حلل الخبير الألماني المتخصص في كوارث الجماهير وإدارة الحشود “ديرك هيلبينغ” حادثة التدافع في مشعر منى والتي أدت إلى وفاة أكثر من 750 حاجا وإصابة المئات قائلاً ” إن أي خلل بسيط في حركة الحجاج قد يؤدي إلى وقوع حوادث كارثية، فمثلاً سير بعض المجموعات عكس الاتجاه أو تقاطع عدة مجموعات مع بعضها البعض في مكان واحد قد يؤدي إلى اختناقات وتدافعات مميتة”.
وأضاف هيلبينغ في مقابلة أجرته معه مجلة ” دير شبيجل “الألمانية إن السلطات السعودية أخذت ذلك في الإعتبار وطبقت قبل عدة سنوات نظام الاتجاه الواحد لمنع حدوث التقاطع أو السير عكس الاتجاه لكن يبدو أنه لم يتم الإلتزام بهذا النظام.
وأضاف أنه لا يمكن إطلاقاً السيطرة بشكل كامل على رحلة الحج وذلك لوجود عدة عوامل لا يمكن التنبؤ بها كما أن نصف الحجاج تقريباً غير مسجلين، بالإضافة إلي أن الحجاج لا يلتزمون بالمبيت داخل الخيام مما يؤدي لوجود أعداد أكبر من المتوقع.
كذلك هناك الكثير من المشكلات يمكن أن تحدث نتيجة لانتماء الحجاج لأكثر من 100 دولة ويتحدثون أيضا أكثر من 150 لغة وبعضهم لم يستخدم مصعداً أو سلماً كهربائياً من قبل.
كما أن هناك الكثير من الفروق الحضارية بين الحجاج، وبعضهم يفضل عدم الإنفصال عن المجموعة التابع لها، بينما يفضل آخرون السير ناحية اليمين والبعض الآخر يفضل السير ناحية اليسار. وتحتاج عملية تنظيم هذه المجموعات أن يكون الحجاج مسجلين لدي السلطات لعمل مخطط لتنظيمهم.
حادث تدافع منى من وجهة نظر الخبير الألماني وقع عندما كان على ملايين الحجاج رجم إبليس في يوم واحد، مايؤدي لاختناقات وتدافعات.
ورغم أن السلطات السعودية قامت بعمل مخططات وجداول تحدد من خلالها مواعيد رمي كل مجموعة للجمرات علي أن يكون مشرف المجموعة مسئولاً عن الإنضباط في توقيت الرمي، فإن أحدا لم يلتزم بهذه التوقيتات.
التدافع المميت يقع عند حدوث أي إعاقة لحركة سير الحجاج ويفقد تدفق الحجاج سيولته حيث تبدأ المسافات بين الحجاج في التقلص حتي تتراوح الكثافة ما بين خمسة إلي عشرة أشخاص في المتر المربع الواحد بينما الطبيعي هو شخصان لكل متر مربع واحد.
ومع هذا الاحتكاك الرهيب للأجساد يسقط البعض ويتم دهسهم، فمن يسقط لا يقوي علي النهوض مرة أخري، وبالتالي تحدث الكارثة ويسقط الضحايا لأن أجسام الحجاج تبدأ في السقوط بشكل أوتوماتيكي نتيجة الدفع ويتحول الأمر إلى ما يشبه سقوط قطع الدومينو، وفي هذه الأثناء لا يحصل الحجاج المدهوسون علي الهواء اللازم فتحدث الوفيات.
وألقى الخبير الألماني بالضوء على التغييرات التي أجرتها المملكة فى جسر الجمرات، حيث صار الآن مكوناً من 5 طوابق وزادت مساحة المرمي، وكذلك القدرة الاستيعابية وتم تحديد ممرات ذات إتجاه واحد لمنع تعطيل سيولة تدفق الحجيج.
كذلك تم بناء برج مراقبة، وإنشاء نظام مراقبة بالفيديو ، واستحداث نظام إنذار آلي لإحصاء أعداد الحجاج وإصدار تحذير حال تجاوز الأعداد للكثافة المسموح بها. كما تم تدريب العاملين في تنظيم الحج علي عمليات الطوارئ والإنقاذ السريع ومواجهة المواقف الصعبة.
وعن إلإتهامات المتبادلة على مواقع التواصل الإجتماعى التى تشير إلى أن الحادث مدبر، أوضح الخبير الألماني المتخصص في كوارث الجماهير وإدارة الحشود، والذي عمل لآخر مرة بالسعودية قبل 8 سنوات، أن السلطات السعودية فعلت كل ما بوسعها لتأمين سلامة الحجاج.
لكنه عاد وأكد أن الثقة المفرطة في عدم حدوث كارثة، في ظل عدم حدوث مشكلات لعدة أعوام مضت تعد أمراً خطيراً، لأنها تؤدى إلي عدم التفكير الجدي فى الإستعداد الأمثل لحالات الطوارىء.
وأشار الخبير الألماني إلى عدم إمكانية تقليص أو تحديد عدد الحجاج في العام القادم، فبعد حادثة 2006 لم يقل عدد الزوار عن العام السابق بالرغم من أن جسر الجمرات كان وقتها من طابقين فقط.
تعليق واحد
ال سلول يتحملون مسؤلية ماحدث.