نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا علقت فيه على الجهود غير الكافية في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”, متسائلة عن سبب استمرار تدفق الأموال على تنظيم داعش حتى الآن رغم الجهود الكبيرة التي تبذل لكبح حصوله على الأموال وشراء الأسلحة والمعدات، مشيرة إلى أن لقطات الفيديو الأخيرة أظهرت مقاتلي التنظيم وهم يقودون سيارات دفع رباعي وشاحنات ذات ماركات تجارية عالمية في سوريا والعراق وليبيا وهو دليل على أن الجهود الرامية للضغط ماليا على هذا التنظيم ما زالت غير كافية.
الصحيفة الأمريكية لفتت في افتتاحيتها إلى أن برنامج إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتدريب وتجهيز مقاتلين مناهضين للتنظيم باء بالفشل وبات هناك أكثر من سبب لمضاعفة الجهود لخنق قدرة التنظيم على جمع الأموال وشراء الإمدادات.
وقالت إن تنظيم داعش الذي يسعى لإقامة خلافة في العراق وسوريا يفتقر إلى العلاقات الاقتصادية التقليدية على غرار الدول ولكنه يتمكن من جني معظم أمواله من داخل الأراضي التي يسيطر عليها ، موضحة أن وزارة الخزانة الأمريكية تقود جهدا دوليا لتعطيل طرق التجارة ومنع وصول التنظيم للنظام المالي الدولي وفرض عقوبات على قادة التنظيم ومن يساعده حيث عرضت وزارة الخارجية الأسبوع الماضي مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى وقف مبيعات النفط أو القطع الأثرية التي تعود بالنفع على التنظيم.
ونسبت لمسؤولين بالإدارة الأمريكية القول انهم يحرزون تقدما في مجال الحد من عائدات داعش وإضعاف قدرته على الإنفاق على شراء المعدات العسكرية وغيرها من الإمدادات لكن رؤية سيارات الدفع الرباعي ذات العلامات الشهيرة في قافلات التنظيم هو إشارة مؤكدة على وجود إخفاق وخاصة عندما تقول شركة تويوتا إن لديها سياسة تقضي بعدم بيع سياراتها لمشترين ربما يعدلونها للاستخدام في أنشطة إرهابية.
وأشارت إلى أن الإرهابيين يسيطرون الآن على مساحة ضخمة من الأراضي في سوريا والعراق تضم ملايين البشر وتمكنت من تجنيد الآلاف من أوروبا ومن أماكن أخرى وهم يشنون حربا ضد تحالف تقوده أمريكا وقوات أخرى وهذا يتطلب إنفاق مئات الملايين من الدولارات، حيث يتعين عليهم توفير بعض الخدمات لتهدئة السكان الخاضعين لسيطرتهم ودفع مرتبات لمقاتليهم تقدر بنحو 500 دولار شهريا أو اكثر إلى جانب شراء معدات للجيش.
ويقول مسؤولون أمريكيون، إن تنظيم داعش يحصل على معظم إيراداته من داخل الأراضي التي يسيطر عليها حيث حقق ابتزاز المدنيين والشركات ملايين الدولارات كما تشير احدث التقديرات إلى أن بيع النفط من الحقول في سوريا والعراق ، يوفر لهم نحو 40 مليون دولار شهريا حيث يتم بيع منتجات النفط المكررة إلى مشترين محليين بينما يباع الخام إلى وسطاء ومهربين في العراق وسوريا، من بينهم النظام السوري ، وغيرهما ، وذلك إلى جانب ضلوع التنظيم في نهب البنوك وطلب فدى من أقارب المخطوفين والضلوع في الاتجار بالبشر وبيع الآثار المنهوبة واللجوء إلى جهات مانحة خاصة لاسيما في بعض الدول الخليجية.
وقالت إن الولايات المتحدة تمكنت من الحد من عائدات النفط من خلال استهداف خطوط الأنابيب والمصافي منذ بدء قصف التحالف العام الماضي، مؤكدة ضرورة العمل مع تركيا والزعماء الأكراد لكبح التهريب عبر الحدود والذي لا يعد كافيا أو فعالا حتى الآن.
وأشارت إلى أن الأولوية الأولى تتركز فيما يبدو الآن على منع التنظيم من استخدام البنوك وشركات الصرافة في العراق كي يتسنى إضعاف قدرته على شراء الأسلحة وغيرها من الإمدادات حيث تم حتى الآن عزل عشرات البنوك التي تقع داخل الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، عن النظم المالية الدولية.
ودعت الصحيفة في ختام مقالها إلى بذل المزيد من الجهود الفعالة لتقويض تمويل التنظيم إذا كان المطلوب وضع حد للوحشية التي يمارسها هذا التنظيم حيث أن القوة العسكرية يمكن أن تكون مجرد عنصر واحد في استراتيجية متعددة المحاور.