رغم نفي رئاسة الجمهورية التونسية وجود أي فتور في العلاقات السياسية أو الديبلوماسية بين تونس والإمارات، فإن العديد المراقبين يرون أن هناك الكثير من المؤشرات الدامغة على أرض الواقع تثبت صحة ما تم نفيه.
وأكثر الدلائل التي تشير بوضوح تام إلى تذبذب العلاقات بين السلطة التونسية الحالية التي تتكون من ائتلاف يضم علمانيين وإسلاميين وبين الإمارات التي لا تخفي عدائها للإسلام السياسي هو تأجيل زيارة الرئيس التونسي لدبي.
تأجيل هذه الزيارة – التي كانت مبرمجة الشهر الجاري – لا يعود إلى تغير في أجندا أعمال الرئيس التونسي ومؤسس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي وإنما لحدوث شرخ في العلاقات بعدما قامت دبي بإجراءات قاسية ضد التونسيين.
هذه الإجراءات لا تتمثل في سحب السفير الإماراتي كما فعلت دبي خلال حكومة الترويكا التي كانت تقودها حركة النهضة وإنما تتمثل في رفض دبي منح التأشيرة للتونسيين بحجة تأمين حدودها القومية ضد تسلل عناصر إرهابية.
بحسب بعض المراقبين يستند هذا الإجراء على المعطيات التي تم تداولها في وسائل الإعلام بشأن تصدر المقاتلين التونسيين قائمة المسلحين الأجانب الذين يحاربون ضد النظام السوري في صفوف جبهة النصرة أو تنظيم الدولة.
الإجراء القاسي الثاني يتمثل حسب بعض التونسيين المقيمين في الامارات في منعهم من تحويل أموالهم إلى البنوك التونسية خاصة بعد تحذير اتحاد المصارف العربية من تحويل داعش لجزء من أموالها لدول عربية منها تونس.
إلى جانب ذلك يبدو أن الإمارات تتجه نحو تقليص عدد رحلاتها الجوية باتجاه تونس ومعدلها سبع رحلات في الأسبوع مقابل تعزيز رحلاتها باتجاه الجزائر والمغرب وهذا مؤشر آخر يكشف حجم الأزمة غير المعلنة بين دبي وتونس.
في الأثناء تبقى الاستثمارات العملاقة التي كانت أعلنت عنها سما دبي سابقا مجمدة إلى حد الآن دون وجود مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق لاستئناف تلك المشاريع الكبرى التي من شأنها أن تخفف من حدة البطالة في تونس.
ورغم إقرار وزير الخراجية التونسي الطيب البكوش بوجود أزمة سياسية بين دبي وتونس نتيجة أخطاء ارتكبت في فترة حكومة الترويكا السابقة فإن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي نفى قطعيا وجود توتر في العلاقات.
أكد مصدر من رئاسة الجمهورية التونسية لمصر العربية بأن هناك مؤشرات إيجابية لعودة العلاقات بين تونس والإمارات لطبيعتها، كاشفا عن تأجيل زيارة السبسي إلى أبو ظبي خلال الشهر المقبل أو بداية الشهر الذي يليه.
ومن المرتقب أن يؤدي السبسي زيارة إلى القاهرة يومي 4 و5 أكتوبر المقبل بدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي ومن غير المستبعد أن يكون الملف التونسي الإماراتي على جدول محادثات بين السبسي والسيسي.
ويقول مراقبون تونسيون إن السبسي يرغب في وساطة من السيسي لإعادة تثمين العلاقات بين تونس والامارات خصوصا وأن تونس في حاجة إلى مساعدات من أجل تمويل موازنتها التي تشكو من عجز متفاقم بسبب ارتفاع نفقات الدولة.
ويبدو أن موقف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي من عدم إقصاء مشاركة حركة النهضة الإسلامية في الائتلاف الحكومي الحالي وراء انزعاج الإمارات الذي يخفي عتابا سياسيا للسبسي لرفضه إقصاء الإسلاميين من الحكم.
وكان الصحفي التونسي سفيان بن فرحات قد كشف بأن الامارات طلبت من السبسي إقصاء الإسلاميين مقابل ضخ تمويلات كبيرة للحكومة التونسية مشيرا إلى إن الرئيس التونسي رفض الاستجابة لتلك الضغوطات من جانب الإمارات.
وبحسب بعض المراقبين فإن تحالف حركة نداء تونس الذي أسسه السبسي مع حركة النهضة في الحكم هو الذي أشعل فتيل الأزمة مع الامارات، وليس الادعاءات بأن القضاء التونسي أصدر مذكرة توقيف ضد حكام إمارة دبي كما نقلت ذلك بعض وسائل الإعلام.
وقد نفى وزير العدل التونسي محمد صالح بن عيسى نفيا قاطعا إصدار أي بطاقة جلب ضد حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على خلفية قضية مرفوعة ضده بشأن استيلاءه على عقار في منطقة فخمة بالعاصمة تونس.
هذا النفي كرره رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني الذي أكد لمصر العربية أنه بناء على معلومات تحصل عليها من المحكمة الابتدائية بتونس فإنه لا توجد أي قضية مرفوعة ضد حاكم دبي أو صدور أي بطاقة جلب ضده.