“إخفاء قسري.. قمع للمعارضة.. التضييق على أسر المعتقلين”.. تعددت المسميات والانتهاك واحد، حيث يواصل الأمن الإماراتي الانتقام من النساء وذوي المعتقلين متبعا الأساليب السابق ذكرها، وهو الأمر الذي هاجمه النشطاء واعتبروه عار وانهدام للأخلاق وافتقاد للأمن وجريمة جديدة في سجل الانتهاكات بالإمارات.
وتاريخ ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، ملئ بالانتهاك بحق النساء، فقد اعتقلت السلطات الإماراتية زوجة الناشط الحقوقي محمد صقر الزعابي في 2014، واعتقلت الشقيقات الإماراتيات الثلاث “أسماء ومريم والبازية” شقيقات سجين الرأي د.عيسى السويدي، المعتقل منذ منتصف عام 2012 بتهمة الانتماء لتنظيم سري، ومؤخرا اختطفت ثلاثة من أبناء العقيد ركن محمد العبدولي، الذي أشرف بنفسه على تحرير مطاري تفتناز، والجراح بسوريا قبل أن يُستشهد بداية عام 2013.
واتهم نشطاء إماراتيون السلطات الإماراتية باختطاف ثلاثة من أبناء العقيد ركن محمد العبدولي، وقال حزب الأمة الإماراتي المعارض الذي كان “العبدولي” أمينًا له، إن رجال أمن بلباس مدني اقتحموا منزل العبدولي بقرية الطيبة بإمارة الفجيرة، واعتقلوا ثلاثة من أبنائه، وهم: “مصعب 25 عامًا، وهو مُسرَّح من الجيش الإماراتي بقرار أمني، وأمينة 33 عامًا تعمل معلِّمة، وموزة 18 عامًا، خريجة ثانوية عامة بنسبة 97 بالمئة”.
ودشن النشطاء بالإمارات هاشتاق “جريمة اختطاف بنات العبدولي” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، لفضح اعتقال أولاد “العبدولي” واختطافهم المستمر منذ ثلاثة أيام، مشيرين إلى أنه لم يتمكن أحد من التواصل معهم.
يذكر أن إسرائيل سبقت ابن زايد في الأنتقام من نساء المقاومين الفلسطينيين. والإمارات تسير على خطاها.
مطالبات بالضغط على “بن زايد”
وخرجت مطالبات حقوقية دولية بالضغط على الإمارات للإفراج عن بنات العبدولي، حيث أبدت منظمة هيومن رايتس فيرست تخوفها من تعرض فتاتين إماراتيتين وشقيقهن للتعذيب بعد اختطافهم من قبل جهاز أمن الدولة في (19) نوفمبر الحالي.
ودعت المنظمة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الضغط على ولي عهد أبوظبي، المفضل لدى واشنطن، للإفراج عن الأختين بنات العبدولي، والإدانة علناً للتعذيب الذي يمارسه جهاز أمن الدولة الذي يترأسه “بن زايد”.
وقال بريان دولي – مدير برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان في المنظمة الدولية – في مقال له بصحيفة هفنغتون بوست الأمريكية، إنها ليست الحادثة الأولى ففي فبراير هذا العام قامت الإمارات باختطاف الشقيقات الثلاث “أسماء، ومريم، واليازية” بعد استدعائهن لقسم شرطة في أبوظبي، ولم يفرج عنهن إلا بعد ثلاثة أشهر.
وأضاف “دولي”: أن اختطاف “أمينة و موزة” العبدولي وشقيقهن يأتي قبل أيام فقط من يوم المرأة العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي تم اختياره لإحياء ذكرى 25 نوفمبر 1960م بعد حادثة اغتيال الأخوات ميرابال. وأكد أنه لا توجد أي اتهامات لاختطاف الأختين، مشيراً إلى أن والدهم الراحل كان سجيناً سياسياً قبل عقد من الزمن، ويبدو أن أمن الدولة يعاقب أفراد العائلة لأن والدهم كان أحد المعارضين السياسيين، موضحاً إن هذه الحوادث ليست نادرة في الإمارات.
اعتقال امرأة على خلفية نشاط زوجها الحقوقي
وبالرجوع إلى تاريخ قمع الإمارات للنساء، يبدو أن التشابه واضح في طريقة تعامل جهاز الأمن الإماراتي مع النساء، فقد سبق أن اعتقل عائشة راشد الزعابي، في يناير 2014 بسبب أنها زوجة الناشط الحقوقي محمد يوسف الزعابي، المقيم حاليا في بريطانيا، وذلك دون إذن قضائي أو توضيح أسباب اعتقالها.
وأدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس جنيف، الاعتقال، واعتبر أن السلطات الإماراتية تتعامل منذ مدة مع حالات التعبير عن الرأي التي تتضمن انتقاداً للحكومة ولسياساتها بـ “خشونة مبالغ بها وباعتبارات أمنية غير مقبولة وفي إطار منافي لحقوق الإنسان”، مشيرًا إلى أن السلطات هناك “ما زالت تواصل سياسة الاعتقال التعسفي بشكل واسع دون مبرر من القانون”.
وقال المرصد الحقوقي الدولي، في بيان له حينها: إن زوجة الزعابي، والتي تبلغ من العمر 38 عاماً، كانت برفقة والدها إبراهيم الزعابي، ومعها طفلها أحمد الذي يبلغ من العمر أقل من عامين، حينما تم إبلاغها بأنها قيد الاعتقال عند نقطة حدودية مع دولة عُمان على طريق حتا (حدود الإمارات مع عُمان).
وقال “الزعابي” إن اعتقال زوجته جاء على خلفية نشاطه في حقوق الإنسان وتوثيق قضايا معتقلي الرأي في الإمارات خلال المدة الماضية، حيث ذكر أنه كان يعمل في الجهاز القضائي في الإمارات كوكيل نيابة، وتم إحالته للتقاعد في إبريل من العام 2012 قبل البدء بقضية ما عُرف إعلاميا باسم قضية “الـ 94 ناشطا”، والتي تخللها العديد من انتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة.
كما عمل سابقاً رئيساً لجمعية الحقوقيين الإماراتية، إلى أن تم الزج باسمه -حسب إفادته- في القضية وحُكم عليه بالسجن الغيابي لمدة 15 سنة. ومنذ ذلك الحين يقيم الزعابي في بريطانيا.
الشيقات الإماراتيات الثلاثة
وسيرا على نهج قمع النساء، قامت السلطات الإماراتية في فبراير الماضي، باعتقال الشقيقات الإماراتيات الثلاث “أسماء ومريم والبازية” شقيقات سجين الرأي د. عيسى السويدي المعتقل منذ منتصف عام 2012 بتهمة الانتماء لتنظيم سري، وهو مدير منطقة أبوظبي التعليمية سابقا.
ونشر الائتلاف العالمي للحريات والحقوق “انفوجراف” يشرح القضية، موضحا خلاله أن اعتقال الشقيقات جاء بعد تغريدة نشرتها إحداهن منتصف شهر فبراير الماضي، قالت فيها :”إنها اشتاقت لأخيها”، وتم استدعائهن لأحد مراكز شرطة أبو ظبي ليعتقلن بعد دخولهن، دون أن تعرف التهم الموجهة لهن، فضلا عن أنهن تم إخفائهن قسريًا منذ ذلك اليوم”.
وبين الانفوجراف أن هناك منظمات حقوقية دولية طالبت بالإفراج الفوري عن الفتيات ودعت السلطات الإماراتية إلى إيقاف قمع الحريات، مشيرًا إلى الحملات التضامنية التي شهدتها مدن لندن واسطنبول للمطالبة بالإفراج عنهن منددين باستمرار سياسية الإخفاء القسري.
وبعد ثلاثة أشهر من إخفائهن أفرجت السلطات الإماراتية عنهن في 15 مايو 2015.
وتعقيباً على قرار الإفراج، قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة: “ليس معروفاً أية ضغوط تعرضت لها الأخوات السويدي أثناء الاحتجاز، وما إذا كانت قد وجهت إليهن تهم بارتكاب أي جرم، أو إذا ما كان الإفراج عنهن قد تم بناء على أي نوع من الاشتراطات.
وأضاف: “ولكن ما هو واضح، مع ذلك، هو أنه ما كان ينبغي احتجاز هؤلاء النساء الثلاث أبداً في المقام الأول. وإذا لزم الأمر، سوف نواصل النضال على الساحة العالمية للدعوة إلى إسقاط جميع التهم والاشتراطات عنهن”، وتابع: “فالاختفاء القسري جريمة بموجب القانون الدولي. بل هو فعل تقشعر له الأبدان من أشكال قمع الدولة هدفه إسكات أفراد عائلات الناشطين من خلال احتجازهم لعدة أشهر، والحيلولة دون تواصلهم مع أحبائهم أو مع العالم الخارجي.
يشار إلى أن السلطات الإماراتية تعتقل 94 مواطنًا إماراتية، بعضهم أكاديميون يحملون درجات علمية عالية، بحجة “محاولة السيطرة على الحكم”، وهو ما نفاه المعتقلون.
عن “شؤون خليجية”