نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية مقالاً للجنرال الإسرائيلي في قوات الإحتياط غيورا آيلاند هو الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي حول موجة التصعيد التي تشهدها الاراضي الفلسطينية لافتاً إلى أن التنسيق بين حماس وإسرائيل يمكنه من وقف هذا التوتر. حسب قوله.
وأضاف آيلاند ” هجمات الصواريخ الأربعة ضد إسرائيل من غزة خلال الشهر الماضي خلقت، وبحق، شعوراً صعباً بين سكان جنوب إسرائيل. وهذا ينضم الى الشعور بأن الردع، الذي تم تحقيقه قبل عام واحد فقط بثمن باهظ جداً، قد بدأ يتلاشى. هل هذا حقاً ما يجري؟ “.
في الواقع، الردع ما زال ناجعاً. الأمر الناقص هو الخطوة المكملة. قبل نحو سنة، في نهاية عملية الجرف الصامد، وافق الجميع على إقامة لجنة دولية خلال شهر لمعالجة عملية إعادة اعمار القطاع. وقد تقرر أيضاً ان تترأس مصر هذه اللجنة، وأن الأموال التي ستجمع لإعادة إعمار القطاع سيتم تسليمها الى السلطة الفلسطينية. والكلام لآيلاند
13 شهراً مروا، وما من أي دليل على انشاء مثل هذه اللجنة. السبب بسيط: مصر والسلطة الفلسطينية، التي منحت الدور الرئيسي، ليستا معنيتين بإعادة إعمار القطاع. علاوة على ذلك، هذان اللاعبان غير مباليين بإمكانية تجدد الصراع العنيف بين إسرائيل وقطاع غزة.
من جانب اخر، هناك التقاء مصالح غريب بين إسرائيل وقيادة حماس. إسرائيل لديها مصلحة أمنية فقط في قطاع غزة. لا توجد لدينا أي مصالح إقليمية، اقتصادية أو سياسية. هنالك أمران نكترث لهما – هدوء طويل الأمد وتخفيف قدرة حماس على تسليح نفسها.
من جانبها، لحماس هنالك مصلحتان أساسيتان في هذه المرحلة: الأولى، الحصول على شرعية دولية بالنسبة لحكمها في غزة؛ ثانيا، إعادة بناء غزة وتحسين الوضع الاقتصادي فيها. هذان الأمران سيقويان وضعها أمام خصومها، من ضمنها داعمي تنظيم الدولة الإسلامية في القطاع.
بما ان هاتين المصلحتين لحماس لا تتضاربان مع المصلحة الإسرائيلية الوحيدة، والتي هي أمنية بحتة، فهذا سيجعل التوصل الى اتفاق من شأنه ان يؤدي الى هدوء طويل الأمد امراً ممكناً. تحقيق مثل هذا الإنجاز يجب ان يكون مبنيا ليس فقط على الردع، وإنما أيضاً على فعاليات مكثفة لإعادة اعمار قطاع غزة اقتصادياً – وهو نشاط لا يتم حاليا، لسوء الحظ. علاوة على ذلك، يجب قول ذلك بكل وضوح، من مصلحة إسرائيل وجود حكومة حماس مستقرة، لأن البدائل لن تكون جيدة بالنسبة لنا.
في هذا الوضع، على السياسة الإسرائيلية ان تقام على خطوتين: من ناحية، على إسرائيل الاستمرار باستهداف غزة رداً على إطلاق كل صاروخ نحو إسرائيل؛ من الناحية الأخرى، على إسرائيل ان تقنع اللاعبين الدوليين، ليس فقط مصر، بإطلاق خطوة مفاوضات على المرحلة الثانية – إعادة إعمار القطاع. يمكن للاتحاد الأوروبي ان يكون لاعباً ملائماً.
كجزء من هذه المفاوضات، إسرائيل لن توافق فقط على إعادة بناء المنازل التي دمرت في غزة، وإنما ستوافق أيضاً على بناء بنى تحتية تتعلق بالطاقة، المياه، الاتصالات وغيرها.
طالما لا يوجد كهرباء في غزة في غالبية ساعات اليوم، طالما يتم تقليص موارد المياه وطالما تصل نسبة البطالة في القطاع الى أكثر من 40%، فإن الوضع في غزة لن يستقر. الإحباط يساعد المنظمات المتطرفة أكثر من حماس على الازدهار، بالإضافة الى الرغبة بإطلاق النار نحو إسرائيل.
يجب التأكيد على انه في هذه المرحلة، حركة حماس لا تطلق الصواريخ نحو إسرائيل، لكن تصميمها على منع الاخرين القيام بذلك يبدو ضعيفا. في هذه اللحظة، ما زال ممكناً وقف التصعيد قبل ان يؤدي الى “عملية الجرف الصامد 2”.
يجب التنويه بأمرين آخرين: أولاً، التقاء المصالح بين إسرائيل وحماس يتعلق أيضاً بقضية انشاء ميناء بحري في غزة. بالنسبة لحكومة حماس، فإن بناء ميناء بحري سيكون أسمى رموز نجاحها برفع “الحصار”. أليس هذا مصلحة إسرائيلية أيضا؟ وجود ميناء لا يشكل أي تهديد أمني، لأن مستوى الأمن لا يحدد عن طريق عدم وجود ميناء وإنما حسب النظام البحري. يمكننا بكل تأكيد قبول نظام بحري لا يهدد أمننا.
ثانيا، خوفنا من كل تنسيق مع حماس، خشية ان يفسر ذلك على انه تفاوض مع منظمة إرهابية، مبالغ فيه. صحيح، حركة حماس هي منظمة إرهابية وحاكمة “دولة غزة” – ولذلك، التنسيق بين الجيران، حتى لو كانوا أعداء، هو أمر شرعي ومرغوب.
بالملخص، مشكلة إسرائيل ليست تآكل الردع، وإنما إهمال اليد الثانية التي يجب ان تضمن الهدوء طويل الأمد والاستقرار. دعونا نأمل بأننا لم نتأخر.