خرج مدير منظمة “هيومان رايتس ووتش” في بريطانيا ديفيد ميفام سريعا للتعلق على تصريحات وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني توباياس إلوود بأن مصر “تخطو نحو ديمقراطية أكثر قوة”، وإن العلاقات البريطانية المصرية في “وضع إيجابي للغاية”، ووصفه بالزعم السخيف في ضوء القمع الجماعي، وأنه يعكس جيدًا نهج بريطانيا الحالي في سياستها الخارجية.
وقال ميفام، في مقال نشرته صحيفة “هافينجتون بوست” الأمريكية وموقع منظمة “هيومان رايتس ووتش”، إن مصر تشهد حملة قمعية غير مسبوقة تستهدف المنتقدين والمعارضين، وتعصف بالحقوق والحريات الأساسية، وترسخ دولة الاستبداد التي ثار عليها بشجاعة كثير من المصريين في 2011، مطالبا ديفيد كاميرون، الذي يحل الرئيس السيسي ضيفًا عليه في داوننج ستريت الأسبوع الحالي، أن لا يتجاهل هذه القضايا.
وأشار الكاتب إلى أنه في الشهور التي تلت الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، قتلت قوات الأمن المصرية نحو 1150 متظاهرا في 5 حوادث. وفي أسوأ هذه الحوادث، في 14 أغسطس، سحقت قوات الأمن أنصار مرسي المعتصمين في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، وقتلت ما لا يقل عن 817 شخصًا، في ما قد يكون أكبر عملية قتل جماعي لمتظاهرين خلال يوم واحد في التاريخ الحديث، أسوأ حتى مما حدث في ميدان تيانانمين في الصين، على حد وصفه.
وتابع الكاتب: رغم مرور عامين على هذه المذبحة، لم تُوجه تهم بالمسؤولية عنها إلى أي مسؤول في الحكومة أو قوات الأمن المصرية. ووفقًا لمصادر محلية ذات مصداقية، فإن قوات الأمن المصرية اعتقلت أو وجهت الاتهام أو سجنت ما لا يقل عن 41 ألف شخص في الفترة ما بين يوليو 2013 وأبريل 2014 في قضايا على صلة بالفوضى السياسية، غالبيتهم بسبب مزاعم تتعلق بتأييدهم أو ارتباطهم بالإخوان المسلمين.
وأشار أيضا إلى أنه حُكم على مئات المصريين بالإعدام، معظمهم بعد محاكمات جماعية غير عادلة. ومنها حكم الإعدام على مرسي وعدد من مساعديه، بالإضافة إلى مرشد الإخوان، وتستند إدانتهم بشكل تام تقريبًا إلى “شهادة” مسؤولين أمنيين، من دون تقديم دليل يثبت صحة التهم الموجهة لهم.
وأوضح الكاتب أن الحكومة المصرية كثفت قمع المجتمع المدني والصحافة المستقلة، واضطر العديد من منظمات حقوق الإنسان بما فيها هيومن رايتس ووتش لإغلاق مكاتبها، وسجنت صحفيين مصريين ودوليين.
ولفت إلى أن مصر تواصل حملة شرسة لمكافحة المسلحين في شمال سيناء. وفي حين تواجه الدولة المصرية جماعة متطرفة خطيرة هناك موالية للدولة الإسلامية، فإن عملياتها لمكافحة المسلحين عشوائية وتعسفية. في محاولة لفرض منطقة عازلة مع قطاع غزة، محا الجيش المصري أحياء بكاملها من الخريطة، مهجرًا آلاف الأسر، في شمال سيناء، خلال العامين المُنصرمين.
وتابع الكاتب: بعيدًا عن المزاعم غير المنطقية المتعلقة بالتحول الديمقراطي، هذا هو واقع مصر اليوم، ما يحب أن يدفع إلى إعادة تقييم عاجلة وعميقة للسياسة البريطانية. إن أقل ما ينبغي أن يفعله ديفيد كاميرون، خلال زيارة السيسي، هو تأييد إجراء تحقيق دولي في الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها قوات الأمن المصرية. كما ينبغي أن يدعو علنا للإفراج الفوري عن جميع المحبوسين ظلمًا، وأن يحث مصر على إنهاء سياساتها التعسفية، في مكافحة التمرد في سيناء وغيرها، التي تغذي التطرف ولا تحتويه.
وختم ميفام مقاله بالقول: إن أي شئ أقل من ذلك، سيكون خيانة للعديد من المصريين، الذين لا يزالون يناضلون لإنهاء القمع، ولأولئك الذين فقدوا حياتهم أو حريتهم سعيًا لديمقراطية حقيقية.