( وعد الأحمد- عمان– وطن – خاص)
كان ركاب “البلم” المتجه من تركيا إلى اليونان وجلّهم من اللاجئين السوريين يمنّون النفس بالوصول سالمين إلى جزيرة “متلبيني” ولم يكونوا يتخيلون للحظة أنهم سيواجهون موقفاً صعباً كالذي واجهوه في عرض البحر، وبأنهم سيعودون تحت تهديد السلاح خاليي الوفاض بعد أن قطعوا مسافة لا بأس بها كي يصلوا إلى بر الأمان.
وروى المحامي “سليم زينو” الذي كان على متن المركب لـ”وطن” جوانب من الرحلة الشاقة التي بدأت براً من أزمير بتاريخ 9/10/2015 حيث وُضع اللاجئون -كما يقول- في شاحنة مغلقة تصلح لنقل الدواب، وتم إغلاق بابها بإحكام فتحول صندوقها الخلفي إلى ظلام دامس، وسط تكدّس اللاجئين نساء وأطفالاً ورجالاً داخله، ويضيف محدثنا أن “السيارة سارت بنا حوالي 6 ساعات دون توقف، حتى وصلنا صباح يوم الجمعة إلى المرفأ الذين سنسافر بحراً منه” ويتابع محدثنا: “انطلقنا على متن أربع بلمات باتجاه جزيرة “متليني” ولم يصل إلا بلم واحد إلى الجزيرة فيما أعيد الباقون إلى أزمير”.
أثناء محاولة القارب الوصول إلى جزيرة “متيليني” اليونانية وقبل الوصول بحوالي 300 م اعترضه زورق يوناني متوسط الحجم يحمل عدة أعلام أوربية مكتوب عليه الرقم 065 وأحرف باللغة اليونانية” وهنا-كما يقول المحامي زينو- “أشهر أحد الملثمين سلاحاً حربياً، وصوّبه باتجاهنا وأخذ يصيح علينا بأعلى صوته باللغة الانكليزية طالباً منا الرجوع إلى المياه الإقليمية التركية”.
ويتابع محدثنا: “حينها أخبرناه بأن المحرك متوقف ولا يعمل فما كان من المركب الذي اعترضنا إلا أن صدمنا بالزورق واعترض طريقنا بالقوة، وبدأت أصوات بكاء الأطفال وصراخ النساء يتعالى” ويتابع المحامي زينو: “آنذاك حضر طراد صغير يحمل على متنه أربعة أشخاص ملثمين اقتربوا من “البلم” وبدأوا بفحص المحرك ومحاولة تشغيله إلا أنه لم يعمل، وبعد ذلك أحضروا حبلاً وربطوا مركبنا وقاموا بجره إلى المياه الإقليمية التركية بعد أن قطعوا جميع أسلاك المحرك و تركونا في عرض البحر”. ويردف زينو أن “الخفر التركي حضر بعد ذلك واصطحبنا إلى الشاطيء ليستلمنا “الجندرما” هناك ويقودنا إلى المخفر، وبعد فترة قصيرة أحضروا باصاً كبيراً ليقلنا إلى كامب للاجئين في بورصة، والمفارقة -كما يشير محدثنا- أن “الجندرما” طلبوا من كل شخص ثمانين ليرة عن طريق صاحب الباص بحجة تكاليف إيصالنا إلى الكامب، وحينما صعدنا في الباص دون مرافقة من البوليس اتضح لنا أننا وقعنا ضحية لعبة خبيثة ومسرحية غير إنسانية الهدف منها ابتزاز المهاجرين المساكين” وسبق ذلك-كما يقول- تهديد بالترحيل إلى سوريا في حال عدم الدفع فاضطر أغلب اللاجئين للدفع مرغمين، والبعض ممن لم يدفع أنزلوه لدقائق ثم تمت إعادته ثانية إلى الباص.
ويتساءل زينو من موقعه كمحامٍ وناشط حقوقي إن كانت إعادة مراكب المهاجرين إلى تركيا بعد اجتيازها ودخولها المياه اليونانية مسألة تتوافق مع القانون الدولي عامة و مع الاتفاقيات الدولية التي ترعى شؤون اللاجئين” مشيراً في هذا الصدد إلى اتفاقية دبلن باعتبار أن اليونان عضو فيها ولا يجوز لدولة عضو في هذه الاتفاقية إعادة اللاجئين الذين يصلون إليها وخاصة أن المياه الإقليمية اليونانية هي جزء من الأراضي اليونانية-كما يقول- وبالتالي لا يجوز إعادة اللاجئين الواصلين إلى تلك المياه”.