كتبت صحيفة “الايكونوميست” البريطانية مقالا عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منتقدة الأوضاع السياسية والإقتصادية والحقوقية في مصر.
وتحت عنوان “عودة “فاشلة” إلى الديمقراطية.. الرئيس السيسي يأخذ مصر إلى أسفل نحو طريق مسدود مألوف”, كتبت الصحيفة البريطانية أن معظم الجنرالات الذين يستحوذون على السلطة يقدمون وعودا بإعادة سلسة للدولة إلى حكم مدني ديمقراطي كان قد انهار جراء سياسيين مرتشين أو غير أكفاء.
وللأسف، غالبا، لا يمكن العثور على شخص مدني مناسب، ولذلك يستبدل الجنرال زيه العسكري بالبزة الرسمية، ويسحق المعارضة، ويشرع في تأسيس برلمان مطواع.
عبد الفتاح السيسي، رجل مصر القوي، يسلك هذا الطريق المألوف، لكنه لن يفعل شيئا لحلحلة مشكلات مصر المتعددة، بل قد يقود بلاده إلى كارثتها المقبلة.
عندما كان وزيرا للدفاع، عزل السيسي الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي، عبر انقلاب عسكري عام 2013.
وبعدها بأقل من عام، بعد تمرير دستور جديد، استقال السيسي من كافة مناصبه العسكرية، وفاز بالرئاسة بنسبة 97 % من الأصوات في انتخابات لم ينافس فيها أي من أحزاب المعارضة الرئيسية.
ومنذ ذلك الحين، يحكم السيسي مصر عبر مراسيم، في غياب البرلمان.
السيسي يقمع الصحافة، والمنظمات المدنية المحلية والأجنبية.
وعلاوة على ذلك، حظر السيسي جماعة الإخوان، وألقى القبض على آلاف من أنصارها، وقتل آلاف المتظاهرين، وحكم على قاداتها بالإعدام شنقا( رغم أن الأحكام لم تنفذ بعد، وربما لن تنفذ أبدًا).
السيسي حاليا يعقد انتخابات لمجلس تشريعي جديد، على شكل جولتين، الأولى تبدأ في 18 أكتوبر الجاري.
الإخوان الذين فازوا بنسبة 47 % من المقاعد عام 2011 ليس بإمكانهم التنافس داخل الانتخابات، أما حزب النور الذي فاز بنسبة 24 % في انتخابات 2011 فقد أصبح حليفا للسيسي.
الأحزاب الليبرالية منقسمة ومتناحرة، وزج بالعديد من قياداتها في السجون.
مراقبة الانتخابات الضعيفة تشير إلى أن أصحاب الثروة والعلاقات الجيدة فحسب هم من يحتمل أن يفوزوا في الانتخابات.
وهكذا، لا يتوقع أحد من هذا المجلس التشريعي أن يضحى أكثر من “ورقة تين”.
ومن بين أول ممارسات المجلس المقبل هو التصديق على معظم سلطات الطوارئ الخاصة بمكافحة الإرهاب، والتي وهبتها السلطة التنفيذية لنفسها، من أجل التعامل مع الإخوان المسلمين، وباقي التهديدات الخطيرة الأخرى، مثل التمرد الجهادي في سيناء.
سيحدث بدون شك اختلاف طفيف بين المجلس والرئيس، لكن السيسي سيسيطر عليها جميعا ويهمين.
العديد من المصريين سيشعرون بدرجة كافية من الرضا. فبينما يشهدون فوضى وسفك دماء في سوريا وليبيا، قد لا يبدو حكم السيسي شديد السوء.
ثمة شهية قليلة بالتأكيد للعودة إلى فترة إدارة مرسي المضطربة، لا سيما وأن السيسي يتم تمويله من ممالك الخليج، ووطد علاقاته مع إسرائيل، علاوة على مغازلته روسيا، بجانب إعادة احتضانه من قبل أمريكا وأوروبا.
بصفتها الدولة العربية الأكثر تعدادا، سكانيا، وتمتلك قناة السويس، تحمل مصر أهمية كبيرة.
ينبغي على العالم التعامل مع الحكومة المعيبة، لكن يتعين حث السيسي على التغيير.
الحقيقة البسيطة، التي تتضح مرة تلو الأخرى، مفادها أن الجنرالات ليسوا جيدين جدا في إدارة الحكومات، ولا يمثل السيسي استثناء عن تلك القاعدة.
وعلى المستوى السياسي، فإن السيسي أكثر قسوة بكثير مما يحتاج، بما يتجاوز ما كان عليه الرجل القوي العسكري السابق حسني مبارك.
السيسي يخاطر بتطرف مئات الآلاف، بل ملايين الأشخاص.
بادئ ذي بدء، ضع في اعتبارك 13 مليون شخص صوتوا لصالح مرسي. لو أن رجلا أكثر حكمة من السيسي، كان سيسعى لعمل توافق مع أجزاء على الأقل من الإخوان، وليس جعل ذلك في بند المستحيل.
وبدلا من تشجيع اعتدال أكبر، بعث الاستئناف الأمريكي للمساعدات العسكرية في مارس رسالة خاطئة.
على المستوى الاقتصادي، يحبذ السيسي مشروعات حكومية كبيرة ومثيرة للشك، مثل إنشاء مدينة جديدة في الصحراء، وتفريعة جديدة لقناة السويس.
ويبتاع السيسي كذلك أسلحة باهظة، بينها سفينتين فرنسيتين جديدتين، لن تفيدا في سيناء، بالرغم من جدواهما في ليبيا واليمن.
معدل البطالة الرسمي في مصر يلامس مستوى 12٫7 %، وأكثر من 35 % في الفئة العمرية تحت 25 عاما، والتي تشكل نصف التعداد السكاني.
وتعاني مصر من عجز موازنة ضخم، كما تمارس المحاكم مضايقات تطال المستثمرين.
البيروقراطية في مصر لا تخضع للمساءلة ومتصلبة.
ومع نزول سعر النفط عند مستوى 46 دولارا، قد يعاني أصدقاء مصر في الخليج لتمويل السيسي للأبد.
يحتاج السيسي لمنح ثقة أكثر في شعبه، اقتصاديا وسياسيا. ويتعين عليه منح سلطات أكبر للشركات الصغيرة، وترك المجتمع يزدهر، ولا يترك كل شيء في مستوى القمة.
ومثلما اكتشف حسني مبارك، فإن الشعب عاجلا أو آجلا يثور ضد سلسلة من القيادة، حتى لو ارتدى الرجل الأول بزة رسمية.