هذه المقولة ضرورية في ظل هذا الوقت الحرج وبعدما تكررت أكثر من حادثة محاولة انتحار لشبان فلسطينيين, كان أخرها محاولة الشاب الفلسطيني معمر قويدر الانتحار قبل ايام من حفل زفافه هربا من الواقع المرير في قطاع غزة حيث تعتبر نسبة البطالة بين الاعلى في العالم فيما يفقد الشباب الامل بمستقبل أفضل.
ويقول الشاب البالغ من العمر 21 عاما المتحدر من حي الدرج وسط غزة انه أقدم على محاولة الانتحار بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة وملاحقة شرطة بلدية غزة له بشكل مستمر.
ويعاني قطاع غزة الذي يصل تعداده الى 1,8 مليون نسمة من اوضاع اقتصادية صعبة جدا بسبب الحصار الاسرائيلي والدمار الذي سببته الحرب الاسرائيلية الثالثة خلال ست سنوات عام 2014، فيما تسير عملية اعادة الاعمار ببطء.
ويروي قويدر، بائع الخضراوات والفاكهة المتجول في غزة، “انا اقدمت على محاولة الانتحار لان كل شيء اغلق في وجهي بعد ان قامت شرطة بلدية غزة بمصادرة بسطتي وحجزت ميزان البيع وضربوني في سوق البلد عند الجامع الكبير”.
وقال “اعتقلوني أكثر من مرة من التاسعة صباحا وحتى التاسعة ليلا حتى يمنعوني من البيع” مضيفا “لقد شربت السم لأنني سئمت الشرطة” حتى لو كان حفل زفافي مقررا بعد ايام.
وأردف قائلا “وضعي الاقتصادي صعب ولا يوجد امامي الا البيع في السوق. ليس لدي اجر وانا على استعداد ان اعمل اي شيء”.
وليس هناك احصاءات واضحة حول عدد محاولات الانتحار في قطاع غزة لان العائلات في هذا المجتمع المحافظ الصغير ترفض الحديث عن ذلك.
وتؤكد وزارة الداخلية في غزة على لسان الناطق باسمها اياد البزم ان عمليات الانتحار الاخيرة “لا تشكل ظاهرة بشكل عام”.
ورفض اعطاء اي ارقام عن محاولات الانتحار في غزة.
وحذر فضل عاشور اخصائي علم النفس في جامعة الازهر في غزة من ان محاولات الانتحار تشكل “رسالة لانفجار جماعي وشيك”.
وقال “نحن امام عملية صراع حقيقية على الموارد بين الافراد والمؤسسات الموجودة في غزة للحصول على اموال وضرائب من الناس، هذه هي بيئة خصبة لتوليد مشاعر عدوانية لدى الافراد او رغبة في ممارسة العنف، اما ممارسة العنف تجاه المجتمع او المؤسسات وهذا غير متاح او ممارسة العنف نحو الذات واحد اشكال ذلك الانتحار او الهرب من المكان”.
وقطاع غزة يخضع لحصار اسرائيلي وشبه حصار مصري. وتعتبر نسبة البطالة بين الاعلى في العالم حيث بلغت 42% في النصف الاول من السنة بحسب تقرير البنك الدولي.
وهناك 60% من الشباب بدون عمل و39% من السكان يعيشون تحت خط الفقر وحوالي 80% يعتمدون على مساعدات مختلفة.تويتر
تويتر
“بائع في قطاع غزة ينتحر لتردي حالته الاقتصادية على خطى بوعزيزي”
محمد ابو عاصي شاب ايضا أمضى عدة ايام في غيبوبة بعدما تناول السم بسبب عجزه عن تأمين لقمة العيش لعائلته.
وقال والده تحسين ابو عاصي (63 عاما) “ابني محمد تحمل ضغطا شديدا جدا وفي النهاية انهار. محمد مثله مثل عشرات الالوف بل مئات الالوف من الشباب في غزة”.
وعزا اسباب محاولة انتحار ابنه الى “ممارسات سنوات طويلة من ضغط بلدية غزة، والى لامسوؤلية الحكام في غزة الذين يشهدون ويعرفون معاناة ابنائنا ولا يحركون ساكنا ويرفعون يافطة -اصبر ايها الشعب البطل حتى لو ألقينا بك الى الموت-“.
ويقول محمد وهو اب لطفلين “ان الوضع الاقتصادي فوق المنكوب. وعندما يفضل الانسان الموت على الحياة يكون لم يتبق له شيء”.
ويعيش محمد في بيت مكون من غرفة وصالون بمساحة 30 مترا مربعاً في حي التفاح شمال مدينة غزة. وحاول محمد الانتحار بعد تناوله السم في 23 اب/اغسطس الماضي ودخل في غيبوبة حيث بقي في مستشفى الشفاء غرب غزة عدة ايام.
ويقول “انا عندما ضاقت بي الدنيا ولم أستطع تدبير لقمة عيش اطفالي، اصبحت أفضل الموت على رؤية ابنائي يموتون امامي”.
من جهته يقول المحلل الاقتصادي عمر شعبان ان “السبب الاساسي في عمليات الانتحار هو فقدان الامل”.
ويوضح ان الشباب أصبحوا يدركون ان الواقع متأزم وليس هناك بوادر انفراج “وان هذا الواقع سيتواصل ولسنوات طويلة وبالتالي يلجأ اما للانتحار او الهروب للقتل او التطرف وتزداد درجة حقده على المجتمع لان هذا المجتمع يظلمه ويحرمه”.
واعتبر شعبان “ان الوضع الاقتصادي والانساني في غزة يفوق الوضع الكارثي، المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية النوعية تنذر ان الوضع في غزة على وشك الانفجار”.