تظاهر آلاف الإسرائيليين بميدان “هابيما” في تل أبيب، مساء أمس السبت، احتجاجا على صيغة التسوية الخاصة بالغاز الطبيعي وذلك بعد أيام من استقالة وزير الاقتصاد عضو الكنيست أرييه درعي الذي يقف على رأس حزب “شاس” الحريدي وأحد أحزاب الإئتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو والذي كان يشكل العقبة الأساسية أمام الحكومة لتمرير التسوية.
وحمل المتظاهرون لافتات تتهم نتنياهو بخداع المواطنين والتعامل معهم من منطلق أنهم “أغبياء”، فيما وقعت اشتباكات عنيفة بينهم وبين عناصر الشرطة وتم إلقاء القبض على العديد منهم.
وظهرت خلال التظاهرات لافتات كُتب عليها “سواء في المطر أو البرد لن نسمح بسرقة الغاز” في إشارة إلى عزم المتظاهرين مواصلة تظاهراتهم أيا كانت الظروف المناخية، فضلا عن لافتات تربط بين الصيغة التي تريد الحكومة تمريرها وبين مافيا رجال الأعمال الذين يستحوذون على ثروات البلاد.
وأخلت استقالة درعي الساحة أمام نتنياهو لتسريع مسار خطة التسوية، والتي تتعلق بإيجاد صيغة متفق عليها لتطوير مكامن الغاز الطبيعي في مياه البحر المتوسط وهو ما دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية للمغامرة بالمزيد من الإنتقادات وأبقى وزارة الاقتصاد في عهدته.
وعارض درعي تجاهل الحكومة لقوانين مكافحة الاحتكار، بينما أرادت الحكومة تجاوز تلك القوانين بزعم أنها تسعى لتمرير الصيغة أمام الكنيست بعد ضغوط تتعرض من قبل شركات كبرى وعلى رأسها شركة “نوبل إنرجي” الأمريكية فضلا عن الإشكالية التي ظهرت في أعقاب إعلان القاهرة عن مكامن هائلة في مياة البحر المتوسط.
وخلال التظاهرات، وقعت مصادمات عنيفة بين المتظاهرين وعناصر الشرطة وتم إلقاء القبض عى العديد من النشطاء واقتيادهم للتحقيق، فيما حاول العديد منهم إختراق الحواجز الشرطية وغلق محاور السير الرئيسية.
وعثرت إسرائيل على مخزون كبير نسبيا من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة، ويجري الحديث عن قرابة 1480 مليار متر مكعب من الغاز المثبت وغير المثبت.
وتشير تقارير إلى أنها ستكون في حاجة إلى قرابة 10.5 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي بحلول العام 2020، لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء والمواصلات والقطاع الصناعي حيث سوف تزيد هذه النسبة عام 2025 لتصل إلى قرابة 13 مليار متر مكعب سنويا لنفس الأغراض.
وتحقق تلك الاكتشافات إكتفاءا ذاتيا لإسرائيل من الطاقة على مر العقود المقبلة، ولكن ثمة إشكاليات تتعلق بالنسبة المخصصة للتصدير ومدى استفادة الاقتصاد الإسرائيلي من تصدير الغاز، وإذا ما كانت العملية تنطوي على إهدار لحقوق الأجيال المقبلة فضلا عن قضية احتكار شركات عالمية لهذا القطاع وعدم الإستفادة المثلى من الإكتشافات.
وتعتبر إسرائيل لاعب صغير مقارنة بدول المنطقة التي تمتلك إحتياطي مثبت يفوق الإحتياطي الإسرائيلي بكثير، ولكنها تريد استغلال الكميات المكتشفة لتحقيق مكاسب جيوسياسية تفوق العائد المادي عبر دخول أسواق أوروبا وأسيا وبيع الغاز لدول الجوار، معتبرة أن هذه الخطوة تسهم في حماية أمنها القومي وتعزز شراكاتها ودورها الإقليمي.