مع بدء الجولة الثانية واﻷخيرة من الانتخابات البرلمانية اﻷحد والاثنين، تساءلت مجلة “فورين بوليسي” اﻷمريكية عن حظوظ الحزب الوحيد الذي يمثل اﻹسلام السياسي بمصر في التواجد على الساحة السياسية بعد اﻹخفاقات التي لحقت به في المرحلة اﻷولى، مشيرة إلى أنه يتشبث بالحياة، ولكن إلى متى؟.
وفي تقرير يسلط الضوء على فرص الحزب في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، تقول المجلة:” منذ عام 2012 يحكم رؤوساء مصر البلاد بالمراسيم، مع غياب البرلمان، لكن هذا اﻷمر على وشك التغيير مع إنطلاق الجولة الثانية واﻷخيرة من الانتخابات البرلمانية التي طال أنتظارها، وقائمة المرشحين تمتليء بالعلمانيين والقوميين، وكبار رجال اﻷعمال، لكن قائمة المرشحين اﻹسلاميين تقلصت لتصبح خيار واحد فقط، حزب النور.
النور أصبح قوة رئيسية في البلاد في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في 2011، وبعد عقود من التهميش جاءت الفرصة أخيرا للحزب ليكون البديل اﻹسلامي للعلمانية.
السلفيون يعلنون أنهم يعيشون كما كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم – ، فهم يعارضون الفوائد على قروض البنوك، والغناء، أو السماح للنساء بوضع صورهن على الملصقات الانتخابية.
وفي انتخابات عام 2011-2012 التي تلت سقوط مبارك، وصف الحزب سياسية جماعة اﻹخوان المسلمين بأنها “ليبرالية جدا”، وسيطر على حوالي 25 % من مقاعد البرلمان، ما جعله في المرتبة الثانية بعد الاخوان، ولكن هذا البرلمان لم يدم طويلا، حيث تم حله بقرار من المحكمة الدستورية بحجة وجود خروقات في قانون الانتخابات.
وتجري هذا العام الانتخابات البرلمانية التي طال انتظارها، على مرحلتين، اﻷولى أجريت في 14 محافظة خلال أكتوبر الماضي، أما الثانية التي تجرى اﻷحد والاثنين سوف تغطي باقي المحافظات، وأظهرت المرحلة اﻷولى أن وقت حزب النور قد انتهى.
فمنذ انتخابه عزز الرئيس عبد الفتاح السيسى سيطرته على البلاد، والقضاء على بقايا الإسلام السياسي، والنور هو الحزب الوحيد الذي تبقى من المشهد اﻹسلام السياسي، وحتى الآن يخسر السباق البرلماني، وهذا يعني أن برلمان مصر قريبا سيكون علماني تماما، رغم أنها دولة محافظة جدا.
وبحسب المجلة فأن توقعات حزب النور لنتائجه في هذه الانتخابات كان منخفضا من البداية، لكنه كان يعول على الفوز على الأقل في معقله بالإسكندرية، التي صوتت في المرحلة الأولى، لكنهم كانوا مخطئين. فرغم منافسته على 102 مقعد في الجولة اﻷولى، لم يحصد إلا 8 فقط.
وقال عمرو مكي مساعد رئيس حزب النور للشئون الخارجية:” ما حدث في الانتخابات كان أسوأ توقعاتنا، كنا نتوقع على الأقل الفوز في اﻹسكندرية لكنه لم يحدث”.
وبعد الفشل في الجولى اﻷولى ألقى حزب باللائمة على قوانين الانتخابات “الظالمة”، ووسائل اﻹعلام “المعادية” والمسئولين “الفاسدين”، ونقلت المجلة عن أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة :” إن اﻷسباب التي قالها الحزب ليست السبب في خسارته، ولكنهم خسروا لان العديد من السلفيين لم يذهبوا للتصويت لصالح الحزب لاعتقادهم أن النور باع القضية اﻹسلامية والسلفية أيضا”.
وبحسب المجلة :” منذ خلع الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، سعى النظام الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضاء على اﻹخوان، إلا أن حزب النور والدعوة السلفية بقيا على قيد الحياة عن طريق إبرام اتفاق للوقوف علنا بجانب الحكومة الجديدة، والتخلي عن اﻹخوان المسلمين”، وقال عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية:” كان قرارا عمليا، كانو مصرين، كان واضحا أن ما حدث قد حدث”.
حزب النور اتخذ قرارا استراتيجيا والدعوة السلفية دعمته، لكن بالنسبة لجماعة اﻹخوان كان هذا القرار سكينا في الظهر، وقال شادي حامد زميل بارز بمعهد بروكينجر اﻷمريكي:” في بعض اﻷحيان تضطر للاختيار بين الفناء والنظام، النور اختار النظام، لقد راهنوا على أنهم إذا دعموا السيسي سوف يحصلوت على شيء في المقابل”.
وتابع الشريف:” حزب النور ذهب إلى أقصى حد في التطرف، ففي الانتخابات الرئاسية دعموا حملة السيسي، كان يمكنهم الامتناع عن التصويت، ولكنهم أصروا على التصويت، ودعم السيسي، وهذا كان منتهى الاستفزاز لبقية التيار اﻹسلامي في مصر، واثار حفيظتهم وغضبهم على الحزب، إلا أن النور تحمل على أمل أن يحصد الثمار في الانتخابات البرلمانية، أو الحصول على مجرد فرصة عادلة، لكن هذا لم يتحقق على اﻷقل حتى اﻵن”.
“وفي نظر قيادات الحزب، طالما بقى النور على قيد الحياة فأنه سوف يظل خيار المحافظين في مصر، وفي نهاية اليوم يعلم حزب النور أن المجتمع المصري ليس علماني، إنه مجتمع محافظ، لذلك هم بحاجة للخطاب اﻹسلامي، وحزب النور يمكنهم لعب هذا الدور”. بحسب الشريف.
لذلك سوف يلعب حزب النور مباراة طويلة، وسوف يحافظ على خضوعه للدولة خلال العمل نحو المصالحة مع الفصائل اﻹسلامية المختلفة، ويحافظ على موقعه باسم الأخلاق والبديل الإسلامي، وعندما تدور اﻷيام، ويتحدث التاريخ عن تلك الفترة، النور سيكون هناك.