تحولت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال 11 عامًا وتحديدًا منذ رحيل مؤسسها الشيخ زايد آل نهيان، فبعد أن كانت داعمة لتحرر الدول العربية، تنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الشعوب العربية خاصة بما يضيرها تحولت على يد أولاد وأحفاد الشيخ زايد لحجر عثرة في طريق التحرر، والحرية، فأصبحت محاربة لثورات الربيع العربي، داعمة ومخططة للانقلابات العسكرية التي تحكم الشعوب العربية بالحديد والنار.
عرفت سياسة الشيخ زايد، الخارجية بالتميز والحكمة والاعتدال والتوازن وتغليب لغة الحوار والتفاهم في معالجة كافة القضايا كما قامت على السلام ليلقبه الكثيرون بـ”حكيم العرب”، منطلقاً من إيمانه بأن السلام وبرز ذلك في تناوله لعدة قضايا مهمة . منها:
العلاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني
يعد الاختلاف الكبير في النهج بين الشيخ زايد وأبنائه هو دور الشيخ زايد في حرب أكتوبر التي قام بها الجيش المصري والجيش السوري ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي المصرية والسورية فحينها شاركت دول الخليج في تلك المعركة، وقال الشيخ زايد حينها مقولته الشهيرة: “النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي”، والتي كانت إيذاناً بفتح معركة البترول الشهيرة التي خاضتها دول الخليج ضد الصهاينة والغرب.
وكان الشيخ زايد أول الزعماء العرب الذين وجهوا حينها بضرورة الوقوف إلى جانب مصر وسوريا في معركتهما المصيرية ضد الصهاينة، مؤكداً أن “المعركة هي معركة الوجود العربي كله ومعركة أجيال كثيرة قادمة علينا أن نورثها العزة والكرامة”.
على النقيض من ذلك الموقف، كان موقف أبناء زايد من الصراع العربي الإسرائيلي والذي ظهر واضحًا في عدة مواقف أبرزها وآخرها كان تصويت الإمارات الأخير لصالح حصول دولة الاحتلال الصهيوني على عضوية الأمم المتحدة في مجالات أبحاث الفضاء.
لم تقتصر العلاقات الإماراتية الإسرائيلية على الموقف الأخير بل كشفت تقارير عدة وجود علاقات مستمرة مع الكيان الصهيوني ترجع للعام 2012 حيث وقعت السلطات الإماراتية عقدًا مع شركات إسرائيلية بقيمة 800 مليون دولار لتزويد سلطة المنشآت والمرافق الحيوية في أبوظبي بـ “كاميرات المراقبة، والأسوار الإلكترونية وأجهزة استشعار لمراقبة البنية التحتية وحقول النفط الإستراتيجية”.
بالإضافة لوجود تقارير من مطار بن جوردن نقلته جريدة هارتس الإسرائيلية يكشف عن حركة تنقلات تجارية مستمرة لا تقل عن مرتين أسبوعيًا بين مطار أبو ظبي وتل أبيب.
وعلق إسحق غال، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب، على ما تناقلته جريدة هارتس من معلومات تثبت العلاقة بين الإمارات والكيان الصهيوني بقوله: “العلاقة على مستوى عال والعمل لابد أن يحدث بمباركة ومشاركة الجهات الحكومية ولكن، بالطبع، لا أحد يعترف بهذا – تجرى التجارة بالكامل من خلال أطراف ثالثة-“. وأضاف:”لا أحد لديه أي إحصاءات لأن التجارة سرية ولكن أقدر أن يكون هناك حوالي مليار دولار في السنة، وربما أكثر من ذلك”
الإمارات مغلقة في وجه السوريين
أدى الغزو العراقي للكويت عام 1990 إلى خروج الآلاف من الكويتيين من بلادهم هربًا من جحيم الحرب وأمر الشيخ زايد باستقبالهم وتوفير السكن لهم ومنحهم مساعدات مالية بالإضافة إلى إعفائهم من دفع أي رسوم للعلاج الطبي. وخلال الحرب لجأ 66 ألف كويتي إلى الإمارات.
وعلى الرغم من تشابه الموقف مع ما يجري في سوريا من حرب ونزوح الآلاف من السوريين نحو العالم العربي إلا أن دولة الإمارات بقيادة أبناء زايد لم يجد فيها اللاجئين مكانًا يؤويهم، بل وجد بعض من تمكن من الدخول للإمارات أماكن بمعتقلاتها السرية نتيجة لانتمائهم السياسي أو لانتماء أقاربهم السياسي.
من السعي لإنقاذ دماء العرب لمساندة الانقلابات العسكرية
يعد الموقف الأبرز الفاصل بين سياسات الشيخ زايد وسياسات أبنائه هو ما تجلى في موقف الشيخ من حرب لبنان الأهلية، ومحاولته المساهمة من خلال جامعة الدول العربية لحل الأزمة وإيقاف الدم اللبناني، وكذلك نداءه بالمصالحة بين الكويت والعراق واهتمامه بحفظ السلام في الصومال وكوسوفو، وجهود الوساطة التي بذلها في اليمن لوقف الحرب الأهلية عام 1994.
في المقابل برز دور كبير لأبناء زايد في الدول العربية خاصة خلال الفترة الأخيرة وهو الدور الذي كان سببًا في سقوط الكثير من الدماء العربية، حيث دعمت الإمارات الانقلاب العسكري على أول رئيس مصري منتخب ومازالت تواصل دعم من قاموا به وعلى رأسهم رئيس النظام عبد الفتاح السيسي هذا الدعم الإماراتي السخي جاء رغم سقوط الآلاف من القتلى العزل على يد النظام المصري.
برز أيضًا تغير الدور من زايد لأبنائه بشكل واضح في التدخل الإماراتي في الشأن الليبي السافر والمعلن، حيث تدعم الإمارات بشكل معروف قوات اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر والذي كان أحد المقاتلين بجوار الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي وواصل مهمته بعد مقتل القذافي محاولًا تدمير الثورة الليبية من داخلها.
وتجلى الدعم الإماراتي في عدة أمور أبرزها إرسال أسلحة لقوات اللواء حفتر وفقًا لما نقلته وسائل إعلام أجنبية ونشطاء ليبيين بالإضافة لإعلان قوات فجر ليبيا التابعة لثوار ليبيا احتجازهم نهاية العام الماضي لطائرة إماراتية تحمل أسلحة في مطار “غات” جنوب ليبيا، وعلى الرغم من إعلان الإمارات أن الطائرة إغاثية إلا أن هيئة أركان الجيش الليبي نفت ذلك مؤكدة أنها كانت متوجهة لمساندة ميليشيات محسوبة على اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مدينة أوباري .
“شؤون خليجية”