ما زالت الصراعات مشتعلة داخل حركة التحرير الفلسطيني “فتح”، خاصة بين أنصار الرئيس محمود عباس وبين أنصار الهارب إلى حضن الاماراتيين القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان.
وتتكشف تلك الصراعات، بشكل واضح في قطاع غزة، لأن دحلان يملك فيها رصيد جماهيري كبير من حركة “فتح”، تتعدى شعبية الرئيس عباس.
وتجلت الخلافات بين الجانبين في الانتخابات الداخلية التي تجريها “فتح”، في قطاع غزة، هذه الأيام لاختيار أعضاء قيادات الأقاليم.
حيث أصيب بداية الأسبوع الماضي، 4 فلسطينيين، جراء اشتباك وقع بالأيدي بين مؤيدي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وآخرين مناصرين للقيادي المفصول محمد دحلان، خلال انعقاد انتخابات مؤتمر “إقليم” مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وتطلب الاشتباك بين الجانبين تدخل قوات الشرطة التابعة لحركة “حماس” للتفريق بينهم واعتقال عدد من أنصار الجانبين، وهو تكرر في إحدى جامعات القطاع مرة أخرى.
ويدور تنافس قوي وحاد في المؤتمرات الإقليمية في قطاع غزة، بين أنصار الرئيس عباس الذين يطلقون على أنفسهم “تيار الشرعية”، وأنصار دحلان، ويُطلق عليهم “تيار التوجّه”.
وأسفرت الانتخابات عن فوز 15 عضوًا يشكلون قيادة إقليم مدينة خانيونس، ويقول يحي رباح لوكالة “الأناضول” التركية: “رغم كل محاولات التخريب والإساءة، من قبل دحلان، نجحت حركة فتح في إجراء الانتخابات وبشكل ديمقراطي”.
وأضاف “رباح”: “دحلان الذي لم يعد عضوًا في حركة فتح، وأصبح خارج قرارات الحركة، يريد أن يفرض كلمته من خلال التشويش، ونشر الفوضى في مؤتمرات الأقاليم، لكن نحن ماضون، في انتخابات الحركة الداخلية والتنظيمية، ودعم الشرعية الفتحاوية الممثلة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس”.
ويقول قيادي في حركة فتح، مقرب من دحلان، مفضلاً عدم ذكر اسمه لوكالة الأناضول، إن الرئيس عباس لا يتمتع بشرعية داخل الحركة في قطاع غزة، مضيفًا أنّ الرئيس عباس هدد العشرات من قيادات الحركة بقطع رواتبهم، في حال أعلنوا ولاءهم لدحلان.
وتابع: “سبق وأن قطع رواتب عشرات الموظفين العسكريين، لاتهامهم بالموالاة والعمل لصالح دحلان، وقام بعدها بإعادة الرواتب وهو ما دفع كثيرين للخوف من هذه الخطوات”.
وبحسب القيادي، فإن الرئيس عباس يسعى إلى عرقلة ومنع فوز ووصول قيادات مقربة من دحلان إلى قيادة الأقاليم، وتمثيلها في المؤتمر العام للحركة.
ويقيم القيادي المفصول من “فتح” محمد دحلان في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويقول مقربون منه إنه يتمتع بدعم مصر ودول الخليج، وكان لافتًا تقديمه مؤخرًا لمبالغ مالية كبيرة لمساعدة سكان قطاع غزة، خاصة ضحايا الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
كما تقوم زوجته جليلة دحلان التي تترأس إحدى الجمعيات التي تعمل على تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين، بإطلاق مشاريع إغاثية لسكان قطاع غزة المحاصرين إسرائيليًا منذ عام 2007.
وفي تفاصيل جديدة كشف أحد قياديي حركة “فتح” في “إقليم وسط خانيونس”، جنوبي قطاع غزة، عبر صحيفة “الأخبار” حقيقة ما جرى في الانتخابات التنظيمية منذ الإعداد لانعقاد المؤتمر الداخلي الذي سيُفرز قيادات الحركة في المنطقة، موضحاً أنه بعد إعداد “الهيكلية التنظيمية للإقليم في المناطق، تم اختيار أعضاء الإقليم، والتجهيز للمؤتمر المُنتظر منذ يوم 26 آب الماضي”.
وأشار إلى “تقارير كيدية” تحدثت عن التشكيك في نزاهة اختيار الأعضاء وصلت إلى رئيس السلطة محمود عباس، وكانت تُطالبه بضرورة إلغاء المؤتمر “فوراً”، وإلّا فإن “قائمة دحلان” ستحقق الفوز. وفعلاً، في مساء الخامس والعشرين من آب، أصدر عباس قراراً عاجلاً بتأجيل المؤتمر إلى إشعار آخر، بعد إلحاح معارضين لدحلان على ضرورة وقف المؤتمر.
لذلك، وبعد اتصال جهاز “المخابرات العامة” بقيادي من “قائمة دحلان”، وهو أحد المرشحين في انتخابات “وسط خانيونس”، انسحب القيادي من الانتخابات، وهو ما تلاه تعليمات مباشرة من دحلان لهذا القيادي بضرورة الانسحاب “وتفويت الفرصة على محاولات إحباط المؤتمر”، وكذلك إصدار البقية بيان تأييد لعباس.
وتشهد انتخابات “فتح” تنافساً واضحاً بين قوائم عباس وشعت ودحلان، ولم يكن فوز الأخير في “إقليم وسط خانيونس” حاسماً للانتخابات (خانيونس هي مسقط رأس دحلان وتُمثل القاعدة الشعبية الأولى له في غزة)، لأنها واحدة من مناطق كثيرة في القطاع، ولا يزال الحديث مبكراً عن النسب العامة لانتخابات المناطق الكبرى، وهذا الأمر يحتاج إلى شهر تقريباً.
وبعد إجراء الانتخابات في تلك المنطقة، واكتساح “قائمة دحلان”، مقابل خسارة مرشحي القيادي نبيل شعت، كان ذلك سيتسبب في “غضب عباس”، ما قد يدفعه إلى إلغاء النتائج، وهو ما جعل دحلان يطلب فوراً من الفائزين في الانتخابات (عددهم 15) إصدار بيان مبايعة للرئيس، وتأكيد الالتزام بنظام التنظيم ولوائحه.