كتبت صحيفة Politico نقلا عن قائد عسكري أمريكي قوله إن أي صدام مباشر بين قوات أمريكية وروسية مدرعة سينتهي بهزيمة نكراء ودمار ساحق يحل بالجانب الأمريكي.
ولفتت النظر إلى خلاف كبير بهذا الصدد تحت قبة البنتاغون بين دوغلاس ماكريغور قائد العملية البرية الأمريكية التي انتهت بالقضاء على لواء مدرعات عراقي كامل في حرب الخليج الثانية، ورئيس مركز دمج قدرات الجيش الأمريكي الجنرال ماكماستر، وغيره من الشخصيات العسكرية الأمريكية التي لا تؤمن بضرورة إصلاح القوات الأمريكية وتطوير أسلحتها البرية، بل إنها على يقين تام ومطلق بالتفوق الأمريكي التام والاستثنائي.
ونقلت الصحيفة عن ماكريغور قوله إنه لو وقعت المواجهة في حرب الخليج مع خصم أكثر دهاءا، وأحسن تسليحا، كما الجيش الروسي مثلا، لكانت النتيجة محسومة ومغايرة لما خلصت إليه أمام القوات العراقية.
وأصدر ماكريغور كتابا كشف فيه عن نقاط ضعف القوات البرية الأمريكية، وأشار إلى ضرورة إعادة هيكلتها بما يخدم تحويلها إلى قوات قادرة على التحرك السريع وتتمتع بالاكتفاء الذاتي، تعمل بنظام دمج الأسلحة والأداء العسكري المتكامل.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي نشر ماكريغور مواد توضيحية، وأدلة تثبت أنه في حال وقوع أي مواجهة مباشرة بين القوات المدرعة الأمريكية والروسية فإن النصر سيكون حليف الأخيرة، وأن القوات الأمريكية ستهزم شر هزيمة.
ونقلت Politico عنه قوله في هذا الصدد، وبعد أن وضع أربعة سيناريوهات للمواجهة المباشرة بين القوات الأمريكية والروسية: “إذا ما حدث صدام من هذا النوع فإن قواتنا لن تخسر المعركة فحسب، بل سيتم تدميرها عن بكرة أبيها”.
وبالعودة إلى الإنزال واسع النطاق لـ500 مدرعة أمريكية في أوروبا من نوع Stryker جابت طرق بافاريا والمجر في سبتمبر/أيلول الماضي، وأكدت بمسيرها على حجم الدعم الأمريكي للجيوش الأوروبية في “وجه أي اعتداء تشنه روسيا”، اعتبرت أوساط عسكرية أمريكية وأجنبية أن هذه الخطوة لم يكن لها أي تأثير يذكر على موسكو لإدراكها أن هذه المدرعات ليست إلا شاحنات خفيفة الدرع يمكن إعطابها وتدميرها بأبسط الأسلحة الروسية.
الخطوات العسكرية الروسية المفاجئة والخاطفة في القرم وسوريا، واستعراض موسكو قدرات قواتها برا وبحرا وجوا في الآونة الأخيرة، أثارت جدلا واسعا في البنتاغون، وفي الأوساط الأمريكية المعنية، حول كيفية الرد على روسيا، ومستقبل الجيش الأمريكي بشكل عام. كما عجل هذا الجدل والتطورات الأخيرة في انعقاد لجنة مجلس الشيوخ لشؤون القوات المسلحة لبحث هذه القضايا والوقوف عليها.
ومما تقدم، واستنادا إلى التناقضات الظاهرة في البنتاغون، يبدو أن الولايات المتحدة قد غالت في المبالغة بحجم قوتها وطاقاتها اللامتناهية، ووصلت في غيها إلى عدم التصديق بما يؤكده خبراؤها وقادتها العسكريون.
روسيا من جهتها، وعلى النقيض من ذلك، استطاعت تحديث قواتها وجيشها بما يخدم الدفاع عن أراضيها وحماية مصالحها بشكل فعال، وبكلفة متدنية دون استنزاف للطاقات الاقتصادية والموارد، وهذا ما يؤكده نهج موسكو قولا وفعلا طوال أكثر من عقد من الزمن.
وعليه، فإن التطورات الأخيرة تؤكد صواب المناشدات الروسية لواشنطن بعدم استنزاف الموارد، والانجرار إلى أي حرب باردة أو ساخنة لا غالب فيها، والعمل على التنمية ونبذ نهج التصعيد، بما يخدم التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلدين والعالم.