“خاص- وطن”- نشر البنك الدولي على موقعه عبر الانترنت تقريرا يحذر فيه من تدهور الواقع التعليمي في الاردن وأكد أن نتائج امتحان الثانوية العامة “التوجيهي” للعام 2015 أظهرت أن 338 مدرسة في كافة أنحاء المملكة لم ينجح منها أحد، أي بزياده قدرها (13) مدرسة مقارنة بعام 2014، مما شكل صدمة للمتابعين لملف التعليم بالأردن. السبب الرئيسي للصدمة لم يكن العدد بقدر ما أن هذه النتائج كشفت وجود مشكلة حقيقية في النظام التعليمي.
وأكد البنك الدولي في تقرير أنه المدارس التي لم ينجح بها أحد شكلت 27% من كافة مدارس الثانوية العامة وهي نسبة مرتفعة جداً.
ونوه البنك إلى أن هذه المدارس تركزت في المناطق والمحافظات ذات الطابع الريفي أو في المناطق الفقيرة، مما يدل على أن جذر المشكلة هو تنموي وليس تربوياً فقط.
وبين البنك أن أغلب تلك المناطق يعاني من نسب فقر وبطالة مرتفعة علاوة على عدم المساواة بين تلك المحافظات والمحافظات الرئيسية كالعاصمة مثلاً، وهي مشكلة لطالما نبه لها الملك عبدالله الذي حظي هذا الملف باهتمام غير مسبوق من قبله، فيما لم تؤشر النتائج لأية تقدم ملموس حتى اللحظة
وعرج البنك على قضية ملاصقة لقضية الرسوب أذ أكد أن ما يزيد عن 40% من طلبة المدارس يدرسون الآن في القطاع الخاص الذي كان محدوداً جداً في بداية التسعينات. وقد بدأ التوسع بالمدارس الخاصة بسبب المشكلات التي يعاني منها التعليم العام وخاصة الاكتظاظ، بالإضافة إلى أن تدريس اللغة الانجليزية في التعليم العام ومنذ سنوات طويلة، يبدأ متأخراً الأمر الذي دفع الطبقة الوسطى لإرسال أبنائها إلى المدارس الخاصة لتأمين تعليم عصري وجيد لأبنائهم.
وبين أن الأردن يوجد به عدد كبير من المدارس الدولية وذات المستوى المتقدم وتدريجياً أصبحت في الغالب المدارس الخاصة مقصداً لطبقة الوسطى وأصبحت المدارس الحكومية للفئات الدنيا والفقيرة والفقراء من غير الأردنيين مما أضعف الاهتمام الرسمي بالتعليم العام.
ولفت البنك الى قضية المناهج المدرسية والتي اصبح التركيز عليها عالياً جداً بعد بروز داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى واستنادها على الدين في تفسير أفعالها. وقد أدى ذلك الى تسليط الضوء على المناهج وخاصة حجم وطبيعة وحضور وتفسير الدين في المناهج ليس فقط في كتب الدين وحدها وإنما باللغة العربية والتاريخ والتربية الوطنية مما أدى بالبعض لاتهام هذه المناهج بأنها تؤدي الى التطرف هذه المؤشرات والقضايا أدت لتسليط الضوء على الحاجة لإصلاح التعليم العام بالأردن بشكل شامل.
وأكد البنك أن الاهتمام بإصلاح التعليم العام يحظى باهتمام أعلى المستويات بالدولة محذرا من أن ثمة قوى في المجتمع وفي وزارة التربية خاصة تقاوم التغيير ولا سيما بالمناهج المدرسية. و قد قامت وزارة التربية بعقد مؤتمر تربوي لمناقشة أبعاد ومجالات الإصلاح الضرورية ولكن ليس من المرجح لهذه المحاولات أن تنجح لغياب رؤية متكاملة لمحتوى وكيفية الإصلاح وما يتم حالياً لا يغدو كونه استجابة لمظاهر الأزمة وليس لجوهرها.
وختم البنك الدولي تقريره الذي نشره على موقع باللغة العربية بقوله ” إن اصلاح التعليم بالأردن أصبح حاجة تنموية وإنسانية ملحة ويجب أن تقوم الدولة رؤية تعكس أهداف وقيم الدولة والمجتمع وتطلعاتهم المستقبلية ونضع الاستثمار المالي الضروري والذي يجب أن لا يقتصر على المناهج وإنما على المعلمين وكافة عناصر العملية التعليمية. لقد حان الوقت لاستعادة التعليم العام.