نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن اعتزام السعودية دراسة برنامج يشمل إصلاحات دقيقة بهدف تقليص الضغط على اقتصادها ومن بين تلك القرارات الحساسة رفع أسعار الوقود والطاقة وبيع الشركات العامة، مع توفير بدائل للدعم لمساعدة المواطنين الأكثر حاجة على مواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة.
وأضافت الصحيفة البريطانية في تقريرها، أن أسعار النفط المنخفضة شجعت الرياض على حلول غير مألوفة لإصلاح الاقتصاد، بما في ذلك إصلاح نظام الدعم الحكومي للأسعار، والذي أرجئ الحديث عنه طويلاً عندما كانت صناديق خزنة الدولة ملئه بعائدات النفط من الدولارات الأمريكية، على حد قولها.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤول سعودي رفيع قوله: “إن الحكومة تدرس الخطة التي سترفع بها تدريجياً دعمها الحكومي لأسعار الطاقة في شهر يناير المقبل، والذي سيحمل كذلك إطلاق أجندتها الوطنية الجديدة التي تتضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، مضيفا أن الدولة ستبدأ بخصخصة شركات الدولة أثناء عملية زيادة العائدات ووقف هدر المال العام وتفعيل دور القطاع الخاص.
وبحسب فاروق سوسة رئيس قسم اقتصاديات الشرق الأوسط بمجموعة سيتي Citi الاقتصادية البنكية، قال: “إن إصلاح دعم أسعار الطاقة سوف يساعد في تماسك ودعم الإنفاق العام، فالنقطة الرئيسية هنا هي أن الأسواق تريد رؤية إشارات تثبت جدية هذا الدعم.”
وأضاف، أنه عندما تحين الإصلاحات ستدرك السعودية مقدار التوفير المالي الكبير الذي قد تستمده من خفض دعمها لأسعار الطاقة، مشيرا إلى صندوق النقد الدولي الذي قدر تكلفة دعم الحكومة السعودية لأسعار الطاقة بحوالي 107 مليار دولار، أي 13.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.
ووفقاً للمسؤول الذي نقلت عنه الصحيفة، تعتزم السعودية كذلك التوسع في معاشات الضمان والتأمين الاجتماعي لديها مثل إعانة البطالة، من أجل تقليل الأثر الذي سيتركه خفض دعم الأسعار في الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
كما أضاف أن الشركات والمؤسسات التي ستتضرر من زيادة أسعار الطاقة الكهربائية مثلاً سوف تحصل على قروض ميسرة وبأسعار تشجيعية من أجل تقليل صدمة رفع الدعم.
وأشارت التقرير إلى أن أقل من نصف الخدمات التي سيرفع الدعم عنها سيكون من نصيب الاستهلاك المنزلي أما 60% فستذهب إلى الاستهلاك التجاري كالصناعات والتوزيع ومكاتب الخدمات.
وتدرس حكومة المملكة إصلاحات مماثلة في بلدان كالأرجنتين وإندونيسيا وتقوم بدعوة الآلاف من الشباب السعودي إلى مجموعات لدراسة وتقييم الوضع والتوعية بشأنه.
وأوضحت الصحيفة، أن ثمة مخاوف تكتنف خطة الإصلاحات، “فقد اعتاد السعوديون على رخص أسعار الكهرباء والوقود التي تضمنها وتدعمها الدولة في سلسلة خدماتها الشاملة وتأميناتها التي تقدمها لـ20 مليون مواطن منذ الولادة وحتى الوفاة”.
وكشف التقرير عن أن حكومة المملكة تعمل على تقييم ودراسة وضع المؤسسات التي يملكها القطاع العام والتي يمكن خصخصتها لزيادة رؤوس الأموال ورفع الكفاءة وتخفيف أعباء الدولة بتقليل عدد موظفيها بنقل أسمائهم إلى جداول العاملين بالقطاع الخاص، مشيرة إلى أن الحكومة ستبدأ أولاً بتحديد المؤسسات التي يسهل بيعها للقطاع الخاص.
وأوضحت الصحيفة أن حكومة المملكة تنظر في شأن بيع أسهم في شركات مخصخصة جزئياً مثل “شركة الكهرباء السعودية” وعملاق البتروكيماويات “شركة الصناعات الأساسية العربية السعودية” و”شركة الاتصالات السعودية”، كما يتم النظر أيضاً في خصخصة قطاعات أكثر تعقيداً مثل قطاعي التعليم والرعاية الصحية في وقت لاحق، مؤكدة على أن جميع هذه الإصلاحات والخطط والمشاريع متوقفة على موافقة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
…….