“بطاقة دعوة” تصل إلى يد المدعو، إلا أنها لا تصطحب عند قراءتها ابتسامة السرور كما هو معتاد، بل ابتسامة التعجب التي يترجمها اللسان بالمثل الشهير: «شر البلية ما يضحك»، كونها خرجت عن دائرة الدعوات المألوفة والمعتادة داخل المجتمعات. وعلى رغم أن «الطلاق» مباح، إلا أنه في حكم «المكروه» عرفاً، و«المبغوض» شرعاً. وتجهد المجتمعات لمحاربة حالات الانفصال الزوجية بين أفرادها عبر محاكمها الشرعية والجمعيات الخيرية، بعد أن أصبح ظاهرة متفشية، حتى بات بعضهم يتقبل وجوده داخل العائلات.
إلا أن تقبل «الحفلات» التي خصصت له، وما يصاحبها من دعوات ومبالغات، يُعد «مستنكراً» لدى كثيرين.
وبحسب صحيفة الحياة أصبحت «حفلات الطلاق» ضمن قائمة الحفلات المدرجة لدى أصحاب محال الحلويات ومصممي بطاقات الدعوة وملاك الاستراحات وقصور الأفراح، بعد أن كانت القائمة مقتصرة على المناسبات المعتادة، مثل الزواج، والتخرج، والعقيقة، وغيرها من المناسبات، وما يتبعها من كلفة مبالغة من إحياء الحفلة بالطرب والزينة والهدايا الخاصة بالحضور.
ويترجم الإحساس بـ«التحرر» من العلاقة المقدسة «الزواج» عبر الحفلات، وتصاميم «الكعك» التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي أعطت انطباعاً سلبياً عن هذه العلاقة لدى «المقبلين على الزواج»، كما أكد ذلك عضو المجمع الفقهي الدولي أستاذ السياسة الشرعية ونظم الحكم في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر، والتي ستولد رد فعل وتخوف من الإقبال على «الزواج»، معتبراً أنها «سنة اجتماعية غير حميدة».
وشدد سفر على أن حفلات الطلاق «أمر مبتدع في الإسلام»، على خلاف ما أوصى به الشرع من الالتزام بالحقوق بين الطرفين بعد الطلاق، والذي تعذر فيه العشرة بينهما، مستشهداً بقوله تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم».
ووصف «حفلات الطلاق» بـ«العمل المشين الذي لا يتفق مع قيم الإسلام ومبادئه وأصول الحياة الزوجية، ومخل بقواعد وآداب وسلوكيات الزواج»، مضيفاً: «هذه الحفلات لا تليق في مقام من ينتمي إلى الإسلام عقيدة وشريعة ونظام». وقال: «وإن كان الزوج أساء إلى الزوجة، فعليها أن تحمد الله وتشكره على أن تفارق كل منهما قبل أن تمتد الحياة بهما، أما أن يأتوا بولائم وحفلات فهذا أمر مرفوض»، متسائلاً عن تغيب دور أولياء الأمور والأقربين في النصح والتوجيه حول قيام بناتهم بمثل هذه الحفلات، والتي تستوجب الإرشاد والإشارة إلى وجود صلة رحم بعد الفرقة من خلال الأبناء أو العلاقات الأسرية.
وطالب عضو المجمع الفقهي الدولي في نهاية حديثه هيئة كبار العلماء بإصدار «بيان «من مفتي المملكة حول انتشار هذا الظاهرة، يتضمن وعظاً وإرشاداً وإيضاح حكم هذه الحفلات»، قائلاً: «لا بد من أن يكون هناك توجيه من المفتي العام في المملكة حول هذه المسألة، وأن تبين هيئة كبار العلماء الرأي الشرعي للمجتمع، حول هذا الموضوع».