“متابعة- وطن” في خضم الصراع الدائر بين السلطات البحرينية وحركات المُعارضة البحرينية الذي اشتد على خلفية الاحتجاجات التي كانت أكثر دولة من حيث عدد المتظاهرين بالنسبة لعدد السكان في دول الربيع العربي للمطالبة بالحقوق السياسية والحريات العامة، سعت السلطات البحرينية لتشكيل مصدات من الحلول الديكتاتورية أمام رياح التغيير العربي، والتي برز منها: التجنيس السياسي كألية لقمع المعارضين، ومحو هذه الحركات الاحتجاجية لضمان ولائها لهم.
وفي تقرير تداولته وسائل الاعلام شرحت فيه كيف استعانت السلطات البحرينية بمن تسميهم المُعارضة “بالمُرتزقة” لتدعيم وتثبيت دعائم الحكم من خلال تجنيسهم، وكيف استطاع هؤلاء الاجانب القيام بمهامهم، وماهي الوسائل التي لجأت إليها المُعارضة حيال هذه الوسائل التي تعصف بكافة حقوقهم في المواطنة الكاملة كمواطنين كاملي الأهلية.
الأجانب” مقابل ” السكان الأصليين
بعد حملة القمع التي أعقبت الانتفاضة والتي استهدفت المعارضة البحرينية “أغلبها شيعية” بطريقة تعسّفية عبر اعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم وطردهم من وظائفهم. وقد شُنَّت حملة بروباغندا واسعة مدعومة من الدولة ضد الانتفاضة بغية تصوير المعارِضين الشيعة بأنهم عملاء إيرانيون خونة، وهو ما أدّى إلى تعاظم الشعور لدى عدد كبير من شيعة البحرين بأن النظام يفترض تلقائيًا أنهم خونة بسبب انتمائهم الديني.
تتنوع سياقات حالات التجنيس للأجانب في البحرين، ففي بعض الحالات توقع السلطات البحرينية اتفاقيات أمنية مع السلطات المُجاورة لها والتي تتمتع معها بعلاقات وثيقة، لاستيفاد مجموعات من مواطنيها مقابل تجنيسهم، ودمجهم في أجهزة الأمن والوظائف السيادية وهو ما يضمن لهؤلاء الموظفين الولاء المُطلق للنظام، وتنفيذ الأوامر بالتعذيب والإرهاب مقابل امتيازات مالية ضخمة، وتمتعهم بالمواطنة الكاملة. وغالبًا ماتكون هذه الجنسيات التي تأتي ضمن الاتفاقيات الأمنية من جنسيات عربية (أردنية، سورية، يمنية، عراقية).
تظهر واقعة تمرد مجموعة من السجناء البحرينين في مارس الماضي بسجن جو هذا الأمر، إذ تعرضوا للتعذيب والتعنيف على أيدي ضباط أردنيين تمت الاستعانة بهم لـ”إعادة النظام إلى السجن”، كذللك تنتشر بعض عناصر الأمن غير البحرينية في بعض نقاط التفتيش في الشوارع العامة أو على مداخل القرى الذين لا يجيدون التحدث باللغة العربية في أحيان كثيرة.
بينما الوسيلة الثانية التي تلجأ إليها السلطات البحرينية لتجنيس المواطنين، تتمثل في استجذاب الأجانب الذين يأتون فقط إلى البحرين بهدف العمل بسبب العوز والظروف الاقتصادية، فلا تلبث السلطات البحرينية في تجنيد بعض منهم ممن تضمن ولاءه، وتوفر له الوظيفة والحياة الكريمة والجنسية.
وقد أظهرت الإحصائيات الحكومية خلال الفترة الممتدة من 2002 إلى 2014، قيام السلطة البحرينية بعملية تجنيس 95,372 ألف أجنبي، بنسبة تغيير مقدارها 17.3% في التركيبة السكانية.
يوضح تبعات هذا الأمر، نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، سيد يوسف المُحافظة: “إن استقدام الأجانب للعمل في الأجهزة الأمنية، ليست سياسة جديدة، لكنها أصبحت حادة بشكل واضح منذ العام 2011، وأصبحت هناك حالة من الكراهية لهذه الجنسيات نتيجة لقيامهم بعمليات التعذيب والقمع للمعارضين داخل السجون”.
زيادة الإنجاب .. في مواجهة التجنيس
“أدعو البحريني الأصيل السني والشيعي إلى تحمل عبء إنجاب طفل زيادة لمواجهة مشروع التجنيس الكارثي #نكبة_التجنيس”، هذا ماغرده الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية (الشيعية) المعارضة الشيخ علي سلمان، مُقترحًا هذا الحل لمجابهة عملية التجنيس التي تستخدمها السلطات البحرينية لتحجيم من نفوذ المواطنين البحرينيين المنضويين تحت حركات المُعارضة خصوصًا من الطائفة الشيعية التي تمثل الأغلبية في البحرين .
تجد المُعارضة البحرينية المُمثلة في حركات جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كبرى تنظيمات المعارضة حاليًا، التي تعمل وفق قانون الجمعيات البحريني. إضافة إلى، حركة وفاء التي يقودها عبد الوهاب حسين، وحركة حق التي يقودها حسن مشيمع، وحركة خلاص التي يقودها عبدالرؤوف الشايب أن دعوة السكان الأصليين لدولة البحرين لزيادة الإنجاب أحد الوسائل الفاعلة حيال مواجهة هذه السياسة.
وفي هذا الصدد، دعمت الناشطة السياسية بشرى الهندي، هذه الوسيلة الفاعلة: “تعتبر دعوة الشيخ علي سلمان أول خطوة عملية في مواجهة مشروع التجنيس التدميري، البيانات، والخطب، والكلمات، والمسيرات، ولجان التحقيق البرلمانية، والمناشدات الدولية، أمور جيدة ومطلوبة ولكنها لم تقدم ردًا على المشروع الخطير”.
الأجانب في البحرين: مسئولو الأمن السياسي للدولة
في مساعي السلطة البحرينية لإعادة هيكلة جهاز الأمن السياسي للدولة بعد انتفاضة 2011 التي هزت من شرعية النظام دوليًا، دمجت أعدادًا كبيرة من الأجانب، الذين منحتهم الجنسية، في مناصب سيادية في أجهزة الأمن الداخلية والمحاكم ومراكز الشرطة، وحتى غرف التحقيقات، مقابل إزاحة أعداد كبيرة من المواطنين الأصليين من هذه المناصب التي كانوا يحتلونها لعدم الثقة في أدئهم، وإبقاء على نسبة لاتتعدى 10 % من الوظائف الدنيا في هذه الأجهزة كمخبرين وحراس في مناطق غير مهمة، أو في شرطة المجتمع، حيث تقتصر مهامهم على تنظيم الفعاليات والإشراف عليها بشكل لا يتطلب أسلحة.
تُشكل النسبة الأكبر لمنتسبي وزارة الداخلية من الطائقة السنية الكريمة، خصوصًا في قوات مكافحة الشغب، وغالبية العاملين في أجهزة المخابرات من جنسيات عربية من خلفيات عشائرية من سوريا، وتحديدًا من منطقة البوكمال في محافظة دير الزور، والأردن، بجانب المُستقدمين من باكستان، وتحديدًا من إقليم بلوشستان، وجنسيات أخرى كاليمن، وهي المسألة التي يستدل عليها الخبراء من أن غالبية المصابين من قوات مُكافحة الشغب البحرينية في المواجهات مع المتظاهرين أو الذين فقدوا حياتهم هم من جنسيات باكستانية ويمنية.
يبرر هذا الأمر، وزير الداخلية البحريني، الشيخ راشد آل خليفة، في مقابلة تليفزيونية قائلًا: “لا نستعين بالشيعة والسنة البحرينيين في الوظائف الأمنية، لاعتبارات طائفية، لذللك نستقدم منتسبي الشرطة وعمليات الأمن، من مناطق بعيدة لأنهم لا يعرفون بعضهم بعضًا للحفاظ على التجانس المطلوب”.
فرع «الخوالدة» .. تيار «الصقور» الذي يرى الحل في التجنيس والقمع
داخل السلطة البحرينية يتقاسم السلطة جناحان رئيسيان، حيث يوجد فريق أساسي معروف عنه التعصب واللجوء للحلول القمعية والتجنيس السياسي كأولوية ضرورية لإعادة الاستقرار في محو الحركات المُعارضة البحرينية، والممُثل الرئيسي لهذا الجناح داخل السلطة هو “فرع الخوالدة”، بينما الجناح الآخر الذي يجد في القمع آخر الحلول التي يمكن استخدامها حيال الحركات المُعارضة، ويُدرك أن استخدام هذه الوسائل ستكون تداعياته سلبية على شرعيته الدولية، ومُمثل هذا الجناح هو فرع الملك وولي العهد .
وفرع “الخوالدة” هو الفرع المتُعصب في الأسرة، والذي يتمثل في رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، ومركز في فرع الخوالدة من عائلة آل خليفة، فهم أحفاد خالد بن علي آل خليفة ويشعرون أنهم محرومون من وراثة العرش.
وهذا الفرع جرى تهميشه تاريخيًا من دائرة النفوذ السياسي داخل النظام البحريني، ثم تعاظم هذا النفوذ بعد هيمنته على عدد من المناصب السيادية كوزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة، قائد قوات دفاع البحرين خليفة بن أحمد آل خليفة، وزير العدل خالد بن علي آل خليفة.
يظهر حجم الكراهية لهذا الجناح المُتشدد في الحكم، من كم المطالبات التي طالب بها المُحتجون في انتفاضة 2011 هي إقالة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، والذي ظل في منصبه عام 1970، في حين لم يكن هناك حديث عن الملك وابنه ولي العهد.
تعاظم نفوذ جبهة الخوالدة في الحكم بتصعيد ممثلين لها في مناصب سيادية بعد احتجاجات 2011، ساهم في إعطاء أولوية للحلول العصيبة كالتجنيس السياسي، والتعذيب والقمع ونفي الآلاف من المُعارضيين.
المصدر: ساسة بوست
تعليق واحد
اللهم العن الظالمين من ال خليفة وعلى رأسهم الملعون حمد وعمه المومياء خليفة ومن يأيدهم ويساندهم.