نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية تقرير تحدثت فيه عن خطة المواجهة في سوريا التي تبين طبيعة التدخل الروسي الذي رسم له من خلال تنسيق بين أطراف الأزمة في سوريا، (إيران والنظام السوري وروسيا)
وأشارت الصحيفة بداية إلى المحادثات الطويلة والمعقدة التي جرت بين الجانبين الإيراني والروسي على مدى أربعة أشهر، حيث كان الروس يحتفظون بهامش التحرك السياسي، في موازاة العمل الحثيث على وضع تصور لتدخل عسكري سريع، وذلك ربطا بالتطورات الميدانية التي تقول إن النظام السوري بحاجة إلى دعم نوعي وسريع لمنع أعدائه من تحقيق أهدافهم.
وبحسب الصحيفة فإن محاولات الروس السياسية كان هدفها ليس التوصل إلى حل سياسي ممكن في سوريا، بل تفادي خيار التدخل العسكري المباشر، تنفيذا لقرار استراتيجي بمنع سقوط النظام السوري.
ولفت إلى أن رسالة طهران إلى موسكو كان مفادها: “لك السماء، أما الأرض فهي لجيش النظام السوري، ونحن إلى جانبه”.
وقالت: “في معرض مناقشة المخاطر الناجمة عن التدخل العسكري، كان الجانب الإيراني واضحا في كون المطلوب محصورا في دعم نوعي من خلال خطين، واحد يتصل بإرسال ذخائر نوعية وجديدة وبكميات كبيرة تغطي حاجة جيش النظام السوري، على أن تتولى إيران تغطية كلفتها المالية، وآخر يتعلق بتعزيز العمليات الجوية، وهو أمر ممكن لروسيا أن تقوم به، نظرا إلى اعتبارات كثيرة، أهمها قدرة موسكو على التدخل، دون الحاجة إلى مراعاة أحد في العالم”.
وأضافت الصحيفة أن إيران أوضحت ما كان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قد أكده للروس أيضا، من أنه لا يحتاج إلى قوات برية للقيام بعمليات واسعة تهدف إلى استعادة السيطرة على مناطق كثيرة في سوريا.
وهو أمر عاد قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، وحسمه للرئيس الروسي، بالقول: “ليس مطلوبا منكم سوى تولّي العمليات من الجو، أما العمليات البرية فهي من مهمة بقية الحلفاء”، وفق الصحيفة.
وتابعت “الأخبار” بأن الروس لم يُخفوا رغبتهم الشديدة في تنفيذ عمليات جوية ودعم عمليات برية؛ تهدف إلى القضاء على كل المجموعات الآتية من بلاد القوقاز.
وهم قرروا، بناء على الخطط العملياتية، أن الأمر يحتاج إلى دعم استخباري أرضي، وهو ما توفره غرفة عمليات أمنية عاملة على الأرض في سوريا، وتضم خبراء من سوريا والحرس الثوري وحزب الله، إضافة إلى قرار واضح بضرورة استعادة السيطرة على كل المناطق الحدودية مع تركيا، وإقفال المعابر التي يمر من خلالها المقاتلون الأجانب، خصوصا الآتين من بلاد القوقاز إلى سوريا، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أن ما يجري اليوم عمليا “هو تنفيذ دقيق للخطط الموضوعة، وأمر أشار إليه بوتين أكثر من مرة. وبالتالي، فإن واضعي الخطط أخذوا بعين الاعتبار الحساسية الروسية أو العالمية إزاء مشاركة جنود روس في القتال على الأرض، علما بأن ضباطا من الروس يشاركون في لقاءات غرف العمليات الميدانية، بما في ذلك المتابعة للعمليات الجارية على الأرض. لكن الهدف من هذه الخطط هو إزالة أكبر قدر من المخاطر، وفق ما أوردته “الأخبار”.
ولفتت إلى أن الروس وضعوا أجهزتهم الأمنية والعسكرية والاستخبارية في حالة استنفار قصوى، منذ لحظة بدء العمليات الجوية، والهدف الرئيسي لهذه القوات هو توفير حماية الأراضي الروسية نفسها، والمدن والمنشآت العامة داخل روسيا، حيث تظهر الجماعات المسلحة حرصا على تنفيذ أعمال انتقامية ردا على التدخل الروسي في سوريا.
وأوضحت أنه لم يكن غريبا ولا مفاجئا ما أعلنته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية عن إحباط “عمل إرهابي” في موسكو، واعتقال المتورطين فيه.
ولكن الأهم الذي يسعى بعض خصوم موسكو إلى تجاهله، وفقا للصحيفة، هو أن ما دفع الرئيس بوتين إلى اتخاذ قرار التدخل، هي مجموعة أسباب، أبرزها ما يتعلق بمصالح روسيا المباشرة، وأمنها القومي المباشر.
وبالتالي، قالت الصحيفة التابعة لحزب الله، إن آليات احتساب أكلاف هذه المشاركة، ماديا وبشريا، تأخذ في الاعتبار أنها تكلفة، مهما تعاظمت، سوف لن تقاس بكلفة تعاظم وتمدّد نفوذ المجموعات المسلحة من سوريا والعراق إلى كل الغرب الجنوبي لروسيا.
واختتمت بالقول إن بوتين يخوض اليوم معركة تخصّ بلاده مباشرة، ولا تخصّ حلفاءه. وربما هذا هو الفارق مع الولايات المتحدة التي لم يقتنع المتعاملون معها، من حكومات وشعوب المنطقة، بأنها لم تعد قادرة على تحمّل النتائج الدموية والمادية لقتال جنودها خارج حدودها، واصفا التدخل الروسي بـ”الحدث العالمي الجديد”.