كشف بحثٌ أكاديميٌ إسرائيليٌ جديدٌ النقاب عن ارتفاع حادٍّ جدًا في نسبة الهلع لدى الإسرائيليين بسبب الأحداث الأمنيّة الأخيرة، وتحديدًا ما أسماه مُعّدو هبّة السكاكين الفلسطينيّة.
وبحسب البحث، الذي تمّ إجراؤه في كلية “تل حاي” الأكاديميّة، الواقعة في شمال الدولة العبريّة، فإنّ نسبة الإسرائيليين الذين باتوا يُعانون من حالات الكآبة والهستيريا والهلع والفزع ارتفعت بشكلٍ حادٍ جدًا، مقارنةً مع النسبة التي سُجلّت قبل أربعة أشهر.
وقال مُعّدو البحث، بروفيسور شاؤول كيمحي، بروفيسور يوحانان أيشيل وبروفيسور مولي لاهد، من قسم علوم النفس في الكليّة، إنّ البحث فحص تأثير الأحداث الأمنيّة الأخيرة، أوْ على حدّ تعبيرهم موجة الإرهاب الأخيرة على المجتمع الإسرائيليّ.
وتابعا قائلين إنّه تبينّ من المُعطيات وجود ارتفاع مُقلقٍ للغاية في نسبة شعور الإسرائيليين بالخطر حيّال “هبّة السكاكين” الحاليّة.
وقالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) في مُلحقها الأسبوعيّ، وهي التي أكّدت على انفرادها بنشر نتائج البحث، قالت إنّه مقارنةً مع المُعطيات التي تمّ جمعها قبل أربعة أشهر، هناك فرق واضح في نسبة الخائفين من مختلف شرائح المجتمع اليهوديّ بإسرائيل.
وبحسب المُعطيات، فإنّه في شهر تموز (يوليو) من العام الجاري وصل عدد الإسرائيليين الذي عبّروا عن خوفهم من الأوضاع الأمنيّة وصل إلى مليون شخص، ولكنّ الرقم ارتفع بفعل الأحداث الأمنيّة الأخيرة من طرفي ما يُطلق عليه الخّط الأخضر إلى مليون ونصف المليون، أيْ أنّ أكثر من نصف مليون إسرائيليّ جديد انضّموا إلى دائرة الخائفين والقلقين جدًا من الأوضاع الأمنيّة في الدولة العبريّة.
علاوة على ذلك، وجد البحث أنّ أكثر من 126 ألف إسرائيليّ باتوا يشعرون بدرجةٍ عاليةٍ من الخوف الشديد، وتوجّهوا إلى المصحّات النفسيّة مُشتكين عن شعورهم بالضغوط النفسانيّة (STRESS)، وفقدان القدرة على العمل، وتغييرات مفاجئّة في الشعور وآفات نفسانيّة أخرى، بحسب ما قالت الصحيفة الإسرائيليّة.
وشدّدّ البحث على أنّه بالرغم من أنّ عدد الإسرائيليين الذين شاهدوا أوْ تعرّضوا لعمليات وُصفت بالإرهابيّة ما زال قليلاً ووصل إلى نسبة 1.8 بالمائة من سكّان الدولة العبريّة، إلّا أنّ نسبة الخوف ارتفعت بشكلٍ كبير للغاية ومُقلق أكثر.
وقال البروفيسور كيمحي للصحيفة إنّ الجمهور الإسرائيليّ “عانى” من مُتابعة ومُواكبة العمليات الإرهابيّة بواسطة وسائل الإعلام، وتحديدًا بواسطة الإنترنت، مواقع التواصل الاجتماعيّ (فيسبوك) و(تويتر)، والواتس-آب، فإنّهم عمليًا تابعوا الإرهاب، الذي أسماه البروفيسور كيمحي بالإرهاب ما بعد الحداثة، على حدّ وصفه.
وسُئل البروفيسور كيمحي من قبل الصحيفة عن عوارض وأعراض الإرهاب ما بعد الحداثة، فردّ قائلاً: أحد أهّم الأعراض لهذا النوع الجديد من الإرهاب هو أنّ الإرهابيين والذين يتعرّضون للإرهاب يتلّقون المعلومات من نفس القنوات ونفس المصادر.
وتابع قائلاً إنّ هذا الإرهاب يتّم تحضيره والتخطيط له عبر شبكات التواصل الاجتماعيّ، الأمر الذي يخلق ظاهرة المُنفّذ الوحيد للعملية الفدائيّة، بحيث أنّ الإنسان في هذه القضيّة لا يحتاج إلى دعمٍ أوْ تشجيعٍ من البيئة الحاضنة له اجتماعيًا، إنّما يحصل على هذا الدعم مباشرةً من الإنترنيت.
وتطرّق البروفيسور كيمحي في سياق حديثه إلى الإسرائيليين، الذين يُصابون من موجة الإرهاب، لافتًا إلى أنّ الحديث يجري عن جميع الإسرائيليين، الذين يقومون بمشاهدة أفلام الخوف والرعب، التي توثّق العمليات الإرهابيّة، وتحديدًا عمليات الطعن بالسكين، مُشيرًا إلى أنّه يتّم نشر هذه الفيديوهات والصور بدون أيّ رقابةٍ من أيّ جسم إسرائيليّ، على حدّ تعبيره.
وخلُص البروفيسور كيمحي إلى القول في حديثه للصحيفة الإسرائيليّة مُشدّدًا على أنّ ما أسماه بالإرهاب لا يهدف إلى التغلّب على دولة إسرائيل، أوْ الانتصار على الجيش الإسرائيليّ، إنمّا هدفه الرئيسيّ والمفصليّ هو إثارة الرعب، الخوف والهلع في صفوف الإسرائيليين على مختلف مشاربهم، وبالإضافة إلى ذلك يهدف “إرهاب السكاكين” إلى إنتاج شعورٍ لدى جميع الإسرائيليين بأنّه من الصعب جدًا العيش في هذه الدولة في ظلّ الأعمال الإرهابيّة، والوضع الحالي، قال البروفيسور كيمحي، يخدم الإرهاب ويُحقق أهدافه، على حدّ تعبيره.