نقلت تقارير إعلامية عن مصادر أمنية إسرائيلية أن ما أسمته “موجة الإرهاب الفلسطينية” ستسمر لفترة طويلة، وبالتالي، فإن المنظومة الأمنية تدرس في هذه الأيام قضية استدعاء جنود الاحتياط.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إلى أن جنود من الوحدات المُختارة في جيش الاحتلال يقومون في هذه الأيام بحراسة الحافلات العامة والقطارات، تحديدًا في القدس، لإحباط أي مُحاولات فلسطينية لتنفيذ عمليات فدائية ضد إسرائيليين.
غير أن هذه التدابير الجديدة أثرت بشكل مباشر في تدريبات الجيش الإسرائيلي استعدادًا للمواجهة القادمة، وأن القائد العام لهيئة الأركان، الجنرال غادي آيزنكوط، يعكف في هذه الأيام على إعداد خطة جديدة لعدم المس أكثر بالتدريبات الروتينية لجميع وحدات الجيش الإسرائيلي.
ويأتي هذا التطور، وفقا لمحللين ومتابعين، بعد تنفيذ عملية بئر السبع، يوم الأحد الماضي، والتي قام بتنفيذها أحد الشباب، مُهند العقبي، من قرية حورة غير المعترف فيها بالنقب.
وعليه، لم ينحصر الاهتمام الإسرائيلي في نتائج العملية الأخيرة في بئر السبع، بل شمل أيضا ما انطوت عليه العملية بهوية منفذها وساحة تنفيذها، من أبعاد ودلالات تؤشر على إمكانية اتساع النطاق الجغرافي للهبة الشعبية الفلسطينية، وهو ما يعني تحولها إلى عبء أمني يثقل على الواقع السياسي والاجتماعي في إسرائيل.
وتُظهر العملية الأخيرة، وسابقاتها، حقيقة محدودية القدرات الاستخبارية الإسرائيلية، كما كل جهاز استخباري، رغم ما حققته من إنجازات نوعية طوال تاريخها، إلى جانب إخفاقات يقر بها القادة الإسرائيليون، مع ما يتمتع به جيشهم من قدرات لا يمكن الاستهانة بها أو تجاهلها.
ومع تزايد التحذيرات التي وردت على ألسنة سياسيين وإعلاميين في إسرائيل، إزاء ما تنطوي عليه المراوحة في الضفة المحتلة والقدس من أخطار سياسية وأمنية، إذ إن التقديرات المتوالية التي حذرت أكثر من مرة من إمكانية انفجار ما بفعل هذه المراوحة، فإن ما شهدته وتشهده القدس والداخل المحتل، يبدو، وفقا لمحللين ومتابعين، أنه كان خارج التداول والسيناريوهات المرجحة لدى الجهات المعنية في إسرائيل، وعلى الأقل لم يصدر أي تعليق يزعم أن ما يجري كان متوقعاً، على مستوى النطاق الجغرافي أو حجمه أو أساليبه وآفاقه.
ويرى متابعون للشأن الصهيوني أن هذا الفشل الاستخباري ليس الأول ولن يكون الأخير، وهو يرافق كل جهاز استخباري في العالم، لكن ما يميزه أنه يتعلق بالساحة الأكثر أولوية، إضافة إلى أن هذه الأجهزة تملك تسلطًا وسيطرةً على هذه الساحة بما لا يتوافر في الساحات الأخرى.
ومع ذلك، فإن الفشل الاستخباري الإسرائيلي إزاء الهبة الشعبية الفلسطينية التي لا تزال تتفاعل، تجلى في أكثر من عنوان: أصل الحدث، توقيته، نطاقه ومداه، الأفراد المنفذون والوسائل المستخدمة.
وقد تفاوتت القدرات الاستخبارية الإسرائيلية في استشراف التطورات السياسية والميدانية التي واجهتها في تاريخها، فعلى المستوى العسكري، واجهت إسرائيل إخفاقات وإنجازات عندما تعلق الأمر بالجيوش النظامية العربية.
ولكن، وفقا لمتابعين ومراقبين، هامش خطأ الاستخبارات الإسرائيلية ازداد نسبيًا بعدما بات التهديد مصدره قوى المقاومة، وأسباب ذلك تعود إلى أن حركة الجيوش النظامية أكثر تعرضًا للانكشاف من مجموعات المقاومة التي يقوم عملها على السرية بالدرجة الأولى، وقدرتها على التمويه والتضليل أعلى.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن من أبرز ما يميز الهبة الشعبية الفلسطينية في القدس وغيرها، أنها تنبع من الأسفل، وليست ترجمة لتوجهات صادرة عن قيادات مركزية، وهو ما جعلها بعيدة عن متناول رادار الاستخبارات.
وبخصوص الفدائيين، تحول كل من منفذي العمليات إلى صانع قرار ومستطلع ومنفذ، وأدواته هي ما توافر له كالأدوات الحادة المُتاحة.
ويرى متابعون أن إسرائيل تُواصل محاولاتها لمواجهة هذه الظاهرة عبر العمل على عدة خطوط موازية:
الأول، رفض تقديم ما تسميه بجوائز سياسية لأسباب متعددة، منها الإثبات للشعب الفلسطيني أنه لا جدوى للضغط في انتزاع إنجازات ترى فيها إسرائيل تشجيعًا على استمرار مثل هذه العمليات.
الثاني، الاحتواء لمنع توسع نطاق العمليات واستمرارها وتحولها إلى انفجار واسع يضع إسرائيل أمام واقع إستراتيجي جديد، ويستدرج تداعيات أمنية وسياسية هي في غنى عنها، وضمن هذا الإطار يندرج أيضًا، امتناع الإسرائيلي حتى الآن عن اللجوء إلى خيارات أكثر دراماتيكية بما يرى أنها قد تؤدي إلى استفزاز وتحفيز الجمهور الفلسطيني في الضفة ومناطق 48 للمشاركة الفعالة ضد إجراءات الاحتلال.
والخط الثالث أن القيادة الإسرائيلية تعتمد إستراتيجية الردع القائم على العقاب، وهو ما تجسد في الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية لتدمير منازل عائلات المنفذين ومنعهم من إعادة بنائها، وغيرها من الإجراءات العقابية.
ورغم كل هذا، فإن صحيفة “يديعوت أحرونوت” كشفت، في تقريرها اليوم، أن العديد من الأصوات داخل المؤسسة الأمنية وداخل الجيش الإسرائيلي بدأت تتعالى وتؤكد على أنه من غير المعقول المس باستعدادات الجيش الإسرائيلي للمُواجهة القادمة.
تعليق واحد
شو رأيكم بهذا الفنان العراقي أو بالأحرى بهذا الفلتان العراقي الطائفي الذي يتنقل من عاصمة خليجية إلى أخرى و هو بهذه الأغنية الطائفية يهين كل أبناء الخليج