في الوقت الذي تصدرت فيه دولة الإمارات قائمة الدول الأكثر جذباً للكفاءات المهنية في العالم للعام الثاني على التوالي، بفارق إيجابي بنسبة 1.89% لمجمل القوى العاملة في الدولة، يعيش إماراتيون فصلا آخر من عوامل الطرد والتهميش والحرمان والعقاب على خلفية التعبير عن الرأي كما حدث مع طبيب إماراتي وآخرين مئات يعتقلون في السجون من خبراء ومفكرين وأكاديميين وعلماء في القضية المعروفة إعلاميا ال”94″.
الناشط الخليجي أنور الرشيد يروي قصة طبيب إماراتي يدفع ثمن تأييده لثورات الربيع العربي بالتعبير عن الرأي أي بالقول فقط ما أفقده جنسيته وتعليمه ومصدر رزقه ليعيش حياة الكفاف وفق وصف الرشيد كما جاء في موقع “الإمارات ٧١”.
يقول، “الرشيد”، سأنقل “قصة دكتور إماراتي لاجئ بفرنسا”، وهو “شاب نشيط وشعلة من الذكاء، أنهى دراسة الطب بتفوق وأنخرط أثناء دراسته بالأنشطة الثقافية بالكلية وتبوأ عدة مناصب ومارس مهنته بكل صدق وأمانة وحصل على بعثة لاستكمال دراساته العليا في باريس”.
وتابع الرشيد، “ومع بداية دراسته انطلق الربيع العربي وكمثل أي عربي تعاطف مع الثورة التونسية، وفي حديث للطبيب مع “زوار الفجر” ( إشارة إلى جهاز أمن الدولة) بأحد مقاهي باريس أظهر الطبيب عن تأييده للتونسيين”.
ويستطرد الرشيد، “بعد فترة وجيزة تم استدعائه للإمارات، وتم اعتقاله في المطار واحتجز عدة أشهر، ونظراً لأن ليس لديه أي انتماءات سياسية ولا له علاقة لا بالإخوان ولا بغيرهم تم الإفراج عنه وعاد لاستكمال دراسته”، على حد تعبير الناشط الخليجي.
و بعد فترة، يقول الرشيد، “تم الاتصال به ليبلغوه بأن بعثته تم وقفها وجنسيته تم سحبها وجوازه تم إلغاءه رغم أن هذا الشباب من أسرة مرموقة ومعروفه ولها تاريخ مع العائلة الحاكمة في أبوظبي وخاله وأحد اقربائه سفراء بدول أوربية”.
الطبيب الإماراتي، اتصل بخاله ليستكشف الأمر، فرد عليه بكل “وقاحة وصفاقة” – حسب وصف الرشيد- بأن لا تتصل بي مرة أخرى. وحاول الطبيب التواصل مع أشقائه ولكن تم ترهيبهم وقطعوا كل أنواع التواصل معه.
ويكمل الرشيد فصول مأساة الطبيب الإماراتي قائلا، “تواصل الطبيب معي عبر أصدقاء فرنسين للبحث في الحالة وتم البحث بها والتحقق منها وساعدناه بأن يتقدم بطلب لجوء سياسي”.
ويستدرك الرشيد، “الحصول على اللجوء يأخذ وقت طويلا ولكي يعيش ويتدبر أمره بعد قطع البعثة يعمل حالياً كمدرس غير رسمي، لذلك أضطر لكي يعيش لتعليم الإسعافات الأولية ليكسب رزقه ويعيش على الكفاف”.
لقد بلغ من قسوة العقاب التي فرضها جهاز الأمن على الطبيب الإماراتي مقابل جملة تأييد لحرية وكرامة الشعوب أن وضع هذا الطبيب الإماراتي موضع “طلب الإحسان” من جمعيات خيرية ولجان الزكاة في الخليج وغيرها. إن معايشة الطبيب الإماراتي لهذه الظروف مس بكرامة الشعب الإماراتي كله وإهانة لصيقة بسمعة الدولة التي عم عطاؤها كل الدنيا وتفاخر بأن عطاءها لا يعرف معايير اللغة ولا اللون ولا السياسة وإنما تتصرف وفق معايير إنسانية بحت.
ناشطون اعتبروا أن ادعاء مؤسسات في الدولة صحيح ولكنه ينطبق على غير الإماراتيين أو العرب والمسلمين. فقد تمنح أي حكومة محلية الهندوس أرضا لإقامة معبدا للشرك بالله، ولكنها تحرم إماراتيا من أهله وتجعله شريدا طريدا في أوروبا بينما تستضيف كل شذاذ الآفاق بداء بمحمد دحلان وأحمد شفيق ومحمود شمام ومحمود جبريل وضباط أمن مصريين وتونسيين مطلوبين في جرائم تعذيب وضد الإنسانية في الغرب وبعض بلادهم.
“الرشيد” الذي روى هذه الحادثة ناشد نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد على الالتفات لمشكلة الطبيب الإماراتي وإعادة الاعتبار له كون نائب رئيس الدولة أشاد أيضا في تغريدات على إحراز الدولة مرتبة متقدمة باستقطاب الكفاءات عالميا، وحتى لا تظل كفاءاتنا الوطنية إما سجينة أو طريدة تنتظر الإحسان أو شهيدة في اليمن.