في ثاني هجوم لها خلال فترة قصيرة فقط شنت صحيفة الأهرام المصرية لسان حال الدولة والنظام الذي يقوده عبد الفتاح السيسي هجوما على السعودية متهمة إياها بالعمل على هدم الدولة السورية بإصرارها على رحيل الأسد السوري.
وقال محمد عبدالهادي علام رئيس تحرير صحيفة “الأهرام” في مقاله الافتتاحي للصحيفة الجمعة إنه كان يمكن القول إن تأكيد قمة واشنطن بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الأسبوع الماضي، الحل السياسي للأزمة السورية، هو “تحول في اتجاه التصدي الشامل لإرهاب تنظيم الدولة وجبهة النصرة، لولا اشتراط تنحي بشار الأسد”. ووصفت علام هذا الشرط بأنه “يتغافل عن أن الأسد يتمتع بشعبية وسط قطاع لا يستهان به من الشعب السوري”، على حد زعمه.
وأضافت أنه “من واقع وثيقة جنيف-1 لا يمكن للشروط أن تحل الموقف الراهن، ولكن يمكن أن يكون تأثيرها عكسيا، فهي تذكرنا بالشروط الإسرائيلية لحل القضية الفلسطينية، ومحاولة خبيثة لإجهاض اتفاق جنيف، على الرغم من أن بنوده كفيلة بإلزام المجتمع الدولي بالسعي الجاد لوضع حد للمأساة الإنسانية الدائرة بلا رحمة اليوم”.
وقال رئيس تحرير “الأهرام” في مقاله الذي جاء تحت عنوان: “محاربة الفساد – الأزهر – سوريا.. 3 معارك للدولة في الداخل والخارج”، يبدو أن مسألة الإصرار على تنحية الأسد في ظل الظرف الراهن في دمشق والمدن الكبرى، “تصب في صالح هدم مؤسسات الدولة السورية، وهو ما يعني أن ما لم يتحقق بالإرهاب (القوة العسكرية لجماعات دموية)، يمكن أن يتحقق عن طريق بوابة السياسة”.
وأضاف “إن حجم المأساة واتساعها، لا يبرران بأي حال من الأحوال الرغبة في التخلص من نظام أو رئيس، فلا يمكن تصديق تلك الأطراف المتورطة في تشريد شعب أو تدمير أمة، بزعم إنقاذه من حكامه.. أي جنون هذا؟!”.
وتابع:”لم تكن مشاهد مآسي الشعب السوري على شواطئ تركيا وأوروبا، التي احتلت مساحات واسعة من تغطية الإعلام العربي والدولي في الأسبوعين الأخيرين، سوى محصلة لتواطؤ ما يسمى بـ المجتمع الدولي في التصدى لعصابات القتل التي تريد هدم الدولة، وتفريغ الأرض من أبنائها تحقيقا لأهداف وخطط مريبة، تحت دعوى التخلص من النظام الحالي في دمشق”.
وأشاد رئيس تحرير الأهرم بـ”المواقف المبدئية للدولة المصرية التي عبر عنها عبد الفتاح السيسي، وتأكيده في جولته الخارجية الأخيرة، وفي لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أسبوعين، ثم مع وفد مجلس الشيوخ الإيطالي أمس الأول، بأهمية الحل السياسي الذى لا بديل له، وأن هذا الحل السياسي ليس دعما لأي طرف على حساب الآخر، وإنما حفاظا على كيان ومؤسسات الدولة السورية، والحيلولة دون انهيارها”، على حد قوله.
وأكد علَّام أن “كل هذا له أهمية خاصة في مواجهة مواقف غير مفهومة من أطراف عدة عربيا ودوليا تصر على وضع “العصا في العجلة”، باشتراطها تنحي بشار الأسد أولا، وعدم تضمينه في الحل السياسي، بينما تلك الأطراف تعلم أن “جنيف” لم تتضمن ذلك، وأن الخطر الأكبر هو التنظيمات المتطرفة التي تعيث فسادا في سائر مناطق سوريا والعراق، ولا تجد رادعا حاسما سواء من العواصم العربية أو من القوى الدولية التي تعلن عن مواقف متشددة، وتتقاعس عن تقديم مشروع حقيقي يوقف الكارثة.
واستطرد:”تعلم القوى العربية والدولية أن النظام الحاكم في دمشق لابد أن يكون جزءا من مواجهة الظلاميين الذين تفوق جرائمهم كل ما جاء في كتب التاريخ من فظائع البرابرة والتتار والمغول”، وفق قوله .
وتابع رئيس تحرير الأهرام: “نريد في هذه الظروف العصيبة أن نتيقن من جدوى تلك الدعوات للحل السياسي، خاصة أن اتفاق جنيف-1 بين أيادينا، ويقدم رؤية للحل، وخريطة طريق مقبولة، وتم التوصل إليها برعاية دولية.
واستطرد:”من باب التذكرة، تضمن بيان جنيف-1 خطوات رئيسية تحدد معالم أي عملية انتقالية، وأولها إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وثانيها أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلد، وثالثها إعادة النظر في النظام الدستوري، والمنظومة القانونية، ورابعها: الإعداد لانتخابات حرة، ونزيهة، وتعددية، وخامسها تمثيل المرأة تمثيلا كاملا في جميع جوانب العملية الانتقالية”.
وكان رئيس تحرير الأهرام هاجم في 24 يوليو الماضي، السياسة السعودية، في مقاله،مشيرا إلى اللقاء الأخير للعاهل السعودي مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، قائلا إن فيها تقوية لشوكة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي، وترويج لسياسة التحالف معها. ووصف علاّم التصرفات السعودية الموحية بتقارب مع الإخوان بأنها “من قبيل الجهل، وقصر النظر، والاستعباط السياسي”.
واعتبر التقرب السعودي من الإخوان خطرا على الأمن القومي لدول المنطقة، مؤكدا أن هذه السياسة تعرض النظام في أي دولة تتقرب من الإخوان إلى الخطر.
وجاء هذا الهجوم في أعقاب هجوم الكاتب المصري محمد حسنين هيكل على المملكة العربية السعودية، ووصفه نظامها بأنه غير قابل للبقاء، وأنه يتصرف بطريقة متخلفة، وهامشي، منتقدا الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيا، قائلا إنه “ليس حاضرا بما يكفي”.