(خاص- وطن) – برر عدد من الكتاب والصحفيين وقادة الرأي امتناع الحكومات الخليجية استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين النازحين من ويلات الحرب في بلادهم.
وقال مراقبون أن الاسبات تنوعت بين ” المضحكة والمهينة والسخيفة”
ورغم مسارعتهم لاستقبال اللاجئين الكويتيين أبان الاجتياح العراقي للكويت، تمتنع دول الخليج عن استقبال اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلادهم، الأمر الذي بدأ بإثارة ردود أفعال متنوعة في هذه الدول.
وبعد خمسة وعشرين عاماً من استقبالها لآلاف اللاجئين الكويتيين الفارين من الاجتياح العراقي لبلادهم عام 1990، لم يجد السوريون الذين شردتهم الحرب الأهلية مأوى يذكر لهم في أغنى دول العالم العربي
وتحدث قبل أيام عدة الأكاديمي السعودي “خالد باطرفي” عبر برنامج ” العالم هذا المساء” قائلاً بأن دول الخليج ذات كثافة سكانية محدودة وإستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين سيؤثر على التركيبة السكانية لتلك البلاد!
وردت عليه الصحفية دانا زيدات بتساؤلات قالت فيها ” أليس من المعيب أن تُستخدم حجة كهذه لإغلاق أبواب اللجوء بوجه شعب عربي شقيق ذو تاريخ وثقافة مشتركة ؟ فقد قامت الدنيا على بعض الدول الأوروبية حين أبدت مخاوفها من إستمرار تدفق اللاجئين، وتأثير هذا التدفق على دول ذات أغلبية مسيحية. أليس اولئك اللاجئين العرب أقرب للدول الخليجية بالعادات والتقاليد والدين والثقافة ناهيك عن الجغرافيا؟ وأليس هناك ملايين الوافدين من الهند وباكستان وبنغلادش والفليبين في تلك الدول النفطية؟ ألا تعد هذه فرصة ذهبية لبعض دول الخليج لتزيد عدد سكانها خاصة وأن العرب فيها يشكلون نسبة لا تتجاوز 20% كي لا تصبح ولاية هندية عما قريب ؟
بدوه قال المعلق سلطان سعود القاسمي في دولة الإمارات إنه يظن أن دول الخليج تخشى السماح بدخول أعداد كبيرة من العرب ممن تعودوا على الجهر بآرائهم السياسية، لأنهم قد يؤثرون بشكل ما على مجتمع جرى فيه العرف ألا يشارك أفراده في السياسة. لكنه قال إن على دول الخليج أن تفتح أبوابها أمام اللاجئين.
وقال القاسمي إن دول الخليج كثيرا ما تشكو من ضعف استخدام اللغة العربية، وتعرض الثقافة العربية للخطر بسبب ضخامة عدد الوافدين الأجانب. وأضاف أن الأزمة الحالية تتيح فرصة لاستضافة مجموعة من الناس، بما يخفف من حدة هذه المخاوف ويسهم في مساعدة اللاجئين الفارين من حرب طاحنة.
وأثار محلل كويتي يظهر بانتظام في القنوات الإخبارية العربية عاصفة من الغضب بقوله في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي إن من الأفضل للاجئين التوجه إلى الدول الأفقر، دون أن يعترف بالتعهدات التي قطعتها دول أوروبية غنية مثل ألمانيا لقبول الآلاف.
وقال دانييل جورفان مدير قسم سوريا بمنظمة أوكسفام الخيرية “من الواضح أن على دول الخليج أن تبذل المزيد بفارق كبير.” مطالباً إياها بإتاحة “المزيد من فرص العمل وخطط لم شمل الأسر والسبل القانونية الأخرى في الأساس للسماح لهم بدخول دول الخليج والتمكن من كسب لقمة العيش.”
أما مدير المنتدى الخليجي للأمن والسلام ” فهد الشليمي” فقال عبر قناة ” فرانس 24″ إن الحياة المعيشية في دول الخليج مكلفة، بينما المستوى المعيشي في الدول المستقبلة للاجئين أقل تكلفة، وبأنه من غير الممكن أن تستقبل دول الخليج لاجئين من بيئة أخرى يعانون من ظروف نفسية صعبة وصدمات بسبب الصراع الدائر في أراضيهم.
وقال أستاذ العلوم السياسية عبد الخالق عبد الله في الإمارات إن “أعداد الأجانب كاسحة. هنا لدينا 90 في المائة فهل تريد أن تحول السكان المحليين إلى أقليات في بلادهم؟ هم بالفعل كذلك…”
أما جمال خاشقجي فكتب مقالا اليوم قال فيه ” لماذا لا تستقبل المملكة ودول الخليج اللاجئين السوريين عوضاً من أن يموتوا في البحر؟ يسأل بَعضُنَا بسذاجة! بينما آخر يلقي السؤال بخبث، ليغير الموضع ويلقي بدائرة الاتهام بعيداً عن النظام الذي دفع شعبه إلى اختيار الموت في البحر ولا يعيش في وطن لم يعد يراه وطناً”
وأقر خاشقجي بقدرة المملكة السعودية على استقبال المزيد من اللاجئين وأوضح في معرض مقاله ذلك ” تستطيع المملكة أن تستقبل مزيداً منهم، كما تطالب بعض الدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية بسذاجة أو خبث، ولكنهم لا يريدون أن يأتوها لاجئين” وتسائل ” ما من فائدة في أن تقيم المملكة أو دول الخليج الأخرى مزيداً من المخيمات، لأن السوري ضاق بحياة المخيمات ويريد أن يعيش، ما لم نعد له وطنه فسيظل رحالاً يبحث عن وطن يؤمنه ويبني فيه مستقبلاً، والمملكة ودول الخليج لا تستطيع أن توفر له هذا الخيار”
ويرى خبراء أن الحقيقة أن الدول الخليجية هو سبب اقتصادي وهو ما كتبه خاشقجي فعلا اذ أكد أن ” السبب اقتصادي صرف، حالنا كحال دول أوروبية لا تريد مهاجرين أجانب، كهنغاريا واليونان، لأن اقتصادها لا يستطيع أن يستوعبهم، ولسنا قوة اقتصادية هائلة كألمانيا تستطيع – بل تحتاج – أن تستوعب مزيداً من المهاجرين ولكنها تتمنع، لأنها تريد أن تنتقيهم لا أن تستقبلهم كسيل جارف”
وعلى مر السنين أصبحت السعودية تستضيف أكثر من نصف مليون سوري والإمارات أكثر من 150 ألف سوري وساهم وجودهم وغيرهم من المهنيين الوافدين في تعزيز اقتصاد دول الخليج. غير أنه منذ تفجر الاضطرابات والحروب بعد انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 تبنت هذه الحكومات نهجا أكثر تشددا بشأن قبول الفلسطينيين والسوريين والمسلمين الشيعة في علامة على مدى قلق هذه الدول من استيراد العدوى السياسية.
تعليق واحد
اللهم دمر من كان السبب في دمار سوريا والعراق واليمن وكل البلدان التي كانت مستقرة