حددت دراسة صادرة عن مركز عمران للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحت عنوان “مآلات الحراك القائم في السويداء”، 4 سيناريوهات متوقعة لمآلات الحراك في مدينة السويداء السورية.
وبحسب الدراسة تتراوح هذه المآلات من الإدارة الذاتية إلى صدام مسلح مع النظام أو استجرار لمواجهة مباشرة مع تنظيم داعش، مقابل احتمالية الانقسام الداخلي في الكتلة الدرزية.
تعود محافظة السويداء بعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس إلى المشهد السوري من جديد، بحراك ثوري ض نظام الأسد يدفعه ادارك جمعي لأهالي المدينة بالمسؤولية المباشرة للنظام عن تصفية شيخ الكرامة، ما أدي لانتفاضة شعبية قادها الأهالي من جهة.
كما رافقها فعل عسكري تولاه تجمع مشايخ الكرامة من جهة موازية، الأمر الذي استتبع طرد أجهزة الأمن والمخابرات من المدينة، وإعلان الأخيرة مدينة محررة من نظام الأسد، الذي اكتفى بخطوات إعلامية تقليدية لتبرير الحدث وبعض الإجراءات الاحترازية كقطع طريق دمشق وحجب الإنترنت من المدينة التي خيم عليها هدوء حذر مفتوح على كل الاحتمالات.
وبالنظر إلى المشهد بكليته، فإن حالة الحياد الذي سعت إليه السويداء منذ بداية الثورة السورية، إضافة للكتلة الذرية التي تسكنها وامتداداها الديموغرافي في العاصمة دمشق، وما يمثله ذلك من تهديد مباشر للنظام على المستوى المحلي من جهة، والخصوصية الطائفية التي تتمتع بها وما قد توفره من مداخل للضغط على الدولي من جهة أخرى.
وهو ما يجعل السويداء كمحافظة تحظى وفقا للظروف الذاتية والموضوعية بجملة خيارات أوسع منها في باقي المدن والمحافظات السورية التي اختبرت نفس الموقف منذ خمسة أعوام دونما خيار إلا المواجهة المباشرة مع نظام الأسد، والذي بالمقابل قد تدفعه طبيعته الأمنية والشمولية لتجاوز كل تلك الاعتبارات الخاصة بالمحافظة، لتبقى السويداء اليوم أمام مروحة من السيناريوهات المحتملة:
أولا.. الإدارة الذاتية
لا تعد الإدارة الذاتية خيارا جديدا بالمعنى الوظيفي على محافظة السويداء، حيث أن ما سعت إليه مجموعة مشايخ الكرامة كان محاولات لامتلاك جزء من القرار السيادي لأبناء المحافظة، سواء على مستوى منع الشباب الدرزي من خدمة العلم في صفوف جيش النظام، أو إزالة بعض الحواجز الأمنية داخل أجزاء معينة من المدينة وإخراج جزء من الجيل عن سيطرة النظام وتولي إدارته وحمايته.
ووفقا لطبيعة الحراك القائم وخصوصية المحافظة الجغرافية والطائفية، تبدو الإدارة الذاتية الخيار الأقرب المدى المنظور.
وإذا تبدو الإدارة الذاتية الشكل الأقرب للطرفين في هذه المرحلة الحذرة، إلا أنها ومن المؤكد ليست الخيار الدائم على الأقل بالنسبة للنظام، الذي لن يترك المحافظة على المدى الطويل لتقدم نموذجا في الخروج عن سلطته، مقابل إدراك ثوار المدينة أن هذا الخيار هو الأنسب وسط عدم نضوج البدائل واستمرارية السعي في البحث عنها، لذلك ستمثل الإدارة الذاتية مرحلة انتقالية لأخرى تليها، ويحدد شكلها فقا للتغيرات الطارئة على المشهد.
ثانيا.. الصراع مع النظام
تتمتع محافظة السويداء بمجموعة من العوامل التي قد تدفع عنها خيار الصدام المسلح مع النظام، إضافة إلى أدراك الأخير خطورة العمل العسكري تجاه المحافظة، والارتدادات المصاحبة له، ما يجعل هذا الخيار يبدو مستبعدا على الأقل في المدى المنظور.
وعلى الرغم من وعي النظام بخطورة العمل العسكري، إلا أنه وبالوقت نفسه لا يمكن ضبط تصرفاته، فمن يغتال وحيد البلعوس في هذا التوقيت لابد وأن يكون مدركا لمآلات العملية وارتداداتها وبالتالي مستعد لمختلف الاحتمالات وأحدها العسكري.
ثالثا.. مواجهة تنظيم الدولة
يتمركز تنظيم الدولة داعش شرق وشمال شرق محافظة السويداء، والتي وصلها إثر سقوط مدينة تدمر وتسهيل النظام تمدده نحو الجنوب، والاحتفاظ به كورقة مؤجلة، ربما يكون قد حان الوقت لاستثمارها، خصوصا وأن خيار المواجهة مع مجموعات الكرامة المسلحة ضمن المدينة في حال تصعيد الحراك مستبعد.
ما قد يدفع النظام لخلق ظروف تسهل هذه المهمة لطرف أخر والمرشح الأول هو تنظيم داعش من خلال تسهيل مروره لبعض أجزاء المحافظة غير البادية، خاصة أن هذه الخطوة إن تمت، فإنها تعود بالفائدة الأولى على النظام، إلا أنه سترتب عليه خطورة لا تقل عن الفائدة.
رابع.. صراع داخلي
وإذ يبدو التواجد الأمني للنظام معدوما في مدينة السويداء إلا أن مؤيديه متواجدون وبكثرة من أبناء المحافظة والميلشيات التي سعي إلى تشكيلها من شباب الطائفة خصوصا بعد تقدم تنظيم الدولة، ما سيجعل استثمارهم وتهيأتهم للوقوف في وجه أخوتهم من المعارضين خيارا محتملا سيلجأ إليه النظام الأمر الذي قد يؤدى إلى انقسام داخلي قد يتطور بمستوياته ليصل إلى صراع مسلح.