشتهر» فعل ماضٍ؛ لأن النظام الإيراني فعلاً نخر في هذه النسبة المتناغمة بهدوء ومكر وثبات، ومع ذلك يظل «الإخوان» الخطر الأوحد. غرز النظام الإيراني مخالبه فيعدد من دول منطقة الشرق الأوسط عبر ميليشيات عسكرية سرية وأثبتته مضبوطات الأمن في الكويت والبحرين، هذه المضبوطات العسكرية الضخمة التي أجمع من شاهدها على أنها تتعدى محاولة عصابات زعزعة الأمن إلى الاحتلال الحقيقي لتلك البلدان، ومع ذلك يظل «الإخوان» الخطر الأوحد والأكبر”.
واختتم الكاتب السعودي مقاله بـ”من المقبول في عالم الصراعات السياسية، أن يحاول كل خصم تحجيم منافسه، كما تفعل بعض الحكومات مع «الإخوان»، فهم قوة منافسة ومؤثرة، لكن من الخطأ الانشغال بـ«الإخوان» عن المهددات التي تنخر في المنطقة، وأخطرها على الإطلاق التغلغل الإيراني في المنطقة.