رأى وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، أنّ ما أسماه الهروب من الشرق الأوسط، يُمكن اعتباره الشرق الأوسط الجديد، ولكن ليس الذي كان يحلم به الرئيس الإسرائيليّ السابق، شيمعون بيريس، وأضاف قائلاً إنّ الفلسطينيين في الضفة الغربية يشعرون، ربمّا، بأنّ حالهم أفضل ممّا لو كانوا قد انضمّوا إلى اللاجئين في أوروبا.
وتساءل: ماذا عن نصف مليون لاجئ في مخيّمات اللاجئين في سوريّة؟ مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ مغادرتهم تعني التخلّي عن حقّ العودة، على حدّ تعبيره. وبرأيه، لا علاقة بين الشرق الأوسط الجديد وبين الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. حتى لو تم تخيّل وضع يتم فيه تلبية كل طلبات رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس، فلا يزال شرق أوسط وحشي، حيث يُحاول ملايين البشر مغادرته، حتى من خلال المخاطرة بحياتهم، بحسب تعبيره.
وساق قائلاً: وهم لا يغادرون بيوتهم وأراضيهم فقط، وإنمّا انتماءاتهم الوطنية أيضًا. ليست هناك أهمية للأيديولوجيات في نظرهم، على ضوء الخطر الذي يتهدّد حياتهم. هناك رغبة مشتركة لدى الجميع في النجاة. يبحث بعضهم عن حياة أفضل، بعيدا عن دولهم المدمّرة. ووفقًا له، إنهم يتركون خلفهم شرق أوسط مدمّر بسبب التعصّب الديني ومن قبل الديكتاتور السوريّ، والذي لا يوفر أية وسيلة من أجل البقاء ولا يهتم بالثمن المدفوع من حياة البشر. “لم تبقَ لنا دولة”، كما قال جبريل محمود، وهو لاجئ من حلب، لمراسل صحيفة “واشنطن بوست” في هنغاريا، “الآن نحن ننتظر جوازات سفر كي نستطيع الذهاب إلى مكان ما فقط”.
وشدّدّ في سياق مقالٍ نشره في صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة على أنّ الدول المصطنعة التي أقيمت من قبل القوات العظمى بعد الحرب العالمية الأولى آخذة في الاختفاء، هذا ما يحدث لسوريّة والعراق، ومع اختفائها ستختفي أيضًا الأيديولوجيات القومية الرسمية، العراقية والسورية، التي غذّت القوى الاستعمارية بها سكانها بشكل مصطنع، ثم قام بذلك المستبدّون الذين حكموا تلك الدول – صدام حسين وحافظ الأسد وابنه بشار.
ربما ستنهار دول عربية أخرى في الشرق الأوسط من موجة الإسلام المتطرف التي تعمّ المنطقة. سيكون شرق أوسط جديد. ربما أيضًا، ستكون هناك أوروبا جديدة – بعد أن يذبح السنة والشيعة بعضهم البعض، ويذبح كلاهما الأقليات التي نجت حتى الآن في الشرق الأوسط، عندها سيجد الملايين من البشر بيتًا جديدًا لهم في أوروبا، على حدّ وصفه.
وتساءل: من لا يُحاول الهرب من منزله في العاصفة الجارية في الشرق الأوسط؟ من يفضل البقاء في مكانه وعدم المغادرة؟ الأردنيّون، الذين نجحت أجهزتهم الأمنية في وقف المتطرّفين الإسلاميين حتى الآن، وبالطبع الإسرائيليون اليهود والعرب، الذين يعيشون داخل جزيرة من السلام. والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة أيضًا. وزعم أيضًا أنّ هناك الكثير من سكان قطاع غزة الذين لا يمكنهم الخروج منها، ربما كانوا يرغبون بالانضمام إلى اللاجئين في أوروبا، ولكن الفلسطينيين في الضفة الغربية يشعرون، ربمّا، بأن حالهم أفضل ممّا لو كانوا قد انضمّوا إلى اللاجئين هناك.
وماذا عن نصف مليون لاجئ في مخيّمات اللاجئين في سوريّة؟ تساءل وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق وردّ: يُمكن الافتراض أن الكثيرين منهم شكّلوا جزءا من تيار اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا. ربما سيلحق بهم أيضًا نصف مليون لاجئ فلسطيني في مخيّمات اللاجئين في لبنان. إن مغادرتهم تعني التخلّي عن “حقّ العودة”. وماذا عن الأيديولوجية الفلسطينية ومطالبة الفلسطينيين بدولة منفصلة بالإضافة إلى الأردن؟ عن هذا السؤال أجاب قائلاً: ظهرت هذه المطالبة بشكل متأخر نسبيًا، عام 1964، بعد سنوات من ولادة الأيديولوجية القومية في العراق وسوريّة، رغم أنها الآن تحظى باعتراف دولي، كما حدث مع الأيديولوجية القومية العراقية والسورية وقتذاك، يبدو أنها لن تبقى في الشرق الأوسط الجديد.
وخلُص أرنس إلى القول إنّ مجرد التفكير بالمصير المتوقع لهذه الدولة إذا سقطت فريسة في يد متعصّبي الدولة الإسلاميّة كافٍ لثني بعض مؤيدي إقامة دولة فلسطينية. هل ستنجح هذه الدولة في البقاء في الشرق الأوسط الجديد؟ الإجابة عن هذا السؤال متعلقة بإمكانية حل الدولتَين، على حدّ تعبيره.
زهير أندراوس