مثل حظر الحركات الإسلامية المعتدلة في دول عربية منها الإمارات ومصر جواز مرور جرأ كيان الاحتلال الصهيوني “إسرائيل” على القيام بحظر الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة من قبل “إسرائيل”، وبرغم سعي تل أبيب لإصداره منذ فترة إلا أن هجمات باريس وفرت بيئة مواتية لخروج هذا القرار العنصري، ضمن حزمة إجراءات إسرائيلية لوأد انتفاضة الأقصى والقدس المتنامية وإجهاضها، وهو ما ألمح إليه الشيخ رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الشيخ رائد صلاح، بتورط مسؤول عربي في قرار الحظر ولم يسمه إلا أن أصابع الاتهام تتجه نحو مصر والإمارات بسبب موقفها المعادي للحركات الإسلامية المعتدلة وموقفهما تجاه المقاومة الإسلامية وطبيعة علاقتهما بتل أبيب، بحسب مراقبين.
فهل أصبحت إسرائيل وأطراف عربية معا ضد المقاومة وداعميها وقواها الحية؟، سؤال طرحه بقوة ما كشفه الشيخ رائد صلاح، عن اتصالات أجراها مسؤول عربي مع مسؤول في القنصلية الأميركية بالقدس قبيل قرار إسرائيل أمس الثلاثاء حظر الحركة داخل الخط الأخضر.
وكانت قد أعلنت الحكومة الإسرائيلية حظر الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر و17 مؤسسة أهلية تابعة لها، معتبرةً إياها مؤسسة محظورة وخارجة عن القانون، وذلك تزامنًا مع اقتحام قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة، فجر أمس الثلاثاء، مؤسسات تابعة للحركة الإسلامية في الداخل الإسرائيلي.
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية العديد من المؤسسات التابعة للحركة الإسلامية ومنها مركز كيوبرس الإعلامي، ومجمع ابن تيمية التعليمي، وأيضًا مقر صحيفة صوت الحق والحرية، وموقع فلسطيني 48، ومقر جمعية يافا، بالإضافة إلى اقتحامها مؤسسات في مدينة رهط، شملت تفتيش مكتبة اقرأ الشاملة ومسجد الهلال، ومدرسة حراء لتحفيظ القرآن، ومكتب جمعية اقرأ لدعم الطلاب العرب، ومكتب مؤسسة النقب للأرض والإنسان، في مدينة بئر السبع.
كذلك داهمت القوات الإسرائيلية منازل عدد من قادة الحركة في أم الفحم وكفر كنا ورهط ويافا، وقامت بتفتيشها وصادرت أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم وعدة ملفات، كما استدعت الشرطة الإسرائيلية الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة، ونائبه كمال الخطيب، ومسؤول ملف القدس والأقصى سليمان أحمد للتحقيق في مبنى (محوز حوف) الشرطي في حيفا، بينما قامت باعتقال مسؤول العلاقات الخارجية بالحركة يوسف عواودة من منزله في كفر كنا.
تورط عربي
من جهته أكد رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الشيخ رائد صلاح، في تصريحات لقناة الجزيرة، أمس الثلاثاء، أنه لم يتفاجأ بصدور القرار، وقال “كنا نسمع بعض القرائن قبل أسابيع التي كانت تشير إلى احتمال حظر الحركة الإسلامية، خاصة ما تسرب من مكالمة بين مسؤول عربي ومسؤول في القنصلية الأميركية بالقدس”. وأضاف أن هناك بعض الأطراف التي لم يعجبها دور الحركة الإسلامية عموما، ودورها في المسجد الأقصى بشكل خاص.
وأوضح الشيخ رائد، أن الاتهامات الموجهة له تشمل الانتماء لجماعة محظورة وتقديم الدعم لها، مشددا على أنه يتشرف بالانتماء للحركة ورئاستها، وقال “سأبقى أدافع عن اسم الحركة وثوابتها ورسالتها حتى ألقى الله سبحانه وتعالى”.
كان تصنيف دولة الإمارات لحركات إسلامية معتدلة بوصفها إرهابية وحظرها مشجعا لدولة إسرائيل بحسب مراقبين، ففي 16/11/2014 صنفت الإمارات 83 تنظيما وحركة على أنها “جماعات إرهابية”، وشملت القائمة روابط دعوية ومؤسسات حقوقية وفكرية وإغاثية، ومن أبرز هذه الجهات، جماعة الإخوان المسلمين، وهي أم الحركات الإسلامية وأكثرها تأثيرا وأوسعها انتشارا، كما تعتبر أهم التيارات السياسية المعارضة للأنظمة المتعاقبة في مصر.
مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) حظرته الإمارات أيضا وهو مؤسسة أنشئت عام 1994 للدفاع عن الحقوق المدنية وحريات المسلمين الأميركيين والأجانب. ويعمل على تحسين صورة الإسلام في أميركا ومشاركة المسلمين في الحياة السياسية، كما يعمل على مراقبة ما تنشره وسائل الإعلام الأميركية يوميا عن الإسلام والمسلمين ويرد عليها، ويرصد حوادث التمييز ضد المسلمين.
وقد شملت القائمة الإماراتية للإرهاب مؤسسات حقوقية ودعوية وعلمية وهيئات إغاثية تمارس أنشطتها بشكل قانوني في الدول الغربية، من بينها: الرابطة الإسلامية في إيطاليا- الرابطة الإسلامية في فنلندا- الرابطة الإسلامية في السويد- الرابطة الإسلامية في النرويج- الرابطة الإسلامية في بلجيكا- الرابطة الإسلامية في الدانمارك- التجمع الإسلامي في ألمانيا- اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا- الرابطة الإسلامية في بريطانيا-منظمة الكرامة بجنيف- مؤسسة قرطبة في بريطانيا- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقطر- منظمة الإغاثة الإسلامية في لندن.
نظام السيسي والمقاومة
المثير للقلق أن نفس الاتهامات التي وجهتها إسرائيل للحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر هي نفسها التي وجهتها دولة جوار هي مصر تحت حكم نظام السيسي لعناصر جماعة الإخوان المسلمين ولحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بل صدرت أحكام قضائية بحظرهما وإن تم التراجع عن بعضها.
جرأت ممارسات النظام المصري، إسرائيل على تصعيد انتهاكاتها ضد الأقصى والقدس والضفة وغزة، فبعد الانقلاب العسكري الذي دعمته أو حتى صممته السعودية والإمارات اتخذت السلطة المصرية موقفا عدائيا ضد المقاومة الفلسطينية لاسيما الذراع الأقوى للمقاومة، كتائب الشهيد عز الدين القسام.
حملات تحريض ممنهجة
كذلك قام الإعلام المصري ووزارة الداخلية المصرية بحملات ممنهجة لاتهام “حماس” بارتكاب عناصرها جرائم مختلقة وملفقة وواصل ربط الجهاديين بحماس، وهو ما انعكس على اتساع عمليات الجيش لتشمل منطقة الأنفاق الحدودية، وهدم الجيش جميع الأنفاق الموصلة بين الأراضي المصرية وفلسطين المحتلة، وهو ما أدى إلى انقطاع شريان الحياة الواصل إلى قطاع غزة لاسيما مع الإغلاق شبه الكامل لمعبر رفح، المنفذ الوحيد لأهالي القطاع على العالم مما جرأ إسرائيل على قصف غزة عدة مرات.
وفي العدوان الصهيوني الأخير على غزة، كانت المبادرة المصرية لصالح إسرائيل كلية، إلى الحد الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصرح بأن إسرائيل وافقت على المبادرة المصرية “في سبيل نزع سلاح قطاع غزة من الصواريخ والأنفاق عبر السبل الدبلوماسية. أما الإعلام المصري فكان داعمًا لإسرائيل بشكل مباشر، وبرر عدد من الإعلاميين العدوان الإسرائيلي، ومارس بعضهم هجوما حادا على حماس، بدلا من تحميل تل أبيب مسؤولية القصف وتداعياته.
أحكام بالحظر للمقاومة والإخوان
وبلغ التصعيد مداه في 4 مارس 2014، حيث أصدرت محكمة مصرية حكما بحظر نشاط حماس والتحفظ على مقراتها في مصر، كذلك بوقف التعامل معها. ومع ضغوط عربية تم التراجع عنه، وفي 6 يونيو 2015 ألغت محكمة استئناف مصرية قرارا قضائيا سابقا اعتبر حركة حماس الفلسطينية منظمة إرهابية، لتلغي حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التي صنفت في 28 فبراير الماضي حركة حماس “منظمة إرهابية” معتبرة في حيثيات حكمها أن الحركة تهدف إلى “النيل من أمن مصر واستقرارها”، وادعت أنه “ثبت يقينا أن الحركة ارتكبت على أرض مصر أعمال تخريب واغتيالات وقتل أبرياء من المدنيين وأفراد من القوات المسلحة والشرطة”.
يعد حظر الحركة الإسلامية في بلدها الأم أكبر ضربة للتيارات والأحزاب المنتمية إليها فكريا في دول أخرى وجاء حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، في 25 فبراير 2014 بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية صادما واستهدف استئصال جماعة الإخوان وحزبها الحاكم ومقراتها والمنتمين إليها وقد يكون حافزا لموقف إسرائيل الآن.
شؤون خليجية