دعا الكاتب الصحفي السعودي والمقرب من دوائر صنع القرار بالسعودية، جمال خاشقجي، إلى ضرورة الإستماع إلى الدكتور محمد البرادعي، “كعالم وليس كسياسي يتألم لما يجري في وطنه الكبير”.
وتساءل خاشقجي في مقال له نشرته صحيفة “الحياة” السعودية الصادرة في لندن، بعنوان: “البرادعي ومشروع النهضة”، هل الوقت مناسب للحديث عن مشروع ينهض بكل العرب الذين سيخرجون إلى عالم مختلف عن ذاك الذي سبق العام 2011، عندما تضع الحروب والفتن أوزارها؟، ناقلا عن “البرادعي” دعوته للسعودية قيادة المشروع النهضوي للأمة العربية باعتبارها “مستقرة”.
كما نقل خاشقجي عن البرادعي قوله وهو يجيب على السؤال: “بالطبع لا بد من أن نفعل ذلك”، واصفا إياه بـ”السياسي المصري الذي يتمنى لو يترك السياسة أو تتركه، بعد الإحباط الشديد الذي أصابه وهو يحاول أن يخرج بلده إلى عالم أفضل، فانتهى به الأمر متهماً وملاماً من الجميع، تلاحقه صور الدم وألم الإخلال بالوعود”.
وأوضح خاشقجي أن البرادعي ينظر إلى كامل الصورة، “إلى العالم العربي المتعثر”، معتبرا التعثر المصري صورة للتعثر هناك.
ونقل خاشقجي قول البرادعي له وهما في طريقهما إلى أحد المطاعم في فيينا يوم الثلاثاء الماضي: “لدي كل شيء أحتاجه، لكنني أعلم أن ملايين من العرب وأبناء وطني بات حلمهم أن يأتوا الى أوروبا، ولو لاجئين، ليس هذا اختياراً عادلاً”.
كما روى البرادعي تجربته في “خلوة جوجل” التي حضرها قبل أسابيع، وتضم نخباً وعلماء وقادة الاقتصاد وسياسيي العالم الحديث قائلا: “تخيّلت العالم العربي كله وكأنه خزان وقود أسفل الصاروخ، بعدما ينتهي دوره ينفصل عنه فيتهاوى ساقطاً، بينما الصاروخ يشق غمار الفضاء صاعداً أعلى فأعلى، فيما يستمر خزان الوقود في السقوط أكثر فأكثر. نحن خزان الوقود، والصاروخ هو بقية العالم المتحضر المتمتع بالتقنية والحداثة”.
كما أوضح خاشقجي، أن البرادعي الفائز بجائزة نوبل، يبحث عمن يقود مشروعاً لنهضة العالم العربي، ويعتقد أن على السعودية قيادة تحرك كهذا، فهي مستقرة، مع عدم فقدانه الأمل بمصر، مشيرا إلى انه “مشغول بها ويخشى عليها ويتمنى اهتماماً أكبر بها حتى لا تنزلق أكثر”، بحسب قوله.
وكشف خاشقجي، أن البرادعي يريد ان يرى ثلاثة أمور، لا تكتمل النهضة من دونها: “مشروع لإصلاح التعليم، وآخر للرعاية الصحية، وثالث لنشر التسامح بقوة النظام”، معتبرا أنه بهذه الثلاثة نهضت اليابان والصين وسنغافورة.
ونقل خاشقجي، عن البرادعي تساؤله: “هل نعود إلى تلك الأوضاع التي سادت عالمنا قبيل انفجار الربيع العربي: تردي التعليم والرعاية الصحية والبحث العلمي والتخلف عن كل العالم؟”، مجيبا أنه لا بد من أن نقتنع بأن ذلك العالم الذي سبق الربيع العربي كان عالماً سيئاً لا يستحق أن نحافظ عليه أو نسعى إلى العودة إليه، وفقا لقوله.
ودعا خاشقجي إلى الإقتداء من التجربة التي حصلت خلال الحرب العالمية الثانية، موضحا انه حينما كانت الحرب دائرة في كل أوروبا، أوكل إلى جملة من الباحثين الأمريكيين ومن استقر في الولايات المتحدة من العلماء الأوروبيين، وضع خطط اقتصادية وسياسية للخروج بأوروبا إلى عالم أفضل، مؤكدا على انه لا بد من أن نفعل مثلهم حتى لا نعود إلى الزمن والظروف التي أفرزت انهيار 2011.
وشدد خاشقجي على ضرورة الإستماع إلى الدكتور البرادعي، داعيا إلى جمع علماء العرب في الاقتصاد والتنمية والتقنية المعنيين بسؤال النهضة في مكان ما، ونوفر لهم كل ما يحتاجون من إمكانات، معلقا بسخرية بأن التكلفة “أقل من كلفة سرب طائرات”، لوضع خطة للنهوض بالعالم العربي الجديد، خصوصاً في مشرقه البائس الممتد حتى ليبيا.
واختتم خاشقجي مقاله قائلا: “لا أتوقع أن يستطيع الدكتور البرادعي الابتعاد من السياسة، لكن حتى ذلك الحين لنستمع إليه كعالم، وليس كسياسي، يتألم لما يجري في وطنه الكبير”.