بعد مقتل أكثر من 15 منتسباً تابعاً للحرس الثوري الإيراني الفاعل في سوريا، من بينهم 8 ضباط كبار، إلى جانب الجنرال حسين همداني، تثار الشكوك والأسئلة حول قدرة إيران على حسم المعركة على الأرض أمام قوات المعارضة السورية.
ويرى المحللون أن توغل إيران أكثر في المعركة سوف يزيد من تورطها وحجم خساراتها التي هي في الحقيقة أكثر من حجمها المعلن، مشيرين إلى أن هذه الخسائر تأتي في محاولة لتحقيق الهدف المعلن من التدخل العسكري وهو دفع المعارضين للجلوس إلى طاولة التفاوض مع نظام الأسد وتقديم تنازلات.
وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي والعسكري لصحيفة “هآرتس” العبرية، تسبي بارئيل، إن الأيام القريبة سوف تكشف هل كانت العمليات العسكرية الإيرانية-الروسية في سوريا فعلاً سوف تشجّع تقدّم المحادثات السياسية، أم أن قوى المعارضة الفاعلة في الأراضي السورية سوف تنجح بكبح تقدم قوات الأسد وتمنعه من السيطرة على حلب، وهو ما سيدفع إيران لإرسال المزيد من قواتها البرية.
وتشير التقديرات إلى أن إيران يمكن أن تتراجع عن قرار شن هجمات في الأراضي السورية، وذلك على ضوء الجهود السياسية التي تهدف لتطبيق خطة عمل سياسية لتشكيل حكومة مؤقتة، إلى جانب ذلك قد تحوّل الهجمات الإيرانية الواسعة سوريا إلى ساحة “إيرانية”، وهو ما قد يدفع الجيوش العربية لرد فعل عسكري على ذلك.
ويضيف أن هذه التقديرات تستند إلى سلسلة اللقاءات التي عقدها سليماني مع مسؤولين كبار في روسيا بشهر يوليو الماضي من أجل التنسيق أمنياً وعسكرياً، والاتفاق على التعاون العسكري في سوريا، بالمقابل تحدثت تقارير إيرانية سابقة عن نيّة طهران عقد مؤتمر قمة في أكتوبر الحالي لصياغة خطة سياسية إيرانية، لكن يبدو أن الخطة تبنتها روسيا.
إلى جانب ذلك يرى بارئيل أن استعداد القوات الإيرانية وتوزيع نقاط الهجوم الروسية على المواقع المختلفة، من أجل السيطرة على حلب وأخذها من يد قوات المعارضة، لن تكون معركة حاسمة حتى وإن نجحت، كما أنها لا تدل على نيّة إيران في السيطرة على الأراضي السورية كافة وانتزاعها من يد قوات المعارضة.
فبحسب المحلل، تهدف إيران بهجماتها فقط إلى إحراز نقطة تحول استراتيجية ستؤدي للضغط على قوات المعارضة للموافقة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات السياسية. أي تسعى إيران لدفع المعارضة إلى إقناع الولايات المتحدة أن استمرار اعتراضها على مشاركة الأسد في العملية السياسية سوف يؤدي إلى حرب إقليمية.
وتشير التقديرات إلى أن 2000-3000 مقاتل إيراني فاعلون على الأراضي السورية، بعد أن قدموا من إيران والعراق لمساندة جيش الأسد. فقسم منهم وصل في شهر يونيو الماضي، من بينهم 400 متطوع أفغاني قام الحرس الثوري الإيراني بتجنيدهم من بين آلاف اللاجئين الأفغان في إيران، مقابل منحهم المواطنة الإيرانية.
ومن الفرق المقاتلة المهمة الأخرى هي “حزب الله النجباء” التابعة لمليشيات شيعية تنشط تحت قيادة وتمويل جهات إيرانية في العراق. لكن ومع أنهم يحاربون في العراق ضد تنظيم “الدولة” فإن مهتمهم في سوريا مختلفة؛ فبحسب بارئيل، صرّح المتحدث باسم هذه المليشيا مؤخراً بأن مقاتليه هم “الموالون للقائد علي خامنئي، ويحاربون في كل مكان من أجل حماية الأماكن المقدسة الشيعية”، ولا يختلف هذا عن وصف الناطقين الرسميين الإيرانيين الذين يتحدثون عن هدف إيران من التدخل في سوريا.
الأمر الجديد في التدخل الإيراني بسوريا، هو أن هذه هي المرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي الذي ترسل فيها إيران قوات برية للقتال في دولة أجنبية. فتدخلها في سوريا لا يقتصر على تقديم الاستشارات العسكرية كما فعلت في لبنان سابقاً، بل يعرضها لخسارات كثيرة في الأرواح، وهو تغيّر ملموس في الاستراتيجية الإيرانية التي لن تمر دون مساءلة ونقد في المجتمع الإيراني.
وتورطت إيران ومليشياتها في الحرب ضد الشعب السوري منذ بدايات الثورة التي استطاعت أن تعرض نظام الأسد للخطر ما دفع طهران للمسارعة بإنقاذ الأسد بإرسال القوات والسلاح للنظام ومع فشل إيران من إنقاذ النظام تم الاستعانة بروسيا التي شارف تدخلها على الشهر دون أن تحقق أي نتائج استراتيجية على الأرض لصالح نظام الأسد.