كشفت مصادر إسرائيلية النقاب عن وثيقة صادرة عن منتدى “الإستراتيجية الإسرائيلية العليا”، بمناسبة حلول “عيد الغفران” اليهودي، تتحدث عن واحد من أخطر التهديدات التي تؤرق خبراء الإستراتيجيات في إسرائيل، وهو “تآكل ميزة التفوق النوعي الإسرائيلي”، مقارنة بدول المنطقة.
وبحسب مصادر إسرائيلية، تعتبر تلك الوثيقة خلاصة نقاشات موسعة نظمها المنتدى طوال الفترة السابقة، برئاسة بروفيسور عوزي أراد، المستشار السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، والذي تولى أيضا في الماضي منصب رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلية، فضلا عن كونه رئيسا لمنتدى الإستراتيجية العليا، وهي الوثيقة التي استطلعت جميع التحديات التي تقف أمامها إسرائيل، وخلصت إلى أن ثمة مخاطر حقيقية من تآكل ميزة التفوق النوعي، والذي طالما تباهت بها إسرائيل، مقارنة بجيرانها العرب.
ويعتزم “أراد” نشر خلاصة أعمال المنتدى في كتاب جديد، بعد موافقة الرقابة على النشر، وسوف يستعرض فيه مسيرة اتخاذ القرارات لدى القيادة السياسية والعسكرية العليا في إسرائيل، ولكنه قرر نشر جانب من الوثيقة التي سيستعرضها في كتابه بشكل موسع، نظرا لاحتمالات تأخر النشر، بينما يسعى إلى خروج تلك الوثيقة إلى النور بمناسبة عيد الغفران، ونشر تشريحا لـ (الإستراتيجية العليا) لإسرائيل، وهي الإستراتيجية التي تختلف عن نظيرتها العسكرية، من حيث مستواها ومداها ووسائلها، كما أن من تضعها هي القيادة السياسية – العسكرية العليا للدولة، بينما تعتبر الإستراتيجيات العسكرية من أعمال القيادة العسكرية فقط. حسب ما نقلته وسائل اعلام عربية.
وشارك في المنتدى الذي استمرت أعماله طوال شهور، طاقم من 50 خبيرا إسرائيليا في مجالات الإدارة والسياسة والأمن والاقتصاد والمجتمع والأكاديمية والجيش، وأعد الوثيقة التي وجدت تقصيرا كبيرا في مسيرة اتخاذ القرارات في إسرائيل، وصلت إلى الفشل الذريع أحيانا، بصورة لم تشهدها القيادة السياسية منذ إقامة دولة الاحتلال عام 1948.
واعتبرت الوثيقة أن إسرائيل لا تمتلك رؤية أمنية ضمن إستراتيجيتها القومية، ولا تحدد رؤية سياسية واضحة مؤكدة أن تحليل الرؤية الإستراتيجية التي حددها رئيس هيئة الأركان العامة جادي أيزنكوت مؤخرا بالنسبة للجيش، تفتقر تماما إلى الشق السياسي.
وطبقا للوثيقة، فإن “أحد أبرز التهديدات التي تقف إسرائيل أمامها، بعد تحليل خلاصة التهديدات كافة، هو تآكل مسألة التفوق النوعي الإسرائيلي، مقارنة بالدول العربية المحيطة”، مشيرة إلى أن “الرؤية التي وضعها بن جوريون للاحتفاظ بميزة التفوق النوعي منذ عقود طويلة، كانت تعبر عن الإستراتيجية العليا الوحيدة التي اتبعتها إسرائيل، وأن الخبراء يقدرون الآن أن تلك الميزة تتراجع تدريجيا”.
و يشمل التراجع محورين، الأول هو التراجع مقارنة بما كانت إسرائيل عليه، دون مقارنتها مع الدول المحيطة، أما المحور الثاني فيتعلق بتقليص الفروق التكنولوجية بين إسرائيل وخصومها.
وتشير الوثيقة إلى أن التفوق النوعي الإسرائيلي في السنوات الأخيرة لم يعتمد على التعليم الأساسي أو الأكاديمي، ولكنه اعتمد على التفوق النوعي من الناحية العسكرية فحسب، وبالتحديد في مجالات الاستخبارات وميدان المعركة، على أساس وسائل تكنولوجية متطورة، تحصل عليها إسرائيل من الخارج أو تصنعها بنفسها، ولكن السنوات الأخيرة شهدت حصول العديد من الدول على معدات وأجهزة مماثلة، وأولت اهتماما كبيرا بتأهيل الكوادر البشرية بما في ذلك عبر مراحل التعليم المختلفة.