نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية مقالا للكاتب الإسرائيلي المحلل “آري شبيط” قال فيه أنه “عندما هاجم 19 أصوليا الولايات المتحدة قبل 14 سنة، فهمت الجماعة المثقفة الغريبة التي أحاطت بالرئيس جورج بوش، المحافظون الجدد، أن الحديث ليس عن هجوم مدوٍ، والمنظمون اليمينيون الراديكاليون فهموا أنه وراء الطائرات التي اصطدمت في منهاتن وواشنطن لم يقف وراءه تنظيم إرهابي صغير ومتقدم لأسامة بن لادن، بل الداء السياسي الذي أصيب به الشرق الأوسط الذي لا يمنح شبابه الحرية والنمو والأمل”.
لكن بعد أن تم تشخيص الداء، كما كتب، قام المحافظون الجدد بزيادته أكثر. والحرب الفظيعة التي بادروا إليها في العراق لم تعط المنطقة الحلول ولم تنشر الديمقراطية في الشرق، بل العكس، أنشأت سلسلة من الفوضى وردود الفعل وأدت إلى قيام داعش وانتشاره وسيطرته على أجزاء واسعة من العراق وسوريا وضرب باريس أيضا.
العملية التي بدأت في 11 سبتمبر 2001 وجوبهت بالحرب والانسحاب والفوضى، عادت من جديد في 13 يناير 2015، وأوضحت للجميع ما الذي نواجهه، وفقا لما كتبه المحلل الإسرائيلي.
ما الذي نقف في مواجهته؟ كما تساءل الكاتب، قبل انهيار الشرق الأوسط، وخلال سنوات سيطر على المنطقة نظام فاسد كان يعتمد على القمع الرجعي، هذا النظام نتج عنه اليأس وانفجر على صورة القاعدة.
لكن عندما كان الرد على القاعدة تدمير النظام القديم دون استبداله بنظام جديد، كانت النتيجة الفوضى العنيفة والوحشية، وفقا لتحليله.
وهذه الفوضى انتشرت في العراق، سوريا اليمن، السودان، ليبيا، شبه جزيرة سيناء. وهنا، رأى أن تفكك دول قومية عربية جعل البنية الإقليمية غير قادرة على العمل، وأصبح الشرق الأوسط في حالة فوضى لا يمكن السيطرة عليها.
وكتب أن الغرب من جهته لم يفهم بعد ما الذي يحدث. في البدء حاول إصلاح العالم العربي بالقوة. وبعد ذلك حاول الهرب من العالم العربي بفزع. وبعدها حاول التظاهر بأن العالم العربي غير موجود.
لكن العالم العربي موجود وهو يصرخ ويتألم وينزف، وهو يوجد على مسافة عملية من أوروبا، لذلك حل عام تقديم الحساب في 2015.
ورأى أن من يعتقد أن العمل الاستخباري الأكثر حدة والتشديد الأمني والقصف الجوي الأكثر عنفا، سيحلان المشكلة، يبرهن على أنه لا يفهم المشكلة.
إن خطورة داعش ليست البنية التنظيمية له بل حالة الوعي التي يمثلها، وفقا لما كتبه المحلل الإسرائيلي، فتهديد تنظيم الدولة الإسلامية هو من الأعراض التي تقشعر لها الأبدان للجرثومة السياسية التي تنقض على منطقة جغرافية كاملة، ودون التطرق إلى انهيار الشرق الأوسط لا توجد أي فرصة لوقف سفك الدماء.
يجب العودة الآن بالضبط، وفقا لما كتبه في مقاله، إلى النقطة التي وقفوا فيها بعد عمليات التوائم. من جهة يجب علينا فهم ما فهمه المحافظون الجدد وهو أن المشكلة الأساسية التي نقف أمامها هي الفشل السياسي المطلق للقومية العربية الحديثة، والتي لم تنجح في إنشاء حتى لو دولة واحدة تقدر على الدمج بين الديمقراطية والرفاه.
ومن جهة أخرى يجب فعل عكس ما فعله المحافظون الجدد، وهو العمل من أجل المنطقة وليس ضدها. الاستماع وليس الفرض.