أثارت مأساة الحج في مكة المكرمة جدلا سياسيا فتاكا داخل المملكة العربية السعودية. وخصوصا مع خصمها الإيراني. في قلب العاصفة يقع ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الأمير «محمد بن نايف» الذي كان محورا لتحقيق بروكنغز الأخير تحت عنوان «أمير مكافحة الإرهاب».
اعترف السعوديون أن التدافع المميت في الشهر الماضي قد أودى بحياة 769 حاجا. مراسل «بي بي سي» بدوره أبلغ عن 1200 حالة وفاة جمعها من خلال التصريحات الرسمية لوسائل إعلام 34 بلدا أبلغت عن وقوع ضحايا حتى الآن. تزعم إيران أنه قد تأكد لديها بالفعل مقتل 464 من مواطنيها إضافة إلى عدد أكبر من المفقودين. يبدو السعوديون محصورون في موقف دفاعي بشكل متزايد في تعاملهم مع الحادث.
طهران تلقي باللوم على عدم كفاءة السعودية وعدم اكتراثها للمأساة وفقا لقولها، وترى أن الأمر ليس سوى أحدث حلقة في سلسلة طويلة من الحوادث المأساوية التي وقعت أثناء الحج على مدار العقود الماضية. وطالب الرئيس الإيراني «حسن روحاني» بإجراء تحقيق مستقل في الحادث، وحذر من أن إيران تستخدم حتى الآن لغة الدبلوماسية للحصول على الحقائق، ولكن إذا لزم الأمر فإن الجمهورية الإسلامية «على استعداد لأن تستخدم أيضا لغة القوة».
تدرك إيران أن الشرعية في المملكة تقوم على أساس كونها تقوم بالخدمة الكفؤة والفعالة للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حتى إن اللقب الأكثر تشريفا للملك السعودي هو أنه «خادم الحرمين الشريفين». تقويض سمعة السعودية في التعامل مع الحج من شأنه أن يقوض هيبة المملكة وشرعيتها في العالم الإسلامي.
ويعد وزير الداخلية «محمد بن نايف» هو المسؤول الأول عن سلامة الحج. وقد أنفقت المملكة العربية السعودية المليارات في محاولة لجعل الرحلة أكثر أمانا لمليوني حاج يأتون إلى المملكة في كل عام. وقد قامت المملكة بتعبئة أكثر من 100 ألف من رجال الأمن للحفاظ على القانون والنظام قبل حادثة التدافع. وسارع رجال الدين الوهابيين إلى إعفاء السلطات من أي ذنب أو مسؤولية. المفتي العام للمملكة أعلن شخصيا أن «بن نايف» بريء من أي مخالفات وألقى باللوم في الكارثة على أنها مشيئة الله. رفضت إيران هذه الحجة ولكن هذه التصريحات من رجال لدين كانت فعالة في مواجهة انتقادات الداخل.
القبض على «المغسل»
وكان ولي العهد السعودي قد استجلب بالفعل عداء إيران حين هندست قواته الأمنية عملية القبض على «أحمد إبراهيم المغسل»، العقل المدبر للهجوم الإرهابي في الخبر في يونيو/حزيران عام 1996 والذي قتل خلاله 19 جنديا أمريكيا. وكان «المغسل» القائد العسكري للجماعة الشيعية السعودية التي ترعاها إيران والمسماة «حزب الله الحجاز» والذي هرب ليعيش في إيران منذ الهجوم حيث واصل الإشراف على المؤامرات التخريبية الإيرانية في شبه الجزيرة العربية.
قبض وكلاء الأمير على «المغسل» في أغسطس/آب الماضي عندما هبطت طائرته في بيروت في رحلة قادمة من طهران. وكان «المغسل» يخطط لحضور حفل زفاف ابنه في لبنان ولكن بدلا من ذلك، تم نقله إلى الرياض حيث تقوم وزارة الداخلية باستجوابه لاستخلاص المعلومات منه منذ ذلك الحين. ووفقا لمصادر سعودية، فإن «المغسل» هو ثروة من المعلومات عن أنشطة الاستخبارات الإيرانية، سواء التاريخية والمعاصرة. كانت عملية اختطاف «المغسل» بمثابة خسارة كبيرة لطهران.
تقول البحرين، حليف السعودية، أنها اكتشفت مؤخرا مصنعا سريا للقنابل في جزيرة متصلة بأنشطة الاستخبارات الإيرانية. وقد اكتشفت طن ونصف من المتفجرات والأسلحة الآلية، تعمل وزارة الداخلية السعودية بشكل وثيق مع الأجهزة الأمنية البحرينية كما قامت البحرين بسحب سفيرها في طهران.
المواجهة السعودية الإيرانية تزداد سخونة عما كانت عليه منذ سنوات عديدة. حادث الحج سوف يظل جرحا مفتوحا لعدة أشهر مقبلة، الرياض وطهران تبدوان على طرفي نقيض في سوريا ولبنان والعراق والبحرين واليمن. القوتان الإقليميتان تضطلعان معا في عناق قاتل.
المصدر | بروكنغز
تعليق واحد
أعتقد بأن السعودية في موقع حرج من أحداث الوفيات التي تحدث في الحج بين وقت لأخر، وعليها ان تتخلى عن المذهب الوهابي إن أرادت التقدم للأمام. نزارف معيوف وهو معارض سوري لنظام الأسد يقول بأنك تستطيع النوم !مع ذئب في سرير ولكن لاتستطيع حتى السكن مع وهابي في مدينة!