قال المحلل الصهيوني، أرييه شافيط، في مقال نشره في صحيفة (هآرتس) العبرية إن الجنرال عبد الفتاح السيسي هو بطل إسرائيل، فلا يحتاج المرء أن يكون لديه عين ثاقبة بشكل خاص حتى يكتشف حجم التشجيع العميق والإعجاب الخفي الذي تكنه النخبة الإسرائيلية تجاه قائد قوات الجارة الكبرى من الجنوب.
ورأى أنه في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل في الولايات المتحدة بشأن الموقف من التنوير غير الديمقراطي، الذي يمثله الجنرال السيسي والديمقراطية غير المتنورة للرئيس مرسي، فإنه في إسرائيل لا يوجد ثمة جدل حول هذه المسألة، فكلنا مع السيسي، كلنا مع الانقلاب العسكري، كلنا مع الجنرالات حليقي اللحى، الذين تلقوا تعليمهم في الولايات المتحدة، ونحن نؤيد حقهم في إنهاء حكم زعيم منتخب وملتحي، مع إنه أيضًا تلقى تعليمه في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع: مع أن هؤلاء الجنرالات كان يتوجب أنْ يكونوا خاضعين لتعليماته، كما هو الحال في النظم الديمقراطية.
وأشار الكاتب “شافيط” إلى أن محافل التقدير الإستراتيجي في إسرائيل ترى في توليفة الحكم القائمة حاليًا في مصر بعد الانقلاب، والتي تضم العسكر والليبراليين أفضل صيغة حكم يمكن أن تُسهم في تحقيق مصالح إسرائيل الإستراتيجية، حيث يسود افتراض أن مثل هذا التحالف سيكون ذا فاعلة كبيرة في مواجهة الجهات المتطرفة.
ومن المفارقة، كما رأى المحلل الإسرائيلي، أن مظاهر الاحتفاء الذي تبديه النخب الإسرائيلية بالانقلاب العسكري في مصر تأتي في ظل شبه إجماع داخل إسرائيل على توصيف ما حدث بأنه انقلاب عسكري على رئيس منتخب.
وفي بعض الأحيان، فإن الاحتفاء الإسرائيلي بانقلاب العسكر وتزيينه يحمل في طياته مضامين عنصرية ذات خلفيات استشراقية استعلائية، عبر الزعم بأن التجربة دللت على أن الطغاة، وفقط، بإمكانهم حكم مصر.
أما الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، إفراييم كام، فقد شدد على ما يعتبره العوائد الإيجابية لنجاح حكم تحالف العسكر والليبراليين في إدارة شؤون مصر، ودور ذلك في كبح جماح الإسلاميين في المستقبل ولأمدٍ بعيدٍ، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أوضحت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي أن السيسي يرى في العلاقات مع تل أبيب وتعزيزها أهم مصادر الدعم السياسي والدبلوماسي والدولي لنظامه.
وقال الباحث “أبير فنتور” إن إسرائيل حققت إنجازًا كبيرًا بصعود السيسي، مشيرًا إلى أنً هذا الإنجاز تمثل في تقليص تأثير القضية الفلسطينية والحد من مكانتها في الجدل العربي العام، كما لفت إلى أن السيسي حرص على التقليل من شأن الموضوع الفلسطيني بحجة الاهتمام بالشأن المصري الخاص
وشدد “فنتور” على أن إسرائيل استفادت من الحرب التي شنها السيسي على جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، علاوة على استفادتها من حرص القاهرة على تعميق التعاون الاقتصادي وتكريس التطبيع السياسي والثقافي.
وأوضح “فنتور” أن إسرائيل استفادت بشكلٍ كبيرٍ من الحرب التي أعلنها السيسي على الأنفاق التي تربط سيناء بغزة، مشيرًا إلى أن هذا التطور أسهم في تجفيف مصادر التسليح للمقاومة الفلسطينية، ناهيك عن دوره في منع تعاظم قوة حركة حماس، بما يمكن إسرائيل من مواجهتها بشكل أفضل.
ورأى “فنتور” أن كلاً من إسرائيل ونظام السيسي اعتبرا الحركات الإسلامية والجهادية تهديدًا مشتركًا، ما أفضى إلى تعميق التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية بينهما بشكل غير مسبوق.
وقال “فنتور” إنه في ظل أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام الحالي في القاهرة، فإن السيسي بات يرى أن العلاقة مع إسرائيل هي بمثابة “جواز سفر” لاقتحام عواصم العالم والقبول في المنتديات الدولية، ناهيك عن جلب الاستثمارات الخارجية.
وأضاف “فنتور” أن السيسي يعي حجم الدور الذي قامت به إسرائيل من أجل إنهاء المعارضة لنظامه داخل الولايات المتحدة، بالاستعانة بخدمات المنظمات اليهودية التي تجندت بكل قوة للمهمة، على حد تعبيره.
وأوضح الباحث أن السيسي يُدرك حجم الدور الذي لعبته إسرائيل في تأمين تواصل الدعم الأمريكي للقاهرة، ما زاد من مكانة إسرائيل لدى النظام الجديد في القاهرة، مشيرا إلى أن الرئيس المصري لا يُمكنه أن يسمح بتدهور العلاقات مع إسرائيل، لأن هذا سينعكس بشكل كارثي على استقرار نظام حكمه، كما قال الباحث الإسرائيلي.