وعد الأحمد-وطن-خاص
عملَ نظام الأسد خلال السنوات الماضية من الثورة على تدجين الشعراء الذين كانوا في نظر الناس مثالاً للنقاء والجمال والحب ليتحولوا إلى كائنات متغوّلة تعشق رؤية الدماء والأشلاء وتدعو صراحة للقتل والإفناء، ومن هؤلاء الشاعر “نزيه أبو عفش” الذي أعلن صراحة انحيازه للنظام السفاح، وكتب مؤخراً قصيدة يقول فيها (مسامحة القتلة مسؤولية الله..أما إرسالهم الى الله.. فتلك مسؤوليتي) واستكمالاً لمواقفه المعلنة السابقة ضد الثورة السورية لجأ الشاعر نزيه ابو عفش إلى ما يشبه “التشبيح الشعري” في قصيدة أخرى بدت وكأنها تتمثل مقولة الشبيحة “الأسد أو نحرق البلد” يقول فيها:
يا ربَّ الأرضْ!
يا ربّ الشعراء، والحالمين، وفاقدي الأملْ!.
ربّ الخائفين، والثكالى، والطيرِ، وضِعافِ البهائمْ..
يا ربَّ الأرضْ!
إنْ لم تستطعْ إصلاحَها
اِجعلْها خراباً!
وفي صدد تعليقه على قصيدة “أبو عفش” الجديدة التي يحرض فيها على القتل علّق الأديب نجم الدين سمان لـ”وطن” إن نزيه أبو عفش اليوم إنسان يائس من كل شيء وهو في حالة يرثى لها داخلياً، وأضاف: “منذ زمن طويل لم أتواصل معه ولكنني أعرف أخباره”.وألمح سمان إلى أن أبو عفش لا يعمل عند النظام بل إن النظام اضطهده كثيراً لكنها فوبيا الأقليات من الإسلام السياسي.
وفي سياق قراءته لموقف “أبو عفش” من الثورة أوضح سمان أن أبوعفش: “لم يكن شاعراً يسارياً في يوم من الأيام ومن الطبيعي أن تتجلى في شعره-مسيحيته وبخاصة أنه يعاني طوال عمره من آلام الشقيقة ويعتبر ذلك كمعاناة المسيح إضافة للفقر الشديد الذي كان فيه، وللتهميش الذي عاناه من السلطة البعثية الأسدية”
وأردف محدثنا: “ما يحزنني أنه لم يقف مع السوريين في ثورتهم، كان الأولى به كإنسان وكشاعر أن يقف معها ولينتقد أخطاءها كما يشاء بعد ذلك”. وتابع سمان قائلاً: “الشعر.. حرية، ولا أدري كيف فقد نزيه توازنه الداخلي؛ إلى درجة أن ينذر بالخراب في قصيدة سابقة له ، ربما ليحصل على خلاص انتحاري أو أنه يقلد “ت. إس. إليوت” في قصيدته الأرض اليباب (الخراب) ويتنبأ بقيامة جديدة بعد خراب الكون والبشر والأخلاقيات.
ومن جانبها علقت الكاتبة “باسمة العنزي” على قصيدة “أبو عفش” قائلة: كقارئة لن أتفاعل يوماً مع شعر يلقيه شخص مهزوم في الوقت الذي يسطر فيه الأحرار قصائد غدهم الأجمل. ولن تبهرني التداعيات الشعرية لذوي المصداقية المفقودة في الوقت الذي يستشهد فيه الأبطال لرفع الأذى عن الكل، عفوا نزيه أبو عفش… لم تكن أول ولا آخر الساقطين من حسابات الحرية.
وروى القاص الدكتور حسان العوض لـ”وطن” قصة كان شاهداً عليها عن نزيه ابو عفش يقول في إحدى الأمسيات الشعرية لابو عفش في مدينته حمص لم يقاطع شعره فيها إلا موبايل مذيعة التلفزيون السوري عدة مرات حتى اضطرت أن تفتح الخط وتجري محادثتها” ويضيف العوض:”بعد الأمسية كانت المذيعة بجانبه فسلمت عليه لأخبره أمامها بما اقترفت؛ فما كان من نزق الشاعر ونرجسيته اللذين اطلعت عليهما سابقا في شعره إلا تكثفا بقوله: “بسيطة.. شو عليه”وكما يفعل تلميذ خجول أمام آنسته وقف الشاعر كرصاصة أمام ميكروفون المحققة التي راحت تستجوبه..
ويعلق القاص العوض :”ها هو الشاعر مرة أخرى يمارس نزقه ونرجسيته؛ فيتخلى عن اسمه الذي ربما كان آخر ما بقي له من النزاهة، ويحتفظ بكنيته التي لا تربطه مع نظام التعفيش فقط، وإنما تفخر بأبوته، ولكن بتواضع أو وضاعة “برغي” في أحد براميل الأسد”.
ويُذكر أن الشاعر “نزيه أبو عفش” اتخذ موقفاً معادياً للثورة السورية منذ أيامها الأولى لخّصه بقوله “لماذا تطلبون منّي أن أكون سعيداً؟ البيت كلّه يوشك أن يتهدَّم فوق رؤوس ساكنيه، وأنتم تختصمون على مَنْ يحق له أن يحمل المفاتيح”.
كما هاجم المعارضة معتبراً أنهم “عبيد يستنجدون بنخاسين قدامى” أما الذين هربوا من ظلم النظام فهم “يشحذون سكاكين قسوتهم” وانتقد الثورة قائلاً: “حين يتحوّل مسعى الحرية إلى طلبٍ للثأر، لا يتغيرُ شيءٌ سوى أنّ الظلمةَ تَرِثُ الظلمة، والعبدَ المقتول يتحوّل إلى عبدٍ قاتل”.
ولكن أبو عفش نسي أو تناسى أن الحزب الذي يعيش على “فُتات” جريدته “الأخبار” هو الذي استل سكاكينه والسيوف إحياء لثارات مضى عليها أكثر من ألف سنة، ومكرّساً في الوقت نفسه الحكمة الشنيعة التي تقول “من أكل من صحن السلطان حارب بسيفه”.
تعليقان
ما اتفهك يا صاحب المقال وانت تشير الى طائفة نزيه