شهدت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وسلطانة اتهامات وردود متبادلة بين الطرفين على مدار اليومين الماضيين، بعد قصف منزل السفير العماني في العاصمة اليمنية صنعاء، حيث عجلت جماعة الحوثي “الشيعية المسلحة” المنقلبة على الشرعية باليمن، بإصدار تصريحات تتهم قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية بقصف المنزل، في محاولة للوقيعة بين المملكة والسلطنة.
جاءت اتهامات الحوثي رغم أن مسقط لم تحدد في بيانها الأول الذي أدان القصف الطرف المسؤول عنه، لتتبعه ببيان أخر عن وزارة الخارجية توجه خلاله إدانة مباشرة للسعودية بقصفها لمنزل السفير العماني، دون أن توجه إدانة مماثلة للحوثي، وهو الأمر الذي نفاه تمامًا المتحدث باسم التحالف العربي وفقا لما جاء في موقع “شؤون خليجية”.
الأمر الذي فتح المجال لعدة تساؤلات فرضت نفسها، خاصة أن السلطنة خرجت عن موقفها المحايد الذي تتخذه حيال الأزمة اليمنية، حيث عزفت عن الانخراط في الحرب خلافًا للموقف الموحد لكافة أعضاء مجلس التعاون الخليجي المشاركين في التحالف العربي، فهل تكون الاتهامات العمانية للمملكة بداية لإعلان مسقط انحيازها العلني للحوثي؟ وهل هي بداية لشق الصف الخليجي؟.
الحوثي يتهم التحالف
وجهت جماعة الحوثي اتهاماتها للسعودية عبر الناطق الرسمي باسمها محمد عبد السلام، والذي وجه إدانة لقوات التحالف بقيادة المملكة، بقصف منزل السفير العماني بصنعاء، معتبراً ذلك “استهدافًا للدور المحوري، الذي تقوم به سلطنة عمان لإنهاء الصراع في اليمن”.
وأضاف عبد السلام، في تصريحات نشرت على صفحته على موقع “فيس بوك”، أمس السبت، “استهداف التحالف لمنزل السفير العماني في صنعاء، هو استهداف دور سلطنة عمان الأخوي والعروبي”، معتبراً ذلك “انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية”.
وجاء قصف منزل السفير العماني، بعد أيام من رفض الحكومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف والموجودة بالمملكة السعودية، لمباحثات الحوثيين في عمان، للمرة الثانية منذ بدء الحرب على جماعة الحوثي، والتي انضمت لها دول الخليج جميعا عدا عمان.
احتجاج عماني على الرياض
وعقب اتهامات الحوثي، استدعت سلطنة عمان عبر وزارة الخارجية سفير المملكة العربية السعودية لدى السلطنة “عيد محمد الثقفي”، وسلمته مذكرة احتجاج على قيام طيران التحالف باستهداف منزل السفير العماني في العاصمة اليمنية صنعاء، وأعربت له عن أسفها لهذا الحادث وأن السلطنة في انتظار تفسير له.
وجاء الاستدعاء وتوجيه هذه المذكرة الاحتجاجية إلى سفير الرياض بسلطنة عمان، في بلاغ أصدرته وزارة الخارجية في سلطنة عمان، لأن السعودية هي التي تقود التحالف العربي في الحرب الدائرة حاليًا في اليمن.
وجاء في مذكرة الاحتجاج، “نود إبلاغكم بأسفنا الشديد لاستهداف طائرات التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة في اليمن، مقر سكن سفير السلطنة في العاصمة صنعاء”.
وتابعت وزارة الخارجية قولها: “مما أدى إلى تدمير المبنى ووقوع أضرار جسيمة، وإننا إذ نحتج على هذا العمل تجاه سلطنة عمان، فإننا نطالب المملكة بتقديم تفسير لهذا التصرف (غير المقبول) تجاه مصالح السلطنة في صنعاء”.
عمان تثور ضد التحالف
بيان وزارة الخارجية العمانية تناقلته المواقع الإلكترونية المحسوبة على الحوثي والموالية للانقلاب على الشرعية باليمن، تحت عنوان “عمان أول دولة تثور ضد التحالف العربي”، ملمحين إلى شق الصف الخليجي من خلال سلطنة عمان.
وتجاهلوا أن سلطنة عمان لم تشارك من الأساس في التحالف العربي، متجنبه نشر جيشها لضرب أهداف الحوثيين في جارتها الجنوبية “اليمن”، حيث ترى القيادة العمانية استراتيجية الرياض في اليمن مضللة وخطيرة على المنطقة بأسرها.
التحالف ينفي قصف منزل السفير
وردًا على الخارجية العمانية، أكد المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات التحالف العميد ركن أحمد عسيري، أنه لا صحة لقصف قوات التحالف لمنزل السفير العماني في صنعاء، ولم يستهدف منزل أي سفير خلال عمليات القصف، ملمحة إلى تورط المتمردين الحوثيين.
وقال العميد أحمد عسيري بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”، إن الغارات التي نفذت في صنعاء، أمس السبت، استهدفت مقر وزارة الداخلية، بعد التأكد من أنها باتت مركزاً عسكرياً تدار منه عمليات الميليشيات المتمردة، مشدداً على أن منزل السفير العماني في صنعاء، لم يستهدف من قبل التحالف قطعاً.
وأكد أن قوات التحالف ترحب بأي تحقيق في نوعية الاستهداف، إذ أن الإنسان قادر في اللحظة الأولى على أن يفرق بين استهداف المواقع بقذيفة هاون، أو بواسطة طائرة حربية.
(5) رهائن إلى سلطنة عمان
وفي ظل دور الوسيط الذي تلعبه عمان، قالت مصادر يمنية إن خمسة من الرهائن الأجانب غادروا مطار صنعاء الدولي فجر اليوم الأحد، على متن طائرة عمانية، وقال المصدر إن ممثلين عن مكتب الأمم المتحدة بصنعاء ولجنة الصليب الأحمر وسفارة سلطنة عمان، وسبعة من قيادات الحركة الحوثية توجهوا بصحبة الرهائن المطلق سراحهم مساء الجمعة الماضي إلى سلطنة عمان، مؤكدًا أنهم لعبوا دورًا بارزًا كما يقول في إطلاق سراح الرهائن.
وطبقًا للمصادر، يجري وفد من الحوثيين مشاورات سياسية في سلطنة عمان حول فرص التوصل لاتفاق سياسي ينهي الحرب الدائرة في اليمن، ووقف العمليات العسكرية لقوات التحالف بقيادة السعودية، كما سيسلمون وفقًا للمصدر الأمني بشكل رسمي الرهائن إلى سفراء بلدانهم في سلطنة عمان.
ووفقًا للمصادر فإن الحوثيين بذلوا جهودًا لإطلاق سراح الرهائن الخمسة، وهم شخصان من بريطانيا والسعودية وثلاثة أمريكيين، ولم تكشف المصادر عن الجهة التي كانت تختطف الرهائن الخمسة المفرج عنهم ومتى تم اختطافهم، إلا أنهم أكدوا أن عملية نقل الرهائن تمت بموافقة قوات التحالف، وبتنسيق عماني مع مكتب الأمم المتحدة بصنعاء.
عمان رئة يتنفس منها الحوثي وصالح
يذكر أنه منذ انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس الماضي، وعملت مسقط على احتضان جولات حوار بين الحكومة الشرعية والحوثيين برعاية أممية، قوبلت بالرفض من جانب الرئيس اليمني عبد ربه هادي والتحالف، لأنها تتجاهل القرار الأممي 2216، الذي يقضي بفرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس السابق، والقائد السابق للحرس الجمهوري اليمني، المتهمين بـ”تقويض السلام والأمن والاستقرار” في اليمن، كما ينص على حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية لصالح والحوثي، وتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن، ووقف قتال الحوثي وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها، بما في ذلك صنعاء.
وكان المحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي- رئيس مركز إسناد لتعزيز سيادة القانون– قد أكد أن الحكومة اليمنية لا يمكنها القبول بالعاصمة العمانية كمقر للمشاورات، باعتبار أن لعمان مواقف سلبية من الشعب اليمني، إذ ينظر لها البعض أنها الرئة التي يتنفس من خلالها الحوثيين وأنصار صالح، فهي تكسر الحصار المفروض من دول التحالف باستقبالها للحوثيين، وكانت هي الضاغطة من أجل الإفراج عن العملاء الإيرانيين الذين قامت السلطات اليمنية بالقبض عليهم في وقت سابق، بعد قيامهم بأعمال تخريبية في اليمن، ومن ذلك إدخال أسلحة وأموال للحوثيين وتدريبات وغيرها.