المملكة العربية السعودية وإيران، ليستا بالطبع دولتين صديقتين، قد قررتا أن تشهرا سيوفهما مرة أخرى وهذه المرة بسبب فيلم سينمائي. فيلم «محمد رسول الله» ﷺ الذي يعرض في دور السينما في طهران والذي وصفه مفتي السعودية «عبد العزيز آل شيخ» بأنه عمل عدائي، بينما ردت طهران بالتأكيد أنه ليس كذلك على الإطلاق.
ويقع المخرج الإيراني «مجيد مجيدي» في قلب هذا الجدل، وأعلن «مجيدي» عن مشروعه الذي يتكلف 30 مليون دولار في عام 2011 واكتمل المشروع الطموح بعد أربع سنوات. تقاسم جزء من الأضواء المثيرة للجدل مع «مجيدي» الملحن الهندي «رخا رحمن» الذي ألف الموسيقى الخاصة بهذا الفيلم. يصور الفيلم طفولة «النبي محمد» – ﷺ – ولا يتم تصوير وجه الطفل خلال الفيلم التزاما بالتقاليد الإسلامية كما يقول صانعو الفيلم.
«مجيد مجيدي»، المخرج الإيراني، أعلن عن شركة برأس مال 30 مليون دولار لإنتاج الفيلم في عام 2011، والآن بعد 4 سنوات وحين تم إظهار الفيلم أخيرا في إيران يجد «مجيدي» نفسه في المركز من جدل قسري تقوده المملكة العربية السعودية ومجموعة غير معروفة في الهند. ومعه بالطبع «رخا رحمن» مؤلف الموسيقى الخاصة بالفيلم.
«هذا الفيلم هو استهزاء بالنبي وانتقاص من شرف وهيبة النبوة» كما قال مفتي السعودية في وقت سابق من هذا الشهر . السفارة الإيرانية في الهند قامت بالرد على ذي أثارته منظمة غير معروفة تعرف باسم «أكاديمية رضا» تتبنى نفس الموقف السعودي. وقالت السفارة أن «فيلم مجيد مجيدي هو عمل فني وأن أي تعبير عن الرأي حيال لموضوع ينبغي أن يكون بعد رؤية الفيلم. إطلاق المناقشات الساخنة قبل رؤية الفيلم قد يكون أمرا خاطئا وغير منطقي وغير صحيح».
وقالت السفارة بوضوح: «لم يتم إهانة أو انتهاك أيا من القيم الإسلامية في الفيلم. ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، منذ البداية، كان دائما حامل اللواء في الدفاع عن الإسلام».
أكاديمية «رضا» ومقرها في مومباي بالهند قامت بالحصول على فتوى من المفتي المحلي وتعميمها ضد الفيلم. وقال الأمين العام للأكاديمية «سيد نوري» لصحيفة «ذا سيتيزين» أنها حصلت على فتوى من أبرز رجال الدين وأنهم في طريقهم لمقابلة وزير شؤون الأقليات «نجمة هبة الله» للضغط عليها من أجل فرض حظر على عرض الفيلم.
تدعى الأكاديمية أنها صوفية لكنها في المقابل لا تفعل شيئا لخدمة الصوفية. في المقابل فإنها منظمة من بريلويين مسلمين (فرقة صوفية على مذهب الإمام أبو حنيفة نشأت في شبه القارة الهندية في مدينة بريلي بالهند) تنفق معظم مواردها في نشر النص الديني. يزعم «نوري» أنه يتحدث باسم المسلمين، وهو ما يرفضه العديد من الباحثين الإسلاميين، ويطلب من المسلمين هناك الاحتجاج ضد الفيلم والمخرج والمؤلف الموسيقي وآخرين مرتبطين بالفيلم يرى أنه ينبغي إعلانهم ككفار. واعترف «نوري» أنه لم ير الفيلم لا هو ولا المفتي الذي أعطاه الفتوى.
كان مولانا «وحيد الدين خان» قد انتقد بشكل خاص أكاديمية رضا ونقل عنه في وسائل الإعلام قوله: «يمكنك أن تخوض جدالا مع أناس مستنيرين ولكن ليس مع أولئك الذين لا يؤمنون العقل والحجة. من السهل جدا أن نكون جميعا حكميين ونقوم برفض أي شيء لا يناسب أهواءنا» وأضاف أن الدعوة لفهم الإسلام هي واجب كل مسلم ويمكن للفيلم أن يلعب دورا حاسما في الدعوة.
وكان آخر ظهور لأكاديمية رضا في المشهد العام في 11 أغسطس/ آب 2012، عندما نظمت مظاهرة ضد العنف في ولاية أسام وضد الاعتداءات على المسلمين في ميانمار في ميدان أزاد في بومباي. لقي شخصان مصرعهما وأصيب 54. أعطى «نوري» الانطباع لوسائل الإعلام أن الأكاديمية قد أصدرت فتوى، ولكن عندما تم سؤاله عن الأمر من قبل «ذا سيتيزن» فقد أجاب أن الأمر كان مجرد طرح سؤال على المفتي المعني الذي أصدر حكمه ضد الفيلم.
ويعرف «مجيدي» في أوساط السينما الهندية باعتباره أحد صناع الأفلام الأكثر رصانة. لقد قدم العديد من الأفلام بما في ذلك فيلمه المشهور «أغنية العصافير». وقد سبق له أن انسحب من مهرجان الفيلم الدانماركي احتجاجا على نشر رسوم مسيئة للنبي محمد. وقد كتب «مجيدي» في ذلك التوقيت «أنا أؤمن بالله، وأعيش بمعتقداتي في كل لحظة من حياتي. أنا أحتج ضد إهانة أي معتقد أو رمز ديني ونتيجة لذلك أود أن أعلن انسحابي من المهرجان».
وأعلن مجلس قانون الأحوال الشخصية الشيعي دعمه للفيلم. وينعكس التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران في بعض الهيئات المحلية التي تمثل المواقف الأكثر تشددا للطائفتين. ومع ذلك، فقد حافظ رجال الدين الأكثر تأثيرا واطلاعا من الطائفين على موقفهما خارج دائرة الجدل الدائر إلى الآن.
المصدر | ذا ستيزين الهندية
ترجمة وتحرير فتحي التريكي – الخليج الجديد