كتب: محرر الشؤون الاقتصادية الأردنية – خاص (وطن)
ساعات تفصل مدينة البترا الرئة السياحية الأردنية لبدء أولى مراحل اتساع الاحتجاج الشعبي السائد من خلال عصيان مدني مفتوح تداعى له المتضررون من ملف بيع الآجل او ما يعرف “التعزيم” ، في اعقاب انتهاء واستنفاذ كافة خيارات الطرح الساعي لحل الملف الاكثر جدلاً في تاريخ المدينة.
العصيان المدني هو الثاني في المدينة الأردنية السياحية الجنوبية من المرجح ان تتوقف معه الحياة المدنية عقب دعوات لإغلاق بوابة المحمية الأثرية، إلى جانب إغلاق المصارف ومراكز التسوق وتعطيل المدارس الحكومية، رافقها تعزيزات أمنية على المداخل الرئيسة المؤدية للمدينة والمنشآت الحكومية والأمنية، والمنشآت التجارية الرابطة بذوي ثمانية من التجار او ما يعرف “التعزيم” تحسباً لأي طارئ.
وكانت المدينة شهدت مساء الخميس مسيرة شعبية حاشدة تلاها مسيرة سلمية ظهر الجمعة تأكيداً على حقوقهم المالية المقدرة بنحو 100 مليون دينار ذهب بها تجارة الآجل ادراج الرياح وتسببت بأزمة اقتصادية طالت كافة المحيط البتراوي، وسط هتافات منددة بالصمت الحكومي الرسمي وتواطىْ البنوك والتي أدت إلى انتشار ظاهرة البيع الآجل.
ودعا مشاركون في المسيرة إلى ضرورة تنفيذ عصيان مدني مفتوح، الأحد، وسط مطالبات ذوي التجار ضرورة إحضارهم بأسرع وقت لمواجهة المتضررين وعدم التستر عليهم ومن يقف خلفهم، إضافة لوقف جميع التسويات غير العادلة التي تقوم بها الحكومة وضرورة مقاطعة التعداد والإحصاء السكاني المرتقب وعدم التعاون مع الفريق.
عصيان مدني مفتوح في مدينة البترا الأردنيةالحكاية من أولها …
2011 سطع نجم تجار ظاهرة شراء المركبات والأراضي والعقارات ‘ لآجل ‘ في لواء البترا قبل ان تشمل مدن مجاورة بشيكات بنكية مؤجلة تتجاوز قيمتها الحقيقة في الاغلب نحو 30 – 40 % عن سعرها في السوق على أن تدفع بشيكات مؤجلة بعد مضي 4 شهور، في حين يتم بيعها نقداً بأقل من القيمة السوقية بنسب تتراوح من 10 – 15 %.
النشاط التجاري بقي على مرأى الحكومة الأردنية وأجهزتها الأمنية ، وبدخول تجار جدد على الساحة واتساع نشاطهم ارغم النائب البتراوي عدنان الفرجات الذي أبدى تخوفاً وتنبه مسبقاً لتداعيات نشاط اقتصادي يلفه الضبابية توجيه سؤال نيابي حمل الرقم 22 بتاريخ 17 / 11 / 2014 لرئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور من خلال الأمانة العامة لمجلس النواب حول مبيعات الأراضي والعقارات في المدينة بوكالات عدلية متخوفاً أن ينتهى بها المطاف بملكية لجنسيات أجنبية.
27 أيار أصدرت هيئة ادعاء مكافحة الفساد في القضية التحققية رقم 56 / 2015 قرارا بالحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة وعبر الوكالات لعدد من أشخاص برز نجمهم مؤخرا في تجارة وشراء المركبات والعقارات والأراضي ‘ للآجل’ ، تبعها ثلاثة قوائم أخرى ما زاد الملف تعقيداً وتخوفا لدى المتعاملين معهم، وبدد المساعي الشعبي النيابية التوصل لتسوية مالية بعيداً عن التقاضي.
وحمل تعميم الهيئة مخاطبات رسمية للبنك المركزي والبنوك الرسمية وشركات الصرافة وسلطة منطقة العقبة الخاصة ودائرة تراخيص المركبات والأراضي والجمارك وهيئة الأوراق النقدية ضرورة بدء التنفيذ العاجل بمضمونه ، في اعقاب ورود شكاوى عديدة من هذه الظاهرة التي تشبه ملف البورصات الوهمية التي اشغلت الشارع الأردني وانهارت أيلول 2009 ولا يزال ملفها منظور امام محكمة أمن الدولة.
القى قرار الهيئة تداعيات اقتصادية لا تزال تلقي بظلالها على المجتمع البتراوي الذي يعاني ركود سياحي غير مسبوق ، خاصة مع اختفاء تجار النشاط الاقتصادي ما أعاد للذاكرة مجدداً موقعة انهيار البورصات الوهمية أيلول 2009 والمنظورة حتى اللحظة امام محكمة أمن الدولة رغم تداعياتها المجتمعية التي الحقت الكثير من الضرر لمواطنين تكبدوا خسائر مالية فادحة لا زالوا يترقبون قرار قضائي يحسم الملف بإعادة أموالهم.
مع صدور قوائم قضائية أخرى تضمنت أخرها شخصية أمنية بارزة من أبناء المدينة برتبة لواء متقاعد من القوات المسلحة الأردنية تزايدت مخاوف أصحاب الحقوق المالية على أموالهم ” المشككة ” والتي أصبحت بمثابة المجهول ،قدرها النائب الفرجات بنحو 70 مليون دينار، في حين تقول التقديرات غير الرسمية ان حجم التداول تتجاوز ما اعلنه الأخير.
لم تفلح معها كافة اجتهاد نائب المدينة رغم إلقاء كافة ثقله البرلماني بدءً من مقترح التزام التجار دفع المستحقات المالية للمتضررين ، بالإضافة اتفاق توافقي جرى في حينها بينه ومدعي عام هيئة مكافحة الفساد بعدم إحالة الملف للقضاء او توقيف أشخاص تضمنتهم القائمة في محاولة منح التجار التوصل لحلول توافقية وتجنباً لتداعياته المجتمعية، بغية تجنب تجميد الحقوق لسنوات لحين البت القضائي في ملف القضية، خصوصاً وان التقاضي في محكمة أمن الدولة لم يحسم ملف البورصات الوهمية منذ 6 سنوات.
بدأ الشارع البتراوي بالتململ رافقه إغلاق جزئي لمداخل المدينة السياحية مما ارغم قوة أمنية دركية على التدخل تخللها مصادمات وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وحملة اعتقالات ومداهمات لمنازل أشخاص اشتبه تورطهم في الحادثة متهمين الحكومة بفبركة وخلق ازمة مجتمعية في المدينة.
التلويح بالتصعيد لغة باتت الأبرز في مدينة تعتبر رئة الأردن السياحية عقب توجيه اصابع الاتهام للحكومة الأردنية خلق ازمة مالية دون الالتفات لعواقبها المجتمعية ، معتقدين ان قرار الحجز التحفظي أوقف صرف شيكات الآجل وأوقف النشاط التجاري الاقتصادي في المدينة.
الحشد العشائري الذي أمهل الحكومة وقتها 48 ساعة إلغاء قرار الحجز تحفظي ملوحين بالتصعيد وممارسة ابرز ورقة ضاغطة المحمية الأثرية ، محذرين من مغبة القرار وتبعاته الاقتصادية المجتمعية على المدينة ومناطق الجوار، توافق على بدء أولى مراحل العصيان المدني من خلال الامتناع من التوجه للعمل في القطاعين العام والخاص وتوقف الحركة التجارية والسياحية في المدينة.
بالتزامن مع استنفاذ كافة طروحات الحلول التوافقية صدرت مذكرة في التاسع من أيلول الماضي توقيف وجلب بحق 45 شخصا من بينهم تجار البيع الآجل وبعض من السماسرة لم يقدر للجهات الأمنية اعتقال أي منهم بذريعة اختفائهم داخل البلاد.
وتشير تقديرات لتجار ومصرفيين أن عدد المواطنين المتضررين من هذه التجارة يتجاوز الـ6 آلاف مواطن، بتقديرات مالية تقدر بنحو 100 مليون دينار شملت بيع سيارات أو عقارات أو أراضٍ ومنشآت سياحية ورواحل الخيول.
وكان مصدر مسؤول في هيئة مكافحة الفساد أكد أن مجموع ما تم تسويته في قضية البيع الآجل من حقوق مواطنين كانوا يحملون شيكات مؤجلة تزيد قيمتها على 18 مليون دينار، الى جانب إعادة عشرة عقارات لأصحابها الأصليين، وفك الحجز عن خمس رخص رواحل “خيل” تبلغ قيمة الرخصة الواحدة حوالي 90 ألف دينار، بيعت بشيكات آجلة بحوالي 150 ألف دينار لكل رخصة، في حين وافق المدعي العام لهيئة مكافحة الفساد على فك الحجز عن 360 سيارة أعيدت إلى أصحابها، بعد أن تم إجراء تسويات بينهم والتجار.