لا زالت الحكومة الجزائرية تحظر تنفيذ عمليات الإعدام لقاتلي الأطفال خاصة في حالات الاختطاف والاغتصاب والقتل, الأمر الذي شكل ظاهرة مقلقة للجزائريين الذين يوميا يخطف أبناءهم دون معرفة من الذي يقف وراء تلك الحوادث التي باتت تشكل ظاهرة مرعبة لذويهم.
في الجزائر اليوم لا حديث إلا عن الطفل أنيس محفوظ برجم ذي الخمس سنوات الذي تم العثور عليه مقتولا بالقرب من مجرى للصرف الصحي وسط مدينة ميلة (شرق الجزائر) بعد اختفائه مدة 22 يوما، وسط دعوات لإعدام الفاعلين.
اختفى أنيس قبل عيد الأضحى المبارك وتجنّد الجميع في عمليات البحث الكثيرة التي قادتها الشرطة والأهل والجيران وأبناء المنطقة في سبيل العثور عليه دون جدوى.
ولا يشكل اختطاف الطفل أنيس وقتله خبرا جديدا، فقبل أسبوع فقط تم العثور على بقايا أعضاء بشرية للطفل عبد الرحيم قرين تم قتله والتنكيل به ببشاعة، وتسجل الشرطة الجزائرية خلال السداسي الأول من هذا العام (يناير – يوليو)، 52 حالة اختطاف للأطفال بينهم 22 طفلا تعرضوا للقتل وتشكل نسبة الإناث حوالي 75 بالمائة من عمليات الاختطاف.
247 طفل مختطف في عام ونصف
وتم تسجيل 195 حالة اختطاف للأطفال بينهم 143 بنات و53 ذكور في العام الماضي، حسبما أعلنت عنه خيرة مسعودان، عميد أول للشرطة، ورئيسة مكتب حماية الطفولة بالمديرية العامة للشرطة الجزائرية، لتصبح الحصيلة منذ سنة 2014 إلى غاية شهر يوليو 2015، 247 طفل مختطف، تضاف إليها حالات اعتداء جنسي على 1663 طفل من بين 6151 طفل تعرض للعنف في الجزائر.
وهي حصيلة ثقيلة تؤرق الجزائريين الذين باتوا يخشون على فلذات أكبادهم من هذه الظاهرة التي تستفحل بشكل قوي مع توقع سقوط المزيد من الضحايا، حسبما يراه عبد الرحمان عرعار رئيس شبكة ندى لحماية الطفولة الذي أكد أن قائمة الضحايا لا تزال مفتوحة ما دامت مسبباتها قائمة.
ويسانده في الرأي مصطفى خياطي رئيس مصلحة طب الأطفال في مستشفى الحراش بالعاصمة الذي أكد “للعربية نت” أن: “غياب التدابير والإجراءات يحول دون ردع هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا يترصد البراءة في الجزائر”.
من يتحمل المسؤولية؟
ويجيب البروفيسور مصطفى خياطي: “الحكومة تتحمل جزءا كبيرا مما يحصل ومع أنها بادرت وتحت ضغط الشارع قبل مدة بتنظيم اجتماع يشمل الفاعلين في المجتمع لتقديم اقتراحات للخروج بحلول تنفيذية للحد من هذه الظاهرة إلا أن التغييرات الحاصلة على مستوى الحكومي أجّلت من تنفيذ توصيات الاجتماع وبالتالي استمرار ظاهرة الاختطاف والقتل أيضا”.
ومن بين أبرز المقترحات التي تم تقديمها للحكومة هي “تطبيق برنامج الطوارئ المعتمد في الكثير من دول العالم يسمح بإنقاذ عدد كبير من الضحايا في عمليات البحث بتشكيل دائرة بحث مغلقة قطرها خمس كيلومترات”.
الجزائريون يطالبون بتنفيذ حكم الإعدام
ويحمّل خياطي أصحاب القرار القانوني في الجزائر ويطالب برفع الحظر عن تنفيذ عمليات الإعدام لقاتلي الأطفال خاصة في حالات الاختطاف والاغتصاب والقتل.
لكن مسؤولية الحد من ظاهرة الاختطاف يتشارك فيها حسب خياطي: “أهل الضحية والمجتمع والإعلام والسلطة أيضا”.
ويشكل انتظار العشرات من العائلات الجزائرية لأطفالها أمام بوابات المدارس خوفا من اختطافهم، مظهرا مقلقا بحق، فهم يتذكرون جيدا اختطاف الطفل ياسر قبل ثلاث سنوات ولم يبد عليه أي أثر إلى اليوم.
ويعود الشريط الأسود للظهور في مخيلة الجزائريين حين استيقظوا قبل عامين على فاجعة اختطاف واغتصاب وقتل الطفلين هارون ورشيد والتنكيل بجثتيهما ورميهما في ورشة بناء، وكان القاتلان قد تظاهرا بالمشاركة في عملية البحث قبل القبض عليها بعد ذلك، ورغم المظاهرات الحاشدة للمطالبة بتنفيذ حكم الإعدام للخاطفين إلا أن المسؤولين في الجزائر لم يقرروا بعد، مع استمرار عمليات الاختطاف والقتل ولسان حال والدته شهرة بو حبيلة: “حسبي الله ونعم الوكيل”.