أوقف الحشد الشعبي الشيعي في العراق المدعوم إيرانيا تصريحاته ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” محذراً هذه المرة من تأسيس ألوية وكتائب تحمل اسم “الجيش العباسي”، مدعين أنها “مدعومة من السعودية خارج إطار اتفاق الدولة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة”. حسب قول نشطاء وقادة الحشد الشيعي.
وزعم سياسيو المليشيات، المدعومة ماليا وعسكريا واستشاريا من إيران، أن “الجيش العباسي” موجود “لحماية المنطقة الغربية، تحت ذريعة الحرب على تنظيم الدولة، وإبعاد الحشد والجيش العراقي عن الحدود السعودية”، مدعين أن السعودية رصدت ميزانية لهذه المليشيات الجديدة على أنها جيوش مناطقية.
كما حذرت شخصيات المليشيات، المعروفة بسياساتها الطائفية والمتهمة بارتكاب مجازر طائفية في عدة مناطق في العراق، من أن تشكيل هذا الجيش “سيؤدي إلى حرب أهلية دموية في البلاد”.
“جيش من طائفة واحدة”
وزعمت وكالة “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري الإيراني، الذي يشرف على مليشيات الحشد الشعبي، بأن ما أسمته “كتائب وألوية الجيش العباسي” تشكلت في محافظة الأنبار، في نهاية أيلول/ سبتمبر 2015، ليضم “مقاتلين من طائفة واحدة”.
ونقلت الوكالة، عن مصادر لم تسمها، أن هذا الجيش مهمته “حماية المنطقة الغربية؛ تحت ذريعة الحرب على تنظيم الدولة، وإبعاد فصائل الحشد الشعبي والجيش العراقي عن الحدود السعودية”، مدعية أنها رصدت ميزانية لهذا المليشيات الجديدة.
ونقلت الوكالة، المقربة من صناع القرار الإيرانيين والمليشيات الشعبية ذات الأغلبية الشيعية، عن قيادي في تلك الكتائب -التي قالت إنها من السنة فقط- يدعى عمر ثابت المحلاوي، إن “ألف مقاتل من أبناء عشائر المناطق الوسطى والغربية من الأنبار أسسوا ألوية وكتائب الجيش العباسي؛ لمقاتلة تنظيم الدولة، وتحرير مناطقهم واستعادة السيطرة عليها”.
وأضاف المحلاوي، بحسب الوكالة، أن “500 مقاتل متواجدون في الحبانية، و500 مقاتل متواجدون في البغدادي وبروانة والسكران”، لافتا إلى أن “التحالف الدولي سيدعم المقاتلين بالتدريب والتسليح؛ للمشاركة باستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة وتحريرها منهم”.
ونقلت الوكالة عن “مواقع إعلامية محلية” أن المملكة السعودية وقطر تمولان ميزانية لدعم “الجيش العباسي” بالمال والسلاح والعتاد، وفتح معسكرات للتدريب في الأردن والسعودية، إضافة لفتح دورات قيادة لمجموعة منتخبة من ضباط الجيش السابق، دون ذكر مصادر لهذه التصريحات.
قانون الحرس الوطني
إلى ذلك، تابع مصطفى الفارس قوله بأن “قانون الحرس الوطني، الذي أثار الجدل واسعا، سيفتح الطريق إلى تدخلات إقليمية ودولية، وهي محاولة لتعطيل دور الحشد الشعبي الذي حقق انتصارات واسعة، عبر إلهائه بالحرب الطائفية”.
وقالت “تسنيم” إن كتلة بدر النيابية، المنبثقة عن “فيلق بدر”، أكبر مليشيات الحشد الشعبي، في 8 أيلول/ سبتمبر الجاري، إن الصيغة الحالية لقانون الحرس الوطني تؤدي إلى الاحتراب الداخلي، زاعمة وجود ضغوط يمارسها السفيران الأمريكي والبريطاني في بغداد على الكتل السياسية وهيئة رئاسة البرلمان؛ من أجل تمرير مشروع قانون الحرس الوطني.
يشار إلى أن قانون الحرس الوطني يسعى “لأن يضم هذا عناصر الحشد الشعبي ومسلحي العشائر وعناصر الصحوات، وتتمثل مهمته في حفظ الأمن بالتنسيق مع الحكومات المحلية في بعض المحافظات المضطربة، وتحت إشراف قيادات العمليات فيها”، ما أثار اعتراضا لدى أوساط سياسية وعشائرية في محافظات عراقية -بينها محافظة الأنبار غربي العراق- على ضم أفراد مليشيا الحشد للحرس الوطني، حيث ترى أن ذلك يمهد لاستنساخ الحرس الثوري الإيراني بالعراق، ويضفي مشروعية على ممارسات المليشيات.
وعن تسليح العشائر، كتب الخبير الأمني وفيق السامرائي، بحسب وكالة “تسنيم”، بأن “مقارنة الحرس الوطني الذي يتحدثون عنه مع قوات الحرس الوطني السعودي والحرس الثوري الإيراني تختلف جديا، فهاتان القوتان تؤمنان بوحدة بلديهما عقائديا وتنظيميا وفكريا”.
وتابع السامرائي: “مطلوب أن تبدأ الخطوة الأولى بتحقيق فوري عن مصير السلاح الذي سُلِّم إلى بعض شيوخ العشائر في محافظة الأنبار”.
وقالت الوكالة الإيرانية إن فصائل منضوية تحت الحشد الشعبي وسياسيين حذروا من أن تشكيل قوات الحرس قد يؤدي إلى “تعميق الشرخ الطائفي بين السنة والشيعة والأكراد، في بلد يسعى لتوحيد قواه في مواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها من قبل تنظيم الدولة”، مشيرة إلى تصريح منظمة بدر بأن “هنالك مؤامرات تحاك ضد بلدنا العراق العزيز، لتنفيذ المشروع الهادف لإضعاف وتمزيق وحدة وطننا أرضا وشعبا، وتقسيمه إلى دويلات متناحرة”، بحسب الوكالة.
كما أكد رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي رفضه قانون الحرس الوطني، معتبرا أنه رأس حربة لمشاريع قد تهدم البلد، مشددا على أن إقرار القانون بعد مؤتمر الدوحة، الذي دعت له هيئة العلماء المسلمين، سيفتح الباب أمام الطائفية، فضلا عن التدخلات الأجنبية التي تريد حرف القانون عن مساره، على حد تعبيره.
واختتمت الوكالة تقريرها عن “الجيش العباسي” بالقول إن تأسيسه “يثير أسئلة كبيرة حول حجم الدعم والتدخل الإقليمي في الشأن العراقي، فيما يراه مراقبون تساؤلا محقا أمام التدخل الإيراني والطائفي في العراق على يد مليشيات الحشد الشعبي، التي اعتبرت الوكالة أن هذا الجيش يهدف “لضربها”، متهمة بشكل مباشر مشايخ الأنبار “بالهروب، وانضمام بعضهم لتنظيم الدولة”.