شككت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية بقدرة الصواريخ الروسية الذكية المستخدمة في قصف المعارضة السورية, مشيرة إلى أن المواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية الروسية، نشرت صوراً لصواريخ موجهة بدقة ومحمّلة على أجنحة الطائرات الروسية الحديثة، كما نشرت مقاطع فيديو لما زعمت أنه إصاباتٌ دقيقة للأهداف المحددة في سوريا.
واوضحت المجلة الأمريكية أن هذه الصور لا تعدو كونها دعايات في زمن الحرب، إذ إن غالبية الضربات الجوية الروسية استخدمت صواريخ ليست ذكية ولكنها قديمة “غبية” ولا يمكن توجيهها بدقة، وبعض مقاطع الفيديو التي بثتها الحكومة الروسية تُظهر هذه الصواريخ وهي تصيب مناطق قريبة من أهدافها، ولا تحقق إصاباتٍ مباشرة.
ونقلت المجلة عن الباحث في معهد كينان، مايكل كوفمان، قوله إن الروس يقومون غالباً “بالقصف من ارتفاعات متوسطة بصواريخ غير موجهة”.
وأضاف أن كل ما يحتاجه الروس هو قصف أقرب نقطة ممكنة للأهداف التابعة لجبهة النصرة والمجموعات الأخرى التي تحارب رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ورأت المجلة أن آلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدعائية مضت بعيداً عن الواقع منذ بداية الضربات الجوية الروسية في سوريا، فعلى سبيل المثال، نشر التلفزيون الروسي ووسائل إعلامية حكومية أخرى صوراً لصواريخ KAB-500S الذكية – السلاح الذي رفضته وزارة الدفاع الروسية في عام 2012 بسبب تكلفته العالية – مربوطة بطائرات متطورة مركونة على مَدرج طيران سوري.
كما أن الصور التي أخذت في سوريا ونُشرت على الشبكات الاجتماعية حرصت أيضاً على إظهار أسلحة متطورة أخرى، بما فيها طائرات Su-24 المجهّزة بصواريخ Kh-25ML الموجهة بالليزر.
وأضافت المجلة أن استخدام هذه الأسلحة المتطورة في المعركة الفعلية محدود، ويعتقد بعض المحللين أن لدى موسكو دوافعها لتحاول إقناع العالم باستخدامها أسلحة متطورة، لكنها تستخدم بالفعل أسلحة قديمة.
من جانبه قال خورخي بينيتيز، من “المجلس الأطلسي”، للمجلة إن استخدام أسلحة عالية الدقة يكلّف أكثر من الصواريخ التقليدية، وقد تفضّل موسكو عدمَ الدقة في ضرباتها لتوفر المال الذي تنفقه على ما هو بالأصل تدخلٌ عسكريٌّ باهظ في الشرق الأوسط.
وأضاف بينيتيز أن بوتين يعتقد أن المبالغة في استخدام روسيا للأسلحة عالية الدقة تسهّل عليه الرد على الانتقادات الغربية حول الضحايا المدنيين لهذه الضربات، بصرف النظر عما إذا كان يبذل جهداً جاداً لتجنب إصابة المدنيين.
وتابع “موسكو لديها استعداد أكبر للعشوائية في استخدام القوة، ولا يكترث الروس كثيراً بالأضرار الجانبية”.
وأكد أن ما تكترث له روسيا كثيراً هو إظهار جيشها بصورة عصرية وقوية تضاهي تلك التي يظهرها الجيش الأمريكي، وكانت حروب شبه جزيرة القرم، شرقي أوكرانيا وسوريا فرصة لبوتين لعرض أسلحته الأكثر تطوراً، حتى ولو كان الجيش الروسي يمتلك أعداداً محدودة منها.
وقالت المجلة إنه في أوكرانيا أدى استخدامُ المعدات العسكرية المتطورة إلى قطع الاتصالات بين القوات الأوكرانية، بينما أُرسلت معدات رصد الإِشارة إلى سوريا خلال الأسابيع الأخيرة للتنصت على اتصالات الثوار ومساندة هجوم الأسد على المعارضة.
وتابعت أن هذه القدرات العسكرية باهظة الثمن، فقد خصصت روسيا 81 مليار دولار للشؤون الدفاعية في عام 2015، وهي أعلى ميزانية خُصصت للجيش منذ نهاية الحرب الباردة.
ورغم معدل التضخم العالي وواردات النفط المنكمشة أعلنت روسيا هذا الشهر تراجعها عن تخفيضات الإنفاق في العام التالي، معتبرة أن الصراع في سوريا يعد مبرراً قوياً لإبقاء معدلات الإنفاق عالية.
وأوضحت المجلة، أن سوريا برزت أيضاً كفرصةِ تعلّم للجيش الروسي الذي تعرّض للإذلال في حرب جورجيا عام 2008، بسقوط طائرة Su-34، ومحاولة لنسيان كارثة “كورسك”، وفي عام 2000 – التي غرق فيها 118 بحّاراً وأدت إلى احتجاجات ضخمة – كانت لحظة حساسةً في الحياة السياسية لبوتين الذي كان قد وصل إلى المنصب قبلها بـ3 أشهر فقط.
وقال الباحث في معهد كينان، مايكل كوفمام إن القوات الروسية “ذهبت إلى الحرب في سوريا بمزيجٍ من تقنيات الطائرات القديمة والتقنيات التي يتم تجربتها لأول مرة في القتال”، كما أنها فرصة للطيارين لاستخدام طائراتهم في بيئة جديدة.
تعليق واحد
بعون الله و همة خادم الحرمين الملك سلمان المملكة مستقرة و آمنة رغم دسائس المجوس الخائبة