حمزة هنداوي – وطن (خاص)
“حين ترى رجلا يدخل المرحاض بيده قنينة فهذا يعني أنه لاجئ سوري”، تلك النظرة الخاطئة تلاحق اللاجئين السوريين في ألمانيا، وتصورهم كما لو أنهم قادمون من أدغال يفتقر سكانها إلى استخدام أبسط المرافق الصحية.
ولكن ذلك لا ينفي مشكلة يعاني منها اللاجئون المسلمون في ألمانيا التي تصدرت بلدان أوروبا من حيث عدد اللاجئين والسوريين منهم خاصة، لاسيما بعد تعهدها باستقبال نحو 800 ألف لاجئ، وتتمثل المشكلة باستخدام المرحاض الإفرنجي الذي يتطلب ملاصقة الجسد تماما، وهذا ما يعتبره الكثيرون مصدر شك في طهارة مستخدميه، إضافة إلى توابع العملية من استنجاء واستطابة واستجمار.
ضمن هذا السياق أشارت “منظمة المراحيض الألمانية” في تقرير لها إلى أن استخدام المياه في التنظيف الشخصي عقب قضاء الحاجة، بدلا من ورق المرحاض، شرط من شروط النظافة لدى ثقافات أخرى، موضحة أن هذا أحد شروط الطهارة في الإسلام على سبيل المثال.
المنظمة المذكورة وبمناسبة اليوم العالمي للمراحيض الذي يصادف يوم الخميس 19/تشرين الثاني نوفمبر، قدمت بالتعاون مع الوكالة الاتحادية للإغاثة التقنية مذكرة توصيات حول موضوع المرافق الصحية لنزل اللاجئين، والتي فرقت فيها بين مراحيض القرفصاء (يسميها السوريون مرحاض عربي)، ومراحيض القعود (الافرنجي)، وبين أداة “المسح” وأداة “الغسل” في كل منهما.
وجاء في المذكرة التي نصحت المنظمة مؤسسات الإغاثة أخذ توصياتها بعين الاعتبار: “يتعين مراعاة توفير كلا الإمكانيتين في استخدام المراحيض بكافة المنشآت، وتجهيز المراحيض بما يتناسب مع الثقافات المختلفة”.
وأضافت المذكرة أنه بسبب عدم إمكانية تطبيق تلك التوصيات في أغلب الأحيان، فإنه يمكن التخفيف من حدة هذه المشكلات عبر التواصل والتوعية، مشيرة في ذلك إلى إمكانية الاستعانة في نزل اللاجئين بـ”استشاريي نظافة” من الأفراد المنحدرين من المنطقة العربية والذين يعيشون في ألمانيا منذ فترة طويلة.
وقال متحدث باسم المنظمة إن هناك تقارير متكررة من عدة مراكز إيواء للاجئين عن عدم توفر مراحيض منفصلة للرجال والنساء، مضيفا أن النساء لا يستخدمن هذه المراحيض في الغالب بسبب نقص الأمن والمساحة الخصوصية.
كما ذكر المتحدث أن هناك تقارير من مناطق توجد بها مراكز إيواء لاجئين كبيرة تتحدث عن زيادة الضغط على محطات الصرف الصحي أو تعطلها بسبب تزايد عدد سكان هذه المناطق أو تزايد عدد المراحيض الكيميائية، مشيرا أيضا إلى قلة عدد المراحيض المتنقلة.
وتعد “منظمة المراحيض الألمانية” هي جمعية خيرية تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية توفير مراحيض نظيفة ونظم صرف صحي مستدامة.
وتكشف بيانات الأمم المتحدة التي حددت يوم 19 تشرين ثاني/نوفمبر يوما عالميا للمراحيض، تكشف أن نحو 2.5 مليار شخص في العالم ليس لديهم أبسط المرافق الصحية.
* ظلم المراحيض
وفي اتصال مع “وطن” قال أبو حسن اللاجئ السوري في ألمانيا إن موضوع استخدام المراحيض الإفرنجية صار مثار تندر لدى اللاجئين والناشطين السوريين على صفحات التواصل الاجتماعي.
وذكر أن الحكومة الألمانية نشرت رسوما توضيحية أمام مراكز الحمامات الجماعية في الكامبات التي غالبا ما تكون أولى محطات اللجوء، لتعليم اللاجئين طريقة استخدام المرحاض الافرنجي، مشيرا إلى أن إحدى تلك الرسوم تظهر شخصا يجلس القرفصاء فوق المرحاض وفوقه إشارة إكس (x)، في إشارة إلى خطأ الاستعمال.
واعتبر اللاجئ الذي استقر في ألمانيا منذ 10 أشهر أن السوريين ظلموا بهذا “الصيت السيئ” الذي يظهرهم على أنهم لا يعرفون استخدام المرحاض، لأنه بالأساس من يخطئ استخدامها هم أناس غير سوريين، خاصة وأن معظم اللاجئين ليسوا من سوريا، وإنما قادمون من مناطق لا يجيد سكانها استخدام المرحاض الافرنجي وخاصة أبناء بعض المناطق الإفريقية.
لاجئ آخر، رفض ذكر اسمه، علّق بخفة دم عُرف بها السوريون، بالنكتة التي تقارن بين الرئيس العربي ونظيره الأوروبي، تماما كالفرق بين المرحاضين العربي والافرنجي، فالأول لا يخلع من مكانه إلا بتكسير كل ماحوله، بينما الثاني لا تكلف إزالته إلا فك أربعة براغي سبق أن تم تثبيته بها، موحيا إلى أن البراغي الأربعة هي السنوات الأربعة التي تعد الفترة الانتخابية لمعظم رؤساء جمهوريات وحكومات الدول الأوروبية.
وعطفا على النكتة سالفة الذكر، قال اللاجئ نفسه “لو ساعدنا الأوروبيون بإزالة بشار لما صرنا لاجئين، ووفروا على أنفسهم مصاريف وعلينا تخريبا ودمارا”.
* فتوى استخدام الحمامات الإفرنجية
وأجمع العديد من علماء المسلمين على أن فتوى استخدام الحمامات الافرنجية على أنه “يجوز لكم أن تستعملوا الحمامات الإفرنجية وعليكم أن تتقوا النجاسة خشية أن تصيب أبدانكم أو ملابسكم عند قضاء حاجتكم فيها وأن تؤدوا ما شرع بعد قضاء الحاجة من استجمار أو استنجاء والأفضل الجمع بينهما وإنما يكتفي بالاستجمار وحده إذا كان الاستجمار بطاهر ينقي ولو ورقا بشرط أن يكون ثلاث مسحات فأكثر مع الإنقاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدارقطني جـ 1 ص 127، 128 وقال في الأول المحفوظ مرسل وفي الثاني الصواب مرسل (ط لاهور) وأورد في ص 128 حديث (عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا من البول) وقال: (لا بأس به). استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار فإن لم ينق بالمسحات الثلاث زاد حتى ينقى والأفضل القطع على وتر لقوله صلى الله عليه وسلم: الإمام أحمد 2/ 236 و 254 وغير ذلك والبخاري 1/ 48 (ط أستنبول) ومسلم 1/ 146 (ط توزيع الإفتاء). من استجمر فليوتر”.