اعتبرت مجلة “فرونت بيج”، الأمريكية، أن الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته، جون كيري، ومعهما كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية، حاولوا طمأنة الشعب الأمريكي بأن الصفقة النووية التي وقعت مع إيران، والمعروفة باسم خطة العمل المشترك الشامل، متينة كالصخر.
وبحسب كيري” تقفل الصفقة جميع السبل أمام إيران للحصول على المواد التي تمكنها من الحصول على سلاح نووي، وتقضي على هواجس المجتمع الدولي بشأن برنامج إيران النووي”.
ولكن، برأي المجلة، في البرج العاجي حيث يقبع أوباما وكيري وسواهما من المفاوضين السذج، يسود اعتقاد أنهم توصلوا إلى اتفاق واضح، ولا تشوب بنوده أي غموض، وقد قبلت به إيران, كما أقنعوا أنفسهم بأن الصفقة بنيت على أساس قوي لآلية تفتيش دولي، وحوافز تشمل سياستي الجزرة والعصا تضمن انصياع إيران. ولكنهم مخطئون في جميع حساباتهم وفقا لموقع “24 الاماراتي”.
وتشير المجلة إلى تسويق إدارة أوباما لتفسيرها للصفقة الإيرانية للشعب الأمريكي، وهو تفسير يتناقض كلية مع تفسير نظيره المفاوض، السلطة الدينية الإيرانية التي يتزعمها المرشد الأعلى علي خامنئي. فقد وجه خامنئي لكمة مفاجئة للرئيس الإيراني حسن روحاني عبر رسالة توجيهات شملت مجموعة من الشروط المكتوبة. وقد نشرت الرسالة في ٢١ أكتوبر( تشرين الأول) ٢٠١٥، بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على الإعلان عن التوصل للصفقة.
وتقول المجلة إن لم يكن هناك التقاء في الأفكار منذ البداية، فإن خطة العمل الشامل المشترك لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه. إنها بنيت على أساس من الرمال. ومن ثم، فإن تعهدات النظام الإيراني لا تساوي أيضاً قيمة الورق الذي سجلت عليه، بعدما ثبت مرة تلو مرة، ومن خلال سجل حافل بانتهاكات للقانون الدولي، ولأمثلة عن المراوغة والخداع. ورغم ذلك تواصل إدارة أوباما اعتقادها بأن شيئاً ما مختلف قد تم في هذه المرة. إنها تؤكد حقيقة ما نسب لألبرت إينشتاين قوله “يتلخص الجنون في تكرار نفس العمل مع توقع نتائج مختلفة”.
وكما تلفت المجلة، إلى إن رفع العقوبات عن إيران مقابل خطة العمل الشامل المشترك، يعد بمثابة الجزرة، من منظور إدارة أوباما. وسيعتمد تقديمها على تطبيق إيران الكامل لالتزاماتها. فإن طبقت إيران تعهداتها بالحد من برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وأعادت بناء مفاعل معاصر لأبحاث الماء الثقيل في آراك بقدرات أقل بكثير مما يلزم لإنتاج بلوتونيوم، فإن العقوبات سوف تعلق، وخاصة أنها فرضت جراء نشاطات إيرانية ذات صلة بأبحاث نووية.
وفسر وزير الخزانة الأمريكي، جاك ليو، هذه النقطة بقوله “لن ترفع عن إيران أية عقوبات ما لم تف بجميع الالتزامات التي نصت عليها الصفقة. وإن امتثلت إيران بالكامل لبنود خطة العمل المشترك الشامل، وإن تحققت الوكالة الدولية للطاقة النووية من هذا الامتثال، فإن رفعاً مرحلياً للعقوبات سوف يجري تنفيذه”.
وأضاف وزير الخزانة الأمريكية “ولكن لن يجري تعليق للعقوبات التي فرضت على إيران بسبب نشاطاتها الإرهابية وتجاوزاتها لحقوق الإنسان لأنها غير ذات صلة بالصفقة النووية”.
أما عصا إدارة أوباما، فهي تعتمد، كما تشير المجلة على عنصرين. وقد أوضح وزير الطاقة الأمريكي إيرنست مونيز، والذي لعب دوراً أساسياً في مفاوضات خطة العمل الشامل المشترك، بأن “نظام تحقق ومراقبة غير مسبوقين سوف يطبقا على إيران. وفي حال خرقت طهران أي من التزاماتها بعد تعليق العقوبات المتعلقة بنشاطات نووية، فإن مفاوضينا ابتكروا ما عرف باسم آلية الارتجاع السريع، أي إعادة فرض العقوبات بالسرعة الممكنة”.
وتنقل المجلة عن فحوى رسالة الإرشادات التي وجهها آية الله خامنئي للرئيس الإيراني روحاني، بأنها تحوي شروطاً يجب تلبيتها لإيران لكي تنفذ وتطبق خطة العمل الشامل المشترك. وقد اتضح أن تلك الشروط تبطل البنود الرئيسية للخطة والتي تعتمد عليها الإدارة الأمريكية لضمان انصياع إيران. وقد تم تحليل تلك الشروط من خلال مقال ثاقب كتبه ييغيل كارمون وآيليت سافيون من معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط.
فقد أكد خامنئي في رسالته بأن إيران لن تتخذ أية خطوات لتطبيق خطة العمل المشترك الشامل “ما لم ترفع جميع العقوبات بالكامل، وليس تلك المتعلقة فقط بالبرنامج النووي”.
وبالإضافة إليه، تقول المجلة أن خامنئي يرفض مواصلة فرض عقوبات وضعت على أساس “أعذار مختلقة كالإرهاب وحقوق الإنسان”، وأنها ستعد خرقاً لخطة العمل المشترك.
كما طالب المرشد الإيراني الأعلى الاتحاد الأوروبي والرئيس أوباما بتقديم بيان مكتوب يؤكد “رفع العقوبات”. وحذر ضمن توجيهاته “من أي إعلان بأن نظام العقوبات سيبقى ساري المفعول في حال لم يتم التطبيق الكامل لخطة العمل المشترك”.
وذلك يعني، برأي فرونت بيج، أن خامنئي لم يرفض فقط آلية “إعادة فرض العقوبات” كوسيلة ستلجأ لها الولايات المتحدة وشركاؤها في حال خرقت إيران التزاماتها، بل هو يعتبر أن إعادة فرض العقوبات بسبب خرق أي بند من بنود الاتفاق، سيعني توقف إيران عن تطبيق تلك الخطة.
وكما أشار الكاتبان كامرون وسافيون “يعتبر فرض خامنئي لتلك الشروط تعديل كامل لخطة العمل المشترك، بما يعني أن إيران لن تطبق التزاماتها وفق الخطة، ما لم ترفع جميع العقوبات بالكامل”.
وكما توقع قبل عامين المحلل السياسي الإيراني، والمستشار الرئاسي السابق، محمد صادق الحسيني “عندما تجري مفاوضات سياسية مع إيران، فإنك تكون خاسراً، وإن ظننت أنك انتصرت”.