كتب: محرر الشؤون السياسية الأردنية – عمان – وطن (خاص)
عقب بدء عامه الرابع كرئيس لمجلس الوزراء الأردني ، أعاد التعديل الوزاري للمرة الرابعة على التوالي التي طالت حكومة عبدالله النسور الثانية التي أعتلت سدة الحكم في العاشر من تشرين الأول 2012 خلفاً لفايز الطراونة ، حالة التندر على الصعيدين الشعبي والسياسي المعتادة في صالونات عمان السياسية التي شهدت في الأيام الماضية سلسة من احداث مثيرة للجدل.
عمان العاصمة وعلى وقع سخونة وتتابع الأحداث بداية من حادث انفجار حاوية العاب نارية المحظور استيرادها أطاحت بمدير عام الجمارك منذر العساف، وأيضا نبأ الإطاحة برئيس مجلس الملك عبد الرؤوف الروابدة وتعيين نائبه الأول فيصل الفايز، وكذلك موقعة غرق أجزاء موسعة من أحيائها السكنية موقعة خسائر بشرية ومالية فادحة ارغمت عمدتها ” عقل ” عمان المشارك في مؤتمر تشجيع السياحة قطع زيارته إلى العاصمة البريطانية لندن والعودة للبلاد، وعلى وقع حادثة استشهاد أردنيين ومقتل أمريكيين وجنوب افريقي الى جانب خمسة إصابات بسلاح ضابط شرطي قتل لاحقاً، كشفت دار الرئاسة مساء الاثنين، عن تعديل حكومي جزئي طال حقيبتي المالية والنقل، في محاولة من النسور إطالة عمر حكومته التي كان يتوقع لها في سدة الرابع منتصف العام المقبل وفقاً لمطلعين.
الحكاية من بدايتها ..
بحمولة وتركة مرتقبة يجمع مطلعون بثقلها ومرارة حقبتها، أطل المعارض البرلماني السياسي العتيد على الشارع الأردني بخمس مقابلات ملتفزة منتقدا رفقاء الأمس الذين تحولوا إلى خصوم اليوم مع مديح وإطراء تغلب العاطفة فيه على الواقع الذي فرضه الربيع العربي بوعود السمن والعسل ” وقطف العنب” مقسماً أغلظ الايمان بانه لا يكذب خاصة وأنه تخطى اعتاب عقده السابع، إذاناً بتكليف عبدالله النسور تشكيل أولى الحكومات البرلمانية في العاشر من تشرين الأول 2012 ، خلفاً للخصم السياسي القديم الجديد فايز الطراونة.
النسور الذي غادر مجلس النواب السادس عشر ” المحل ” في الثالث من تشرين الأول 2012 الذي فرضه واقع دستوري تمهيداً لعقد انتخابات مبكرة، قدر له فيها إدارة الخارطة الانتخابية البرلمانية للمجلس النيابي السابع عشر وفقاً للصوت الواحد الذي كان فيه من اشد معارضيه، الى جانب استحداث تعديل وفقاً لقوائم الوطن عوضاً عن الدوائر الوهمية التي قلبت المعادلة الانتحابية في المجلس المنحل، عقب تكليفه في العاشر من الشهر والعام نفسه بتشكيل أولى حكوماته.
آذار 2013 أعاد الملك الأردني تكليف عبدالله النسور بتشكيل حكومته الثانية ، وهي أول حكومة برلمانية في تاريخ البلاد وفقاً لما تم تسميته في حينها بعد ان قبل استقالة الأولى، على إثر مشاورات موسعة قادها رئيس الديوان الملكي فايز الطراونة، مع النواب للتوافق على مواصفات وشخص الرئيس المقبل.
ومع عودة النسور عبر حزبيون عن قلقهم بوصفهم اعادة التكليف مؤشر على مرحلة مقلقة وبدت وضوحها على جماعة الاخوان وقوى حزبية نقابية قاطعت الحياة السياسة البرلمانية عقب إقرار الصوت الواحد وأخرى احتجاجاً على شبهات سادت مسيرة المشهد البرلماني بعد عودته للبلاد 1989 والذي فرضته هبة نيسان التي انطلقت شرارتها من مدينة معان جنوبي المملكة.
وقد تنبه الشخصية السياسية البرلمانية الجدلية لمغبة التصادم مع اعضاء المجلس السابع عشر بمعركة منح الثقة قبل ان يسجل نتيجة متوقعة بفوزه في أولى دورات المجلس بثقة 82 نائباً من أصل 149 نائباً فيما حجب 66 نائباً الثقة وسجل غياب نائب واحد وامتنع فيها رئيس المجلس حينها سعد هايل السرور من التصويت.
على الرغم من أن الوضع الاقتصادي في الأردن كان أحد أهم محركات المظاهرات الشعبية امتداداً للربيع العربي 2011 التي أطاحت بحكومة الرفاعي الابن سمي، فإن هذا الوضع تفاقم برأي خبراء بشكل أكثر خطورة بعد مرور عامين على الحراك الأردني الإصلاحي.
وشكلت الشعارات والقضايا الاقتصادية عوضا عن قضايا الفساد أحد أهم محركات المسيرات والتحركات التي زاد عددها عن سبعة آلاف خلال عامي الحراك الأردني، جنبا إلى جنب مع الشعارات السياسية، وتنبهت أربع حكومات من أصل خمس تعاقبت على إدارة المملكة، على عدم الاقتراب من الأسعار لا سيما أسعار المحروقات والمواد الأساسية أخذة بنصائح كثيرة منها أمني بأن مثل هذه القرارات ربما تفاقم الاحتجاجات وتوسع من انتشارها، رغم تذمر الحكومات من العجز المتفاقم بالموازنة.
سجل النسور مفاجأة البدء برفع أسعار المحروقات والغاز المنزلي بنسب بلغت 54 % وهو ما أدى إلى أوسع موجة احتجاجات في المملكة سجلت خلالها خروج أكثر من مائة مسيرة خلال ساعة واحدة ليلة 13 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل ان تتمكن السلطات من تهدئة الشارع الغاضب وفقاً لمزاعم صرف الدعم الحكومي قبل ان تتذاكى فيه على المواطن بدءً من تقليص اعداد الفئة المستفيدة بذريعة املاك خاصة وانتهاءً بتوقفه بمزاعم انخفاض أسعار الخام النفطي عالمياً.
برزت “هبة تشرين” وفقا للتسمية التي اعتمدها نشطاء الحراكات ورافقها شعارات مرتفعة طالت مؤسسة العرش، وبينما وعدت مؤسسات القرار في الدولة ابتداء بالملك عبد الله الثاني إلى الحكومة والبرلمان بإصلاحات اقتصادية جذرية جنبا إلى جنب مع تحريك قضايا فساد وإحالة بعضها إلى القضاء، أظهرت الأرقام تفاقم الأزمة الاقتصادية مع تصاعد الاتهامات بعدم وجود إرادة جادة بمكافحة الفساد واستعادة ما يسميه النشطاء والمعارضون “الأموال المنهوبة” بذريعة منظومة التخاصية التي سادت البلاد في العقد الاخير.
دخلت حكومة النسور عامها الأول بكشف حساب يخضع لمزاج حكومي غير معتاد، بقرارات حكومية قوبلت بسخط شعبي عارم جراء مزاعم حقبة إجراءات إصلاحية كانت جيوب المواطنين الأسهل لرفد خزينة وموازنة دولة بلغ الدين العام فيها 29.6 مليار دولار، وهي التي قدرت ابان التكليف نحو 19 مليار و 65 مليون دينار.
21 آب 2013 سجل النسور اول تعديل على حكومته ارتفع عدد المقاعد الحكومية بواقع سبعة مقاعد كانت حصة المرأة منها ثلاث مقاعد ، اصبح فيه اعضاء فريقه ” 27 ” بإضافة الرئيس الذي حمل حقيبة وزير الدفاع إلى جانب موقعه ، بعد أن كان الفريق الحكومي مكونا من 19 عضوا قبل التعديل.
الحقائب الستة والعشرون التي استقر عدد الوزراء عندها توزعت بين ثلاثة عشرة احتفظ بها اصحابها ، ومثلها حقائب جديدة من نصيب ثلاثة وزراء سابقين وعشرة يشغلون الموقع الوزاري لأول مرة أبرزهم الوزير الحراكي المثير للجدل خالد الكلالدة ، فيما غادر الحكومة خمسة وزراء.
على وقع صخب “تناغم قرارات النسور عبدالله السريعة والمفاجئة التي اعتاد الشارع الأردني عليها ” مساء الثاني آذار مارس وبعيدا عن صخب الصالونات السياسية وحالة المخاض الإعلامي، وربما هيأت الأوضاع لنفسها لإنقاذ التعديل بهدوء، وسط غموض وتكتم نجح فيه النسور بفرضهما على وسائل الإعلام ، ودون مشاركة أو استمزاج نيابي أجرى ثان تعديل حكومي عقب إقرار مناقشة الموازنة العامة للدولة في مجلس النواب، ودون حتى معرفة أرقام المصوتين.
ومن اللافت في حينه أن التعديل السريع جاء بأسماء جاهزة بما يؤشر إلى أنها متفق عليها سلفا، وكذلك الامر يتعلق بالوزراء الذين بقوا في مواقعهم بعد عملية تقييم لأداء فريقه استغرقت وقتاً وفقاً لمزاعم رئيس الولاية العامة المفترضة في البلاد.
وشمل التعديل بطابع وزراء تكنوقراط في الغالب بعد خروج ثلاثة من اعضاء فريقه الوزاري، ودخول خمسة وزراء جدد من بينهم سيدتين جديدتين، لترتفع حصة المرأة في الحكومة إلى خمس سيدات، مسجلة بذلك سابقة هي الأولى في تاريخ الحكومات الأردنية.
وخالف التعديل التوقعات بعدم مغادرة وزير المالية أمية طوقان لمنصبه، بعد معلومات عن رغبته لمغادرة كرسي الوزارة منذ أكثر من ستة أشهر، بالإضافة لخيبة توقعات المراقبين المتطلعين الإعلان عن ضم وزيراً للدفاع، عقب مفاجئة احتفاظ النسور لنفسه بهذا المنصب إلى جانب رئاسة الحكومة.
وعلى وقع التقصير وغياب التنسيق الأمني الذي وفره البيان الحكومي الرسمي ليل 17 ايار 2015 اطاح بالمثلث الأمني دفعة واحدة ، لتوفير الغطاء لغضب العاهل الأردني قبول استقالة وزير الداخلية حسين هزاع المجالي قُبيل الإعلان عن إقالة مديري جهازي الأمن العام وقائد قوات الدرك، ادخلت تعديل جزئي ثالث اطل بالوزير القديم الجديد سلامة حماد مرة أخرى لحقيبة الداخلية.
ولعل ثمة اجماع عماني ان التعديل الرابع الذي اجرته الحكومة وطال حقيبتي النقل والمالية، حتما سيكون الاخير في حقبة 4 سنوات لحكومة النسور كثاني صاحب أطول مدة في الدوار الرابع بعد رئيس الوزراء الأسبق علي ابو الراغب الذي بقي هناك لمدة ثلاث سنوات وثلاثة شهور وثلاثة أيام بعد ان خذلته مقولته الشهيرة التي لطالما كان يرددها على مسامع محبيه وخصومه ” إنه سيتخرج ” في إشارة لإتمام عامه الرابع فعاجلته الإرادة الملكية ليختفي بعدها نجمه السياسي.
دخل رئيس الوزراء عبد الله النسور عامه الرابع في شهر تشرين الأول الحالي بعد تسلمه حقبتين رئاسيتين شهدتا الكثير من الأحداث السياسية والاقتصادية الحرجة وملف شرق اوسطي الأكثر سخونة، بجدليه الصالونات العمانية على ” فتورها ” حول إمكانية حل البرلمان مبكراً ورحيل الحكومة، فيما يرجح مطلعون أن تكمل الحكومة والبرلمان عمريهما المفترضين، استناداً إلى التقاط الإشارات الملكية السابقة التي عبرت عن الرغبة في أن يتما عمرهما ” 4 سنوات”.
تجدر الاشارة ان 11 رئيس وزراء خلال حكم الملك عبدالله الثاني بقي النسور وابو الراغب نصف مدة توليه مقاليد الحكم، فيما تقاسم الآخرون بقية المدة.
تعليق واحد
نفس الاشخاص ينتقلون بين الوزارات الطراونة، النسورً الصقور، العتوم، الطيور، العساف، القضاه، عربيات، سيارات، حمامات، الفايز والخ.