قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اصطحاب رئيس هيئة الأركان العامة الفريق جادي أيزنكوت، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) اللواء هارتسي هاليفي، خلال زيارته إلى موسكو، في خطوة تشير -بحسب مراقبين- إلى أن الفترة المقبلة ربما تشهد تنسيقاً عسكرياً وإستخباراتياً وصفقة بين الجانبين بغطاء أمريكي بشأن توزيع الأدوار في سوريا.
ورأت مصادر إسرائيلية أن “السبب الرئيسي وراء انضمام أيزنكوت لنتنياهو في زيارته إلى موسكو، هو استشعار تل أبيب أن التدخل العسكري الروسي في الحرب الأهلية في سوريا من شأنه أن يغير الموازين في المنطقة، ويصب في مصلحة النظام السوري والقوى الموالية له، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، الذي ربما يضع يده على أسلحة متطورة ويمتلك المعرفة والتدريب على كيفية استخدامها مستقبلا”.
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن “مسألة انضمام رئيس هيئة الأركان العامة لنتنياهو في زيارته إلى موسكو، كانت محل خلاف، لكن القرار الأخير صب في اتجاه انضمام قائد الجيش إلى رئيس الحكومة، في ضوء خطورة الموقف في سوريا، والمخاوف الإسرائيلية من التواجد الروسي الذي قد يعيق حرية عمل مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي في سماء سوريا”.
وكان مسؤولون إسرائيليون أكدوا في وقت سابق أن “ثمة تنسيق بين موسكو وتل أبيب بشأن عدد من الملفات، دون إبلاغ إسرائيل بطبيعة الأنشطة الروسية في سوريا”.
وهذا يعني بحسب مراقبين أن “زيارة نتنياهو إلى موسكو، الإثنين 21 أيلول/ سبتمبر الجاري، ستشهد طرح آليات التنسيق العسكري والإستخباراتي بين البلدين، خاصة مع التقارير التي تتحدث عن تحجيم القوات الروسية للدور الإيراني في سوريا نسبياً، أي أن الحديث ربما يجري عن صفقة روسية إسرائيلية بغطاء أمريكي بشأن توزيع الأدوار في سوريا”.
ومنذ الكشف عن التدخل العسكري الروسي في سوريا، واعتزام موسكو إقامة قواعد عسكرية في البلاد، وإرسال قوات كبيرة للقتال إلى جانب النظام والقوى الموالية له، بدا أن تل أبيب بصدد فقدان الميزات التي امتلكتها منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا.
وتمثلت الإشكالية الأولى بالنسبة لإسرائيل، في أن ثمة احتمالات شبه مؤكدة بزيادة فرص التنسيق بين القوات الروسية والقوى الموالية للنظام السوري، وعلى رأسها حزب الله والقوات الشيعية التي تعمل تحت قيادة فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، فضلا عن العراقيل العديدة التي يضعها التواجد الروسي أمام إمكانية شن سلاح الجو الإسرائيلي غارات مماثلة لتلك التي نفذها خلال الشهور الأخيرة، بشكل متفرق، مستهدفا شخصيات تابعة للحرس الثوري وحزب الله، أو شحنات أسلحة في طريقها إلى الأخير في لبنان، كما يزعم الاحتلال.
وأبدى مراقبون إسرائيليون خشيتهم من نصب نظم دفاعية روسية في سوريا، ما يعني “تحجيم دور سلاح الجو الإسرائيلي تماما، ومنعه من تنفيذ غارات مثل تلك التي شنها منذ مطلع العام، وبالتالي منح حزب الله والحرس الثوري الإيراني غطاء، وتعزيز وضعهما في الساحة السورية وخارجها، حيث ستفكر إسرائيل كثيرا قبل إقدامها على خطوة من شأنها أن تشعل مواجهة مباشرة مع القوات الروسية”.
ويشكل نشر مقاتلات روسية في سوريا وإقامة قاعدة عسكرية كبرى هناك، مصدر إزعاج للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وسط رد فعل أمريكي أثار مخاوف إسرائيل من حرية عمل القوات الروسية دون معارضة من قبل واشنطن.
ويقوض التواجد الروسي الأنشطة الإستخباراتية الإسرائيلية على الأراضي السورية، وتخشى إسرائيل أن يتم تفسير تلك الأنشطة بأنها أعمال معادية للجانب الروسي.
وتقول تقارير إن نتنياهو “سيطالب خلال زيارته المرتقبة إلى موسكو بالحفاظ على حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، بشأن مهاجمة أهداف إيرانية وأهداف تابعة لحزب الله”، مؤكدة أن “طرح مسألة حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي فوق الأراضي السورية، في ظل التواجد العسكري الروسي المتزايد هناك، هو الملف الرئيسي لتلك الزيارة”.
ومنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، تجنبت إسرائيل التورط العلني في تلك الحرب، ما منحها حرية العمل لتحقيق أهدافها الإستراتيجية من وراء تلك الحرب، والتي تشمل عدم ترجيح كفة أي من أطراف النزاع على الطرف الآخر، ومن ثم استهداف العناصر التابعة لحزب الله وإيران حال حاولت فتح جبهة على حدودها مع سوريا في الجولان المحتل، فضلا عن الجماعات المتطرفة التي تحاول شن هجمات من داخل الأراضي السورية.
واستعانت إسرائيل بمقاتلات سلاح الجو في العديد من الحالات، وبدأت شن غارات علنية للمرة الأولى منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، ولم تتوقف عن ذلك في الشهور التالية.
ويشير محللون إلى أن “القوى التي استهدفتها إسرائيل فشلت في توجيه رد مناسب طالما هددت بالقيام به، خاصة بعد سقوط قيادات كبرى في حزب الله أو الحرس الثوري دون أن يأتي الرد الانتقامي المتوقع، ما منح إسرائيل شعورا بأنها تتحكم في الساحة السورية بالشكل الذي تراه”