وعد الأحمد-وطن (خاص)
وصف كاتب ومحلل سياسي سوريا بأنها “أصبحت تشابه مرض السرطان الذي تُرك لفترة طويلة جداً دون علاج” وأن النظام إذا نجح النظام بإلحاق الهزيمة بجميع معارضيه في أبعد الاحتمالات، فإن القمع اللاحق والتطهير العرقي والأزمة الاقتصادية ستستمر في توليد حركة هجرة قوية إلى أوروبا”
وأشار مدير الأبحاث في جامعة ليون 2 “فابريس بالونش” في دراسة له بعنوان (تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا: لماذا الآن بالتحديد؟) نشرها مركز واشنطن لدراسات الشرق الأوسط والأدنى إلى أن “بشار الأسد يبدو سعيداً لرؤية اللاجئين يغادرون سوريا، لأن رحيل الملايين من العرب السنّة- على حد قوله- يزيد من الوزن الديموغرافي للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وهذا التطور يعكس الاتجاه الذي ظهر في العقود القليلة الماضية، عندما كانت معدلات الخصوبة منخفضة في صفوف الطائفة العلوية الأكثر ازدهاراً، إلا أنها بقيت مرتفعة في صفوف السنّة الأكثر فقراً”.
ويشير الكاتب إلى دور التدخل الروسي في تهجير السوريين فخلال الشهر الماضي فقط أظهرت أرقام صادرة عن “مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” تشير إلى أن “تصاعد حدّة القتال شمال غرب البلاد قد أسفر عن تهجير حوالي 120 ألف شخص منذ بداية التدخل الروسي”.
ويحمّل الكاتب الهجوم الأخير الذي تدعمه إيران وروسيا مسؤولية تفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور وبالتالي –كما يقول- قضى هذا الهجوم على الآمال في تحقيق نهاية سريعة للنزاع” واستهدف الروس، على وجه الخصوص، الجهود المبذولة لاستعادة الحياة الطبيعية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وفي ظل تدمير الأسواق والمدارس والمستشفيات، فإن الهجوم الجديد هو عبارة عن تطبيق واضح لاستراتيجية مكافحة التمرد القمعية التي اتبعتها موسكو في الشيشان.
وعلى الرغم من مآسيها، أعطت الحرب العديد من السوريين- كما يقول بالونش- الفرصة لتحقيق أحلامهم. فحتى في المناطق السلمية نسبياً “أدت الظروف الاقتصادية السيئة والخوف من العنف –كما يوضح – إلى تحفيز السكان على بيع منازلهم وسياراتهم واستخدام المال للوصول إلى تركيا بشكل شرعي من لبنان-على سبيل المثال-عن طريق الطائرة من بيروت أو بواسطة القارب من طرابلس.
وكما هو متوقع من مثل هكذا دراسات يلجأ مدير الأبحاث في جامعة ليون 2 (المعزوفة النشاز) التي لطالما صدّع بها الآذان كتابٌ ومحللون لا علاقة لهم بالواقع وبما يجري في سوريا وهي الحديث عن واقع المسيحيين السوريين الذين–بحسب قوله هربوا من الهجمات التي شنها تنظيم «الدولة الإسلامية» أو جماعات الثوار، وليس من النظام”. ففي حلب-كما يقول :” أدّى إطلاق الثوار للصواريخ إلى دفع نصف سكان حي “نور كيوغ” المسيحي الأرمني إلى الخروج منه”. مشيراً إلى أن “نصف السكان المسيحيين، الذين كان عددهم قبل الحرب 1.2 مليون شخص، قد غادروا سوريا”.
ويجري “بالونش” مقارنة غير منطقية بين رغبة المسيحيين بالهجرة إلى أوروبا وعدم امتلاكهم لملاجىء جبلية مثل العلويين والدروز، ولا كانتونات يبنون فيها دويلة لهم مثل الأكراد” إلى جانب ذلك، لم يعد لبنان- بحسب قوله-” يشكّل ملاذاً لهم أيضاً” كل هذه الظروف إضافة إلى فقدان العديد من المسيحيين للأمل في إمكانية بناء مستقبل لأطفالهم في الشرق الأوسط، وفي إطار استمرار النمط السائد منذ قرن من الزمن، يغادر المسيحيون المنطقة متجهين إلى الغرب”.
ويجانب كاتب الدراسة الصواب عندما يشير إلى أن المسيحيين لم يعودوا موضع ترحيب في دول الخليج وهي التي تعج بملايين المسيحيين من كل بلاد الأرض، ويرى الكاتب أن “المساعدات الدولية لم تعد كافية لمنح المسيحيين مستوى معيشة كريم في الدول المجاورة”، وقاصمة الظهر في هذه التبريرات الخيالية المريضة هي كما يقول “الخشية من انتشار التطرف بين الجيل الضائع من اللاجئين في سن المراهقة”.ولم يشر صراحة فيما إذا كان الجيل الذي يقصده من المسيحيين أو من المسلمين.
وبعد أن يستعرض الكاتب أوضاع اللاجئين السوريين في كل من لبنان وتركيا ومصر والعراق والأردن يصل إلى القول أن “الاستقرار في دول الجوار هو عملية معقدة وغير مرغوب فيها مقارنة مع معايير الحياة الأوروبية”
ولا ينسى كاتب الدراسة أن يشرح مزايا “اللجوء إلى الفردوس المنشود” من تطبيب ورعاية اجتماعية، ومزايا لم الشمل التي تسمح للأشخاص الضعفاء تجنب مخاطر الهروب الأولي– حسب وصفه- بحيث يمكن للأب أن يقوم بهذه الرحلة وحده، وأن يحصل على بطاقة الإقامة، ثم يتقدم بطلب لم الشمل مع زوجته وأولاده وأهله”.