يرى مراقبون وخبراء أن هناك أسباب ظاهرة وأخرى خفيفة تفسر أسباب التحول الكبير سياسة ومنهج الإعلام المصري الموالي للنظام الحاكم “العسكري” تجاه المملكة العربية السعودية، وسياستها وقادتها، وهجومه المستمر عليهم والذي بدأ منذ تولي الملك سلمان الحكم في يناير الماضي وزاد مؤخرًا، مؤكدين أن التغيير ناتج عن تغير مورد رزق الإعلام المصري “الرز” من السعودية إلى الإمارات، وأن الإعلاميين المصريين ينفذون ما أملاه عليهم الكفيل الجديد من هجوم على السعودية وحكامها لما بين الرياض وأبوظبي من اختلاف في الرؤى والآراء حول عدد كبير من القضايا الحساسة، بل وما يشير إليه البعض من محاولات الإمارات إزاحة السعودية واحتلال مكانتها إقليميا ودوليا. وفق تقرير مفصل نشره موقع “شؤون خليجية”
الإعلام المصري قائم على “التمويل السياسي”
ويقول الموقع: يعد التمويل السياسي للإعلام المصري من أبرز العلامات المميزة له والتي ينتقدها حتى مسؤولو هذا الإعلام، ومنهم أسامه هيكل، وزير الإعلام الأسبق ورئيس رئيس مدينة الإنتاج، حيث أكد في تصريح سابق له، أن هناك مخططات للسيطرة علي وسائل الإعلام المصرية من خلال ضخ تمويل أجنبي من الخارج، وأنه يجب التصدي بحزم لدخول مثل هذه الأموال إلي وسائل الإعلام.
كما أكد الشاعر والكاتب المصري فاروق جويدة، في مقال له يوليو الماضي، وجود عمليات تمويل للإعلام ورشاوى تقدم للإعلاميين مضيفًا:”أن هناك أوراقا ومستندات وأسماء لأشخاص شاركوا في هذه العمليات وحصلوا على أموال منها”.
وعلى الرغم من أن “جويدة” لم يحدد من الممول وما الوسائل التي حصلت على التمويل إلا انه قال : إن “التمويل الأجنبي اخترق الإعلام المصري بضراوة حتى وصل إلى أبعد نقطة فيه ما بين الفضائيات وغيرها من وسائل الاتصال هناك أياد خفية ترسم الآن خطط الإعلام المصري وتوجه مسيرته وهى في أحيان كثيرة ضد مصالح مصر لأنها تخدم مصالح من يدفع ويمول ويملك قرار المنع والظهور”.
“دحلان” وكيل الإمارات لتمويل الإعلام المصري
وأشار خبراء إلى سيطرة الإمارات على الإعلام المصري، وذلك بالتزامن مع زيارة محمد دحلان، القيادي المطرود من حركة فتح ومستشار حاكم أبو ظبي الحالي لمصر، أول سبتمبر الماضي، والتي جاءت في إطار استثمارات الرجل في مشاريع إعلامية مصرية موجودة بالفعل وأخرى ستولد قريبًا.
وعضد ما أشيع عن دور “دحلان” في توزيع “الرز” الإماراتي استقبال الإعلام المصري له استقبال الأباطرة حيث زار جريدة اليوم السابع المصرية، وظهر بشكل بارز في عدد من وسائل الإعلام المصرية آنذاك.
ونشر الكاتب الصحفي وائل عبد الفتاح مقالًا آنذاك أكد فيه تلك الإنباء، حيث قال: إن “الإمارات ضخت مليار دولار في الإعلام المصري، أشرف على توزيعها القيادي المطرود من حركة “فتح”؛ من أجل السيطرة على الإعلام المصري وتعزيز دور الأذرع الإعلامية من أجل خدمة أجندة النظام الإماراتي بشكل عام والعسكرية بشكل خاص”.
مقال “عبد الفتاح” أشار أيضًا لوجود أموال سعودية في طريقها لمصر لنفس الهدف في إطار المنافسة بين الدولتين من أجل السيطرة على الإعلام المصري، وأضاف: أن “المليار دولار الإماراتية جاءت عن طريق “دحلان”، بينما كانت الواجهات من نصيب رجل الأعمال المصري “إيهاب طلعت”، مشيرًا إلى أن المليار دولار الإماراتية تم صرفها بالكامل.
قنوات وصحف ومواقع مصرية تمتلكها الإمارات:
بدوره نشر موقع المصريون الإخباري تقرير عن التدخل الإماراتي في الإعلام المصري مشيرًا لملكية الإمارات المعلنة لفضائية «الغد العربي»، منذ ظهورها للتمهيد لعزل الرئيس محمد مرسى، والتي يملكها الشيخ «طحنون بن زايد»، ويشارك فيها قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان.
ولفت الموقع إلى قيام مجلس إدارة مجموعة “الغد العربي للإعلام”، بتعيين مسؤول التلفزيون المصري في عهد «مبارك»، (عبد اللطيف المناوي) لرئاسة قناة «الغد العربي»، فبراير الماضي، بالإضافة لتوسيع مكتب القاهرة لنقل أغلب مكاتب القناة له من لندن – وذلك في إشارة منها لتحول القاهرة لمنبر رسمي للإعلام المتحدث باسم الإمارات.
كما نقلت وسائل الإعلام عن مساهمة “دحلان” خلال زيارته الأخيرة في إطلاق قناة “النهار الجديدة” ،لافتة إلى أن مستشار حاكم أبو ظبي لا يزال أحد المساهمين في المجموعة، كما يتواجد فيها ماليا الفريق أحمد شفيق. ورغم نفي القناة لبعض الأسماء اكتفت بالقول أن “التمويل عربي”.
كما نشرت مواقع اخبارية أخرى أبرزها موقع “رصد” الحديث عن التمويل الإماراتي للإعلام المصري وأشارت لتمويل “دوت مصر” والذي كُشف تمويله بسبب خلافات بين الممول الإماراتي وإدارته. حيث قامت إدارة “دوت مصر” بفصل أكثر من 75 صحفيًا، ما دفع إلى تدخل إدارة الإعلام بديوان ولي عهد أبوظبي المالك الحقيقي للموقع لإنقاذ الصحفيين المفصولين بالموقع وإعادتهم للعمل.
كما أشار الموقع لتمويل الإمارات عددًا كبيرًا من الصحف؛ أبرزها “البوابة نيوز” برئاسة تحرير عبدالرحيم علي، و”اليوم السابع” برئاسة تحرير خالد صلاح، وعددًا من الصحف الأخرى بالإضافة لعدد كبير من القنوات التلفزيونية مثل الـCBC والتي تعاني من أزمة مالية بعد تقليص التمويل الإماراتي.
الهجوم الإعلامي المصري على المملكة
على الرغم، من كون التمويل السياسي ليس بجديد على الإعلام المصري، بل وكون الخليج وخاصة السعودية والإمارات أحد أبرز أطرافه أمر معلوم وليس مجهول منذ فترة طويلة، إلا أن تحوله لأداة للهجوم على أحد طرفي التمويل هو الأمر الذي لم يتأكد أحد من صدقه حتى الآن وإن كانت ملامح الهجوم بارزة داخل الإعلام المصري ضد السعودية وسياساتها بالمنطقة، والتي تختلف حاليًا في قضايا كثيرة مع الموقف الإماراتي والمصري.
وهاجم الإعلام المصري بشكل دائم الموقف السعودي من القضية السورية وخاصة بشار الأسد والذي تصر المملكة أن لا حل للأزمة السورية إلا برحيله، فيما يعتبر الإعلام المصري ردًا على هذا الموقف أن السعودية تدعم “الإرهاب” في سوريا، وتدعم الحركات التي يصفها بالإرهابية مطالبيا بالوصل المصري مع إيران بدلا من السعودية.
وجاء هجوم الإعلام المصري على سوريا مترافق أيضًا مع انضمام القاهرة لما يسمى المحور الرباعي الجديد الذي يدعم الحل السياسي للأزمة السورية باستمرار الأسد لفترة انتقالية، ويضم المحور كل من مصر والإمارات والأردن بزعامة روسيا التي تدخلت مؤخرًا عسكريًا بسوريا.
كما هاجم الإعلام المصري الموقف السعودي الرافض للتدخل العربي عسكريًا في ليبيا وهو الموقف الذي تتفق فيه مصر مع الإمارات أيضًا.
فيما تداولت بعض المواقع أنباء أن الهجوم المصري الذي بدأ منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم كان معبرًا عن قلق الإمارات من تغيير سياسات السعودية في المنطقة، ولإيمان الإمارات أن الملك سلمان ومن معه من أمراء سيعملون خارج أجندة الإمارات السياسية.
وطال الهجوم المصري أيضًا “عاصفة الحزم” التي يقوم بها التحالف العربي المشترك بقيادة السعودية رغم التأييد المعلن للحكومة المصرية والسلطات الإماراتية للعاصفة ومشاركة الإمارات بالعاصفة.
اتهامات للإمارات بدعم الهجوم على السعودية
واتهم الكاتب الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير المصريون، الإمارات بالوقوف وراء الهجوم الإعلامي المصري على المملكة العربية السعودية وحكامها.
وقال “سلطان” في تصريح تلفزيوني مؤخراً: إن “دولة خليجية” تقوم بتمويل قطاع كبير من الإعلام في مصر، مما يمكنها من التحكم في توجهاته – في إشارة إلى دولة الإمارات العربية، وأضاف: “أن النظام الحالي في مصر أصبح لديه قلق شديد من تغير السياسة السعودية نظراً للدعم الاقتصادي الذي كانت تقدمه المملكة لمصر”.